شهادةُ الإنجيلِ أنهُ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له الأحدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ، وأنَّ عيسي عبدُ اللهِ ورسولُهُ صلَّيْ اللهُ عليهِ وسلمَ
* في إنجيل يوحنا (17/3) قال عيسى عليه السلام : " الحياةُ الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك ، والذي أرسلتَهُ يسوع المسيح "، وفي إنجيل متي (4/ 10 ) : " مكتوب : للرب إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد " ، وفي لوقا (4/8) مثله ، وفي يوحنا (8/26) يقول عيسى عليه السلام : " الذي أرسلني هو الحق ، وما أقوله للعالم هو ما سمعتُه منه ". وفي لوقا (7/16) بعد أن رأوا إحدى معجزات عيسى الدالة على نبوته وأنه عبد الله ورسوله : " مَجَّدُوا اللهَ قائلين : قد قام فينا نبي عظيم ، وتفقد الله شعبه ". فهو نبي الله وعبده ورسوله وليس إلها مع الله ، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا .
* وعيسى عليه السلام مُعَلِّمٌ وليس ربًّا ولا إلها ، ففي إنجيل متَّى (19/16-17) تَقَدَّمَ أحد الناس وَقَالَ لعيسى عليه السلام : " أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ " ، فَقَالَ لَهُ عيسى عليه السلام : " لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا ، لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ " . وفي مرقس (10/17-18) و لوقا (18/18-19) مثله .
وفي إنجيل مرقس (12/28-30و32) سأل أحد الكتبة عيسى عليه السلام : " أَيَّةُ وصية هي أُولي الوصايا جميعا , فقال يسوع : أولي الوصايا جميعا هي : " اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا رب واحد ، فأَحِبَّ الرب إلهك بكل قلبك ، وبكل نفسك ، وبكل فكرك ، وبكل قوتك ، هذه هي الوصية الأولي . فقال له الكاتب : صحيح يا مُعَلِّمُ حسب الحق تكلمت فإن الله واحد ، وليس آخر سواه ".
* وفي كتبهم أن جميع الخلق أبناء الله تعالي خاصة المؤمنين منهم ، وأن هذا ليس مختصاً بعيسي عليه السلام ، وهذه البنوة ليست بنوة ولادة ، ولكنها بنوة رعاية وعناية وقيام بالمصالح وهداية ، فالخلق عيال الله وأحبُّ الناس إلي الله أنفعهم لعياله :
ففي إنجيل متَّى (6/6) يقول عيسي عليه السلام مخاطبا أمته : " عندما تصلي ادخل غرفتك ، وأغلق عليك بابك ، وصلِّ إلي أبيك الذي في الخفاء ، وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك ". وفي متَّى (5/44-45) يقول : " صلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ، ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات ". وفي متَّى (6/9-12) علم عيسي عليه السلام تلاميذه الصلاة :
" أبانا الذي في السماء ليتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك علي الأرض كما هي في السماء ، خبزنا أعطنا اليوم ، واغفر لنا ذنوبنا ". وذكرها في لوقا (11/2-4) أيضا ، وفي إنجيل برنابا ( الفصل السابع والثلاثون ) ذكر الصلاة السابقة وقال عيسى في آخرها : " لأنك أنت وحدك إلهنا الذي يجب له المجد والإكرام إلى الأبد ".
وفي يوحنا (20/17) : " إني أصعد إلى أبي و أبيكم و إلهي و إلهكم " .
وهذا مصدّقٌ لما في القرآن الكريم :
* فقد أثبت رفع عيسى إلى السماء ونجاته ممن أرادوا قتله ، وكذَّبَ اللهُ تعالى مَنْ ادَّعى قتل المسيح أو صلبه .
قال الله تعالى : " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا (55) " (1) .
و قال الله سبحانه : " وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) " (2)
* بل وصف الإنجيلُ عيسي عليه السلام بأنه ابن الإنسان ، لينفي أنه ابن الله بمعني الولادة ، ووصفه بأنه يأكل ويشرب لينفي عنه الألوهية والربوبية :
فقال في متَّى (11/19) : " جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب " ، وفي لوقا (7/34) مثله . وقال في يوحنا ( 8/40) : " انا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " .
*** وفي القرآن الكريم :
يقول الله تعالى : " مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)"(3)
أي أن عيسي يأكل الطعام ويدخل الخلاء ليقضي حاجته ، لأن كل من يأكل في الدنيا فلابد أن يتغوط ويبول ، والله عز وجل منزه عن ذلك فهو الصمد عز وجل .
قال المفسرون : " الصمد : هو الذي لا يأكل ولا يشرب " (4).
و قال الله عز وجل : "وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) " (5).
* وفي إنجيل مرقس (12/28-30و32) سأل أحدُ الكتبة عيسى عليه السلام : " أَيَّةُ وصية هي أُولي الوصايا جميعا , فقال يسوع : أولي الوصايا جميعا هي : " اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا رب واحد ، فأَحِبَّ الرب إلهك بكل قلبك ، وبكل نفسك ، وبكل فكرك ، وبكل قوتك ، هذه هي الوصية الأولي . فقال له الكاتب : صحيح يا معلم حسب الحق تكلمت فإن الله واحد ، وليس آخر سواه ".
*** وفي القرآن الكريم : " وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) " (6).
وذكر الله سبحانه قول عيسى ووصيته لقومه : " مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ " (7) .
ـــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران (55).
(2) سورة النساء (156-158).
(3) سورة المائدة (75).
(4) تفسير ابن كثير (4/571).
(5) سورة التوبة (30-31).
(6) سورة المائدة (72).
(7) سورة المائدة (117).
لالا