صفات أمة الملكوت الجديد:
وقد قال المسيح لتلاميذه بعد أن قص عليهم مثلاً من أمثال الملكوت (مثل الزرع): " فانظروا كيف تسمعون، لأن من له سيعطى، ومن ليس له فالذي يظنه له يؤخذ منه " (لوقا 8/18).
وهكذا فهذه النصوص ذكرت أول صفة من صفات أمة الملكوت، إنها أمة مرذولة وضيعة لم تتعبد لله ولم ترسل إليها شرائعه، أمة يعجب بنو إسرائيل أن تتحول لها الريادة والاختيار.
ويقول الرب موضحاً صفة أخرى من صفات الأمة الجديدة التي ستنال ميراث البركة والنبوة من بني إسرائيل: "فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته، وقال: أحجب وجهي عنهم، وانظر ماذا تكون آخرتهم، إنهم جيل متقلب، أولاد لا أمانة فيهم، هم أغاروني بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً، بأمة غبية أغيظهم" (التثنية 32/19-21)، إن الأمة المصطفاة، الأمة التي كانت مرذولة، هي الأمة الجاهلة أو الغبية التي يغيظ الله بها بني إسرائيل، وقد قال الله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام: { ليغيظ بهم الكفار } (الفتح: 29).
وقد كاد بنو إسرائيل لهذه الأمة الجديدة فقالوا: " بأمة غبية أغيظهم " مع أن وصف الغباء لا توصف به الأمم، وإن وصفت بالجهل أو القسوة، فمن هذه الأمة الجاهلة أو الغبية التي ينتقم الله بها من بني إسرائيل؟ إنها أمة العرب { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } (الجمعة: 2).
لكن بولس يخطأ ويجعل هذه الأمة الغبية أمة اليونان، فيقول مؤكداً انتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يخطئ في تعيين الأمة الوارثة للملكوت: "لا فرق بين اليهودي واليوناني، لأن رباً واحداً للجميع، غنياً لجميع الذين يدعون به ... لكني أقول: ألعل إسرائيل لم يعلم، أولاً موسى يقول أنا أغيركم بما ليس أمة، بأمة غبية أغيظكم، ثم إشعياء يتجاسر ويقول: وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهراً للذين لم يسألوا عني، أما من جهة إسرائيل فيقول: طول النهار، بسطت يديّ إلى شعب معاند ومقاوم" (رومية 10/12-21)، فهو يؤمن بانتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يجعل الأمة الجديدة أمة اليونان الذين توجه لدعوتهم، وقد آمنوا به كما آمن كثير غيرهم، فلا وجه لخصوصهم به، والمعنى الذي يقصده للملكوت هو الاستجابة لدعوته، وهو معنى يضيق كثيراً عما نذكره من صفات أمة الملكوت العظيمة.
وأيضاً لا يصح أن تكون أمة اليونان هي الأمة الغبية التي ترث الملكوت، لأن اليونان أمة حضارة وعلم، وبولس نفسه يقول عن اليونانيين: "لأن اليهود يسألون آية، واليونانيين يطلبون حكمة" (كورنثوس (1) 1/22)، فكيف يوصف طلاب الحكمة بالغباء أو الجهل؟!
فالأمة الجديدة هي - ولا ريب - أمة العرب الموعودة بالبركة دون سائر الأمم، وقد جاء في كلام إشعيا متنبئاً بالنبي الذي يظهر منها، فذكر أنه يهرب من قومه، ثم ينتصر عليهم، ويفني مجدهم بعد برهة، ليبدأ بعدها مجد جديد، وهو النبي الذي تسقط على يديه دولة بابل الفارسية، وتنكسر عند قدميه آلهتها المنحوتة فيقول: "قال لي السيد: اذهب أقم الحارس، ليخبر بما يرى، فرأى ركاباً أزواج فرسان، ركاب حمير، ركاب جمال، فأصغى إصغاء شديداً، ثم صرخ كأسد: أيها السيد أنا قائم على المرصد دائماً في النهار، وأنا واقف على المحرس كل الليالي، وهوذا ركاب من الرجال، أزواج من الفرسان. فأجاب وقال: سقطت، سقطت بابل، وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض.
يا دياستي وبني بيدري، ما سمعته من رب الجنود إله إسرائيل أخبرتكم به، وحي من جهة دومة.صرخ إليّ صارخ من سعير: يا حارس ما من الليل، يا حارس ما من الليل. قال الحارس: أتى صباح وأيضاً ليل، إن كنتم تطلبون فاطلبوا. ارجعوا تعالوا، وحي من جهة بلاد العرب، في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من السيوف قد هربوا .... قال لي السيد: في مدة سنة كسنة الأجير، يفنى كل مجد قيدار " (إشعيا 21/ 6 - 16).
والنص بعد حديثه عن سقوط فارس يعود ليتحدث إلى الددانيين من أهل تيماء، ويطلب منهم حماية الهارب إلى بلادهم الوعرة، ويبشرهم بفناء مجد أبناء قيدار بن إسماعيل بعد برهة بسيطة.
والددانيون كما قال معجم الكتاب المقدس هم سكان تيماء في شمال الحجاز، ولا تخفى الوعورة في تضاريس تلك البلاد، والنص يبشر بانتصار المسلمين بعد سنة أو ثمان في معركة بدر أو فتح مكة على أبناء قيدار، وقيدار هو الابن الثاني لإسماعيل. (انظر التكوين 25 / 13).
واسم قيدار يطلق أيضاً على البلاد التي غلب عليها ذرية قيدار كما في قوله: "قال الرب: قوموا اصعدوا إلى قيدار" (إرميا 49/ 28)، وهو المراد بقوله " يفنى كل مجد قيدار" ، فهو يبشر بانتصار المسلمين على أبناء بلاد قيدار.
ويقول إشعيا في وصف تلك الأمة: " من أنهض من المشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه دفع أمامه أمماً، وعلى ملوك سلطه، جعلهم كالتراب بسيفه، وكالقش المنذري بقوسه، طردهم، مر سالماً في طريق لم يسلكه برجليه، من فعل وصنع داعياً الأجيال من البدء. أنا الرب الأول، ومع الآخرين أنا هو " (إشعيا 41/2 - 4) وإذا كان النص نبوءة فبمن تحققت النبوءة؟ ومن ذا المسلط على الشعوب من قبل الرب الآتي من المشرق؟ وهي ما قد يطلق على بلاد العرب كما جاء في إرمياء "اصعدوا إلى قيدار، أخربوا بني المشرق " (إرمياء 49/28).
ولقد كان المسلمون هم الأمة التي عذب الله بني إسرائيل على يديها، بعد أن عذبهم على يد بختنصر " لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود واستهانوا بكلام قدوس إسرائيل، من أجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه، ومد يده عليه وضربه حتى ارتعدت الجبال، وصارت جثثهم كالزبل في الأزقة" (إشعيا 5/24-25).
وقد قال المسيح لتلاميذه بعد أن قص عليهم مثلاً من أمثال الملكوت (مثل الزرع): " فانظروا كيف تسمعون، لأن من له سيعطى، ومن ليس له فالذي يظنه له يؤخذ منه " (لوقا 8/18).
وهكذا فهذه النصوص ذكرت أول صفة من صفات أمة الملكوت، إنها أمة مرذولة وضيعة لم تتعبد لله ولم ترسل إليها شرائعه، أمة يعجب بنو إسرائيل أن تتحول لها الريادة والاختيار.
ويقول الرب موضحاً صفة أخرى من صفات الأمة الجديدة التي ستنال ميراث البركة والنبوة من بني إسرائيل: "فرأى الرب ورذل من الغيظ بنيه وبناته، وقال: أحجب وجهي عنهم، وانظر ماذا تكون آخرتهم، إنهم جيل متقلب، أولاد لا أمانة فيهم، هم أغاروني بما ليس إلهاً، أغاظوني بأباطيلهم، فأنا أغيرهم بما ليس شعباً، بأمة غبية أغيظهم" (التثنية 32/19-21)، إن الأمة المصطفاة، الأمة التي كانت مرذولة، هي الأمة الجاهلة أو الغبية التي يغيظ الله بها بني إسرائيل، وقد قال الله تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام: { ليغيظ بهم الكفار } (الفتح: 29).
وقد كاد بنو إسرائيل لهذه الأمة الجديدة فقالوا: " بأمة غبية أغيظهم " مع أن وصف الغباء لا توصف به الأمم، وإن وصفت بالجهل أو القسوة، فمن هذه الأمة الجاهلة أو الغبية التي ينتقم الله بها من بني إسرائيل؟ إنها أمة العرب { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } (الجمعة: 2).
لكن بولس يخطأ ويجعل هذه الأمة الغبية أمة اليونان، فيقول مؤكداً انتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يخطئ في تعيين الأمة الوارثة للملكوت: "لا فرق بين اليهودي واليوناني، لأن رباً واحداً للجميع، غنياً لجميع الذين يدعون به ... لكني أقول: ألعل إسرائيل لم يعلم، أولاً موسى يقول أنا أغيركم بما ليس أمة، بأمة غبية أغيظكم، ثم إشعياء يتجاسر ويقول: وجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهراً للذين لم يسألوا عني، أما من جهة إسرائيل فيقول: طول النهار، بسطت يديّ إلى شعب معاند ومقاوم" (رومية 10/12-21)، فهو يؤمن بانتقال الملكوت عن بني إسرائيل، لكنه يجعل الأمة الجديدة أمة اليونان الذين توجه لدعوتهم، وقد آمنوا به كما آمن كثير غيرهم، فلا وجه لخصوصهم به، والمعنى الذي يقصده للملكوت هو الاستجابة لدعوته، وهو معنى يضيق كثيراً عما نذكره من صفات أمة الملكوت العظيمة.
وأيضاً لا يصح أن تكون أمة اليونان هي الأمة الغبية التي ترث الملكوت، لأن اليونان أمة حضارة وعلم، وبولس نفسه يقول عن اليونانيين: "لأن اليهود يسألون آية، واليونانيين يطلبون حكمة" (كورنثوس (1) 1/22)، فكيف يوصف طلاب الحكمة بالغباء أو الجهل؟!
فالأمة الجديدة هي - ولا ريب - أمة العرب الموعودة بالبركة دون سائر الأمم، وقد جاء في كلام إشعيا متنبئاً بالنبي الذي يظهر منها، فذكر أنه يهرب من قومه، ثم ينتصر عليهم، ويفني مجدهم بعد برهة، ليبدأ بعدها مجد جديد، وهو النبي الذي تسقط على يديه دولة بابل الفارسية، وتنكسر عند قدميه آلهتها المنحوتة فيقول: "قال لي السيد: اذهب أقم الحارس، ليخبر بما يرى، فرأى ركاباً أزواج فرسان، ركاب حمير، ركاب جمال، فأصغى إصغاء شديداً، ثم صرخ كأسد: أيها السيد أنا قائم على المرصد دائماً في النهار، وأنا واقف على المحرس كل الليالي، وهوذا ركاب من الرجال، أزواج من الفرسان. فأجاب وقال: سقطت، سقطت بابل، وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة كسرها إلى الأرض.
يا دياستي وبني بيدري، ما سمعته من رب الجنود إله إسرائيل أخبرتكم به، وحي من جهة دومة.صرخ إليّ صارخ من سعير: يا حارس ما من الليل، يا حارس ما من الليل. قال الحارس: أتى صباح وأيضاً ليل، إن كنتم تطلبون فاطلبوا. ارجعوا تعالوا، وحي من جهة بلاد العرب، في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من السيوف قد هربوا .... قال لي السيد: في مدة سنة كسنة الأجير، يفنى كل مجد قيدار " (إشعيا 21/ 6 - 16).
والنص بعد حديثه عن سقوط فارس يعود ليتحدث إلى الددانيين من أهل تيماء، ويطلب منهم حماية الهارب إلى بلادهم الوعرة، ويبشرهم بفناء مجد أبناء قيدار بن إسماعيل بعد برهة بسيطة.
والددانيون كما قال معجم الكتاب المقدس هم سكان تيماء في شمال الحجاز، ولا تخفى الوعورة في تضاريس تلك البلاد، والنص يبشر بانتصار المسلمين بعد سنة أو ثمان في معركة بدر أو فتح مكة على أبناء قيدار، وقيدار هو الابن الثاني لإسماعيل. (انظر التكوين 25 / 13).
واسم قيدار يطلق أيضاً على البلاد التي غلب عليها ذرية قيدار كما في قوله: "قال الرب: قوموا اصعدوا إلى قيدار" (إرميا 49/ 28)، وهو المراد بقوله " يفنى كل مجد قيدار" ، فهو يبشر بانتصار المسلمين على أبناء بلاد قيدار.
ويقول إشعيا في وصف تلك الأمة: " من أنهض من المشرق الذي يلاقيه النصر عند رجليه دفع أمامه أمماً، وعلى ملوك سلطه، جعلهم كالتراب بسيفه، وكالقش المنذري بقوسه، طردهم، مر سالماً في طريق لم يسلكه برجليه، من فعل وصنع داعياً الأجيال من البدء. أنا الرب الأول، ومع الآخرين أنا هو " (إشعيا 41/2 - 4) وإذا كان النص نبوءة فبمن تحققت النبوءة؟ ومن ذا المسلط على الشعوب من قبل الرب الآتي من المشرق؟ وهي ما قد يطلق على بلاد العرب كما جاء في إرمياء "اصعدوا إلى قيدار، أخربوا بني المشرق " (إرمياء 49/28).
ولقد كان المسلمون هم الأمة التي عذب الله بني إسرائيل على يديها، بعد أن عذبهم على يد بختنصر " لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود واستهانوا بكلام قدوس إسرائيل، من أجل ذلك حمي غضب الرب على شعبه، ومد يده عليه وضربه حتى ارتعدت الجبال، وصارت جثثهم كالزبل في الأزقة" (إشعيا 5/24-25).