بولس والمتهودين
سفر أعمال الرسل الفيلم التاريخي “بولس والمتهودين“
قبل أن أشرع في تفنيد سفر أعمال الرسل ظننت بأنني سأجد أحداث ومعلومات قيمة قد تنصف العقيدة المسيحية إلا أنني صُدمت حيث انني لم اجد إلا قصة طويلة عريضة كتبها مؤلف ساذج ركيك المعنى والفكر .
يجب الوضع في الإعتبار بأننا نُفند رسالة كاتبها ليس بشاهد عيان ولكنه كتب أخبار نقلا عن السامعين- ونلاحظ ايضا بأن اسم كاتبها غير مذكور البتة داخل سفر أعمال الرسل (اضغط هنا)، فكون أن العقيدة المسيحية مبنية على الظن والتخمين فعليه دار الظن والتخمين فأصبح لوقا هو الكاتب بلا قاعدة وبلا قانون … فما هي سلسلة نسبه ولمن ينتمي؟ .. يمكنك ايضا التخمين والظن لتجد إجابة على هذا السؤال مع استخدام (يمكن – نظن – يُحتمل – يُفترض – نأمل – نرى – رُبما …إلخ).
.
تم تصميم وكتابة سفر أعمال الرسل لخدمة بولس ليس إلا وقد ذُكر اسمه اكثر من مائة وخمسون مرة أي أن أسمه مذكور بأكثر من تسعة مرات في كل إصحاح (يا للهول) ، فقد كُتب ستة عشر إصحاحا من ثمانية وعشرون اصحاحا بسفر أعمال الرسل (57%) من أجل قصة دمشق والتي صدرها لنا بولس وهي قصة خرافية تكررت ثلاثة مرات تدور حول رحلته لدمشق (اضغط هنا)، وعلى الرغم من الأخطاء والتناقضات التي تشوب هذه الرحلة إلا ان الغرض منها نقل اخبار مكذوبة وعلاقات بين تلاميذ يسوع وبولس كمحاولة لإشراكه في الكرازة واعتباره احد الرسل ولكن الملفت للنظر هو أن جميع تلاميذ يسوع الأثنا عشر (تقريبا) ما كانت لهم علاقة ببولس ولم يعترفوا به حتى في كتاباتهم ، كما أن سفر أعمال الرسل لم يذكر لنا علاقة دارت بين بطرس وبولس أو متى وبولس أو بين أندروس وبولس أو بين توما وبولس أو بَرْثُولَمَاوُسُ وبولس أو بين يعقوب بن حلفي وبولس أو بين سمعان الغيور وبولس .. إلخ ، وكلنا نعلم أن بطرس ومتى العشار وتوما ويوحنا الإنجيلي هم التلاميذ الأكثر شهرة وقوة ومكانة لم يتحالفوا مع بولس – بل المصيبة هي حدوث مشاجرة عقائدية بين بولس وبطرس بسبب أن بطرس كان يحمل إنجيل الختان والتمسك بالناموس والعادات اليهودية التي مارسها واكد عليه يسوع .. وهذا البولس الذي كان يحمل إنجيل الأمم والتحرر من الناموس الذي لا فائدة ولا جدوى منه فحدث النزاع .
لذلك حين تقرأ عن بولس في سفر الأعمال وتقرأ عن بولس في الرسالات المنسوبة له ستكتشف بأننا نتحدث عن بولسان مختلفان(اضغط هنا) .. شخص وديع وخاضع للكنيسة ويُنفذ ما يُأمر به ، ولكن في رسالاته تجده ينكر الوادعة والطاعة ويعلن عن نفسه كشخص ذا سلطان يُسافر ويتجول بإرادته الشخصية دون أي إملاءات من أحد وثورة باطشة ضد تلاميذ يسوع وتعاليم تخالف تعاليم يسوع وتلاميذه (راجع الفارق بين تعاليم بولس وتعاليم بطرس) .
كتاب أعمال الرسل هو عبارة عن قصة تاريخية للكنيسة الأولى بلا سند أو دليل ولا توجد كتابات أخرى مؤيدة أو مُحايدة تتوافق أو تؤكد صدق ما جاء عن أخبار … وعادة الأخبار والشهادات الآحاد مرفوضة وتفقد المصادقية (2كور13:1) وغير معترف بها طبقاً لتشريعات الكنيسة .
من أراد أن يطالع مؤلفا قديماً وجب عليه أن يثبت نصه ، والحال أن إثبات نص أعمال الرسل مسألة معقدة . حتى أن الخُطب في سفر اعمال الرسل تطرح مسائل أشد تعقيدا من مسائل الروائية ، فلا يخفى على أحد أن المؤرخين القدماء كانوا يعدون أمراً طبيعيا أن يؤلفوا ، بكثير أو قليل من التصرف ، ما يجعلون من الخطب على ألسنة الأشخاص الذين يتكلمون عليهم .
ان قصر أكثر خطب اعمال الرسل لا يسمح بأن نرى فيها خطب مختزلة أو ذكريات حُفظت بكاملها .. فهناك أمور غير معقولة أو وجوه شبه في اللغة والتفكير بين الخطب والروايات تدل على تدخل المؤلف في إنشاء الخًطب.
وهناك ناحية اخرى لسفر أعمال الرسل من جهة كونه وثيقة تاريخية لا بد من لفت النظر إليها ، وهي إغفال بعض الأمور . فالكتاب على سبيل المثال لا يقول شيئا في إنشاء كنائس كثيرة يذكرها ولا يفوه بكلمة عما وقع من خلافات بين بولس وكنيسة كورنثوس أو تسالو###ي .. فإغفال هذه الأمور وغيرها ، ايا كانت أسبابه يدل على أن أعمال الرسل ليست تاريخا عاما للمسيحية القديمة ولا سيرة حقيقية كاملة لبولس فلا حديث ولا خبر إلا عن العلاقة النارية والحرب الضروس بين بولس والمتهودين ، فهل اصبح المؤمنين عار على العقيدة المسيحية ؟
.
القارئ الجيد لأعمال الرسل ورسالات بولس يتأكد بأن سفر أعمال الرسل لم يذكر من قريب أو بعيد الرسائل المنسوبة لبولس ولم يذكر قصة موته والأحداث التي مر بها ، ولكنه يكشف لنا بأن بولس مات عام 63 م وليس 68 م كما تدعي الكنائس وبذلك الرسائل الرعوية (تيطس وتيموثاوس) منسوبة لبولس بالباطل … وهذا ليس بغريب لأن كل شيء حول هذا الكتاب غامض ، فكاتبه غامض وتاريخ كتابته غامض ومكان الكتابة غامض والمرسل إليه غامض ايضا ، فكانت المكافأة هو إصدار قانون كنسي يُبيح قانونية هذا السفر كأحد المراجع المقدسة للكنيسة وشعبها واعتباره كتاب مُلهم بوحي سماوي رغم كل هذه السقطات .
انتهي
.
المرجع هنا