حادثة الزانية:
جاء اليهود لعيسى بزانية متلبسة بالفعل. فسألوه ما عقابها. فقال عيسى: "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر". (يوحنا 8/7). "ثم سألها: أَمَا أدانك أحد. فقالت: لا أحد يا سيد. فقال لها: ولا أنا أدينك". (يوحنا 8/10-11).
نلاحظ على هذه النصوص ما يلي:
1- هذه الحادثة غير موجودة في الأناجيل الثلاثة الأخرى! لماذا وبالأخص إذا علمنا أنها حادثة هامة فيها موقف هام ؟!
2- لقد رفض عيسى الحكم برجمها أو السماح برجمها. وهذا تشجيع للزنى.
3- موقف عيسى مناقض لقوله "لا تزن". (لوقا 18/20).
4- موقف عيسى مناقض لشريعة موسى التي تحكم بالرجم (يوحنا 8/5).
5- بهذا الموقف ألغى عيسى عقوبة الزنى وهو الذي قال: "كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه". (متى 5/28). يحُرِّم النظرة ثم يسامح الزانية!!!
6- رفض عيسى إدانتها دون السماع إلى شهود الإثبات أو النفي. بَرَّأها دون دليل!!! تعاطفه معها بدا وكأنه ترخيص بالزنى وتشجيع عليه!!!!
7- هذه القصة تعتبر كارثة تشريعية قضائية. زانية يتطوع عيسى بتبرئتها دون أن تنفي هي التهمة عن نفسها ودون أن يطلب عيسى شهوداً لها أو عليها!!!!
8- ماذا الموقف ؟! وما هذا التشريع ؟! وما هذا القضاء ؟! وما هذا الحكم ؟! وأين العزم والحزم في تنفيذ شرع الله ؟!!
9- من المحتمل أن الحادثة مختلفة بقصد الاستناد إليها في إلغاء عقوبة الزنى. وهكذا كان: إدانة الزنى لفظياً والسماح به عملياً !!!
لا يديـن:
قال عيسى: "أما أنا فلست أدين أحداً". (يوحنا 8/15).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- في النص المذكور عيسى ينفي أنه يدين أحداً. وهذا يناقض قوله: "الآب لا يدين أحداً، بل أعطى كل الدينونة للابن". (يوحنا 5/22). نص يقول عيسى لا يدين أحداً ونص يقول يدين. يوحنا يناقض يوحنا.
2- النص يناقض أيضاً نصاً بعده مباشرة "إن كنت أنا أدين فدينونتي حق لأني لست وحدي بل أنا والأب الذي أرسلني". (يوحنا 8/16)، أي أنه يدين هو والله معاً.
3- صار هناك ثلاثة نصوص متناقضة. نص يقصر الإدانة على عيسى، ونص يقصرها على الله، ونص يجعل الإدانة مشتركة بينهما!!!
4- ثلاثة نصوص في إنجيل واحد كل نص يناقض الآخر !!!
رسولية عيسى:
الإنجيل مليء بالنصوص التي تدل بوضوح على أن عيسى نفسه يقول بكل صراحة إنه رسول من الله. ومنها ما يلي:
1- "لكن الذي أرسلني هو حق". (يوحنا 8/26).
2- "وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم". (يوحنا 8/26).
3- "لست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبي". (يوحنا 8/28).
4- "والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي". (يوحنا 8/29).
5- "أنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله". (يوحنا 8/40).
6- "لأني لم آت من نفسي بل ذاك أرسلني". (يوحنا 8/42).
هذه النصوص تؤكد أن عيسى مرسَل من الله، وأنه يبلغ رسالة الله إلى الناس، وأن المعجزات التي يؤديها هي من عند الله، وليست من عند نفسه، وأنه إنسان ناقل لوحي الله، وأنه لم يأت من تلقاء نفسه بل هو رسول الله. فماذا بعد هذا الوضوح من وضوح؟!! أين الذين يريدون أن يسمعوا ؟ أين الذين يريدون أن يقرأوا ؟ أين الذين يريدون أن يفهموا ؟ أين الذين يريدون أن يهتدوا ؟
الأب المجازي:
قال اليهود لعيسى: "إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد هو الله". (يوحنا 8/41). فقال لهم عيسى: "أنتم من أب هو إبليس". (يوحنا 8/24).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- إشارتهم إلى الزنى غمز من اليهود في ميلاد عيسى، إذ كانوا يزعمون أن مرمي ولدته من زنى (حاشا لله)!!
2- قولهم إن أباهم هو الله مجاز طبعاً، المقصود به "سيد واحد".
3- قوله "أبوهم إبليس" مجاز أيضاً بمعنى "سيدهم" أو "محركهم".
4- إن سوء استخدام كلمة (أب) في الإنجيل مصدر بلبلة كبيرة. فقد جعلوا إبليس أباً، والله أباً لعيسى، وأباً للناس. ومرة قبولها مجازاً ومرة أصروا على المعنى الحرفي!! جعلوها مجازية حيث راق لهم ذلك وجعلوها حرفية حيث راق لهم ذلك!!!
5- حوار عيسى مع اليهود والاتهامات المتبادلة بينه وبينهم على النحو المذكور انفرد به يوحنا ولم تذكرها سائر الأناجيل.
قبل إبراهيـم:
قال عيسى لليهود في الهيكل في موقف جدال معهم: "الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن. فرفعوا حجارة ليرجموا. أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى هكذا". (يوحنا 8/58-59).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- كيف كان عيسى قبل إبراهيم في حين أن عيسى جاء بعد إبراهيم بما يزيد عن ألف وسبع ومئة سنة ؟!!!
2- أراد اليهود رجم عيسى، كعادتهم المفضلة مع الأنبياء: تكذيب، تهديد، رجم، قتل!! هذا هو الشعب المختار بزعمه!!!
3- اختفى عيسى من بينهم دون أن يستطيعوا الإمساك به. وهذه ميزة لديه أو معجزة زوده بها الله: الاختفاء حين يحتاج إلى الاختفاء. ولقد تكرر هذا الاختفاء مرات عديدة. ولذلك يجب ألا نستغرب اختفاءه من بين الجنود ليلة المداهمة ونجاته من الإمساك والصلب. بل بالعكس يجب أن نستغرب إن أمسكوا به، لأنه في كل مرة يريدون إيذاءَه كان يهرب من وسطهم ويختفي بسرعة وينجو. فكيف لا يفعل ذلك حين جاءه الجنود مدججين بالسلاح ؟ وكانت تلك أول مرة يطلبه العسكر. كان في السابق يواجه خطر عامة الناس وكان يختفي بسرعة وينجو من وسطهم. فالأولى أن يفعل الشيء نفسه حين يتعرض لخطر حقيقي من عسكر جاؤوه قاصدين إلقاء القبض عليه وسوقه إلى الوالي. إن كل الدلائل والقرائن تدل على أن من كان يختفي من العامة يطلبونه في فورة غضب وبلا سلاح معهم حري به أن يختفي من العسكر جاؤوا باحثين عنه قاصدين سوقه إلى المحاكمة والسجن والصلب.
شفاء الأعمى:
شفى عيسى أعمى فلم يصدق اليهود. سألوا الأعمى نفسه فأقر بالشفاء. ولكنهم لم يصدقوا. فسألوا والديه فأقرا بعمى ابنهما وشفائه. فلم يصدقوا. فتشاجروا مع الأعمى نفسه الذي قال: "لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئاً" (يوحنا 9/33).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- القصة لم ترد في الأناجيل الأخرى على هذا النحو!!
2- اليهود كعادتهم لا يريدون تصديق الرسل رغم معجزاتهم الأكيدة الواضحة. يشفي عيسى المرض أمامهم ويحيي الموتى أمامهم ويشفي العمي والبكم والصم أمامهم، فبدلاً من أن يؤمنوا ويخضعوا لله يكذبون عيسى ويهمون برجمه ويتهمونه بأنه "سامري فيه شيطان"!!!
3- الأعمى يرجع معجزة شفائه إلى الله. وهو على حق طبعاً.
هو الآب:
عن عيسى قوله: "أنا والآب واحد". (يوحنا 10/30).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- إذا كان المعنى أن ما يقوله عيسى هو من عند الله فلا اعتراض على النص، أي كأنه يقول لا فرق بين ما أقول وما أوحى الله به إليّ.
2- أما إذا كان المعنى أنه مع الله يشكل ذاتاً واحدة وأنه هو الله والله هو، فهذا بالطبع قول مرفوض. ولنا أن نسأل وأين الروح القدس إذا كانوا ثلاثة في واحد ؟! هنا لا نرى سوى اثنين فأين الثالث ؟!!
أنا فيـه:
عن عيسى قوله: وتؤمنوا أن الآب وأنا فيه". (يوحنا 10/38). تكثر في إنجيل يوحنا عبارات من هذا النوع: أنا فيه وأنتم فيه فينا وهم فيه والكل في الكل وهو فيهم وهم فيه وأنا فيكم.. إلخ. ما معنى هذه الجمل ؟! وكيف يكون س في ص وص في س، إذا كان معنى (في) هو (داخل) ؟! كيف يكون س داخل ص وص داخل س في الوقت ذاته ؟!! غير ممكن. إن استعمال كلمة (في) هنا يثير البلبلة والاضطراب. وقد فهمها البعض على أنها تدل على أن الله في عيسى وعيسى في الله (أي التجسيد). ولكن لو صح ذلك فكيف نفسر (الكل في الكل) ؟ وكيف نفسر هم فيه وأنا فيكم وأنتم فيّ ؟! هل تجَسَّد الناس في المسيح ؟! وهل تجسد المسيح في الناس ؟!
إن التفسير المأمون والمعقول لهذه العبارات لابد أن يعطي (في) معنى غير معنى (داخل). إنها تعني المحبة. (هو في الله) لا يمكن أن تعني سوى (خضوعه وطاعته لله).
إن الدخول والحلول والتجسيد معانٍ غير مقبولة ولا معقولة. والأولى واقعياً ومنطقياً أن يكون المعنى (المحبة والخضوع والطاعة). إضافة إلى هذا، إن النص المذكور لم يرد إلاّ في إنجيل يوحنا. كما أن اتحاد الاثنين يثير سؤالاً عن الأقنوم الثالث (الروح القدس)، إذ إن الكنيسة تقول الثلاثة في واحد، وهنا عيسى يقول إنه في الآب والآب فيه، فأين الثالث ؟!! لماذا لم يدخل الثالث فيهما ويدخلا فيه حتى يصير الثلاثة واحداً ؟!! هذا يدحض التثليث، لأنه لو كان التثليث صحيحاً لذكر عيسى الروح القدس كلما ذكر الله أو ذكر نفسه!!