بعد أكثر من ثلاثة قرون من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ
اجتمع الخـلف مـن النصارى في نيقية سنة 325 م ، وصدر عن هذا الاجتماع أول قانون
إيمان مقـدس لهم ، أقروا فيه اعتقاد ألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ كما أشاروا فيه
إلى الـروح القدس بقولهم : (( ونؤمن بالروح القدس )) دون أن يذكروا حقيقته
والأعمـال الموكولة إليه ، وإنما أعلنوا إيمانهم به فقط ، ولعل عدم ذكرهم لحقيقته
لأجل تبـرئة أنفسهم من الافتراء اليهودي على الروح القدس .
وبعد أكثر من خمسين سنة عقدوا مجمعاً آخر
في مدينة القسطنطينية سنة 381 م ، فأقروا قانون الإيمان السابق في نيقية ، ثم
أضافوا الاعتقاد بألوهية الروح القـدس ، مع بيان بعض صفاته ، فقالوا :
(( ونؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق مـن الآب ،
الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد ، الناطق في الأنبـياء )) ، وجاء أيضاً عن صفات الروح
القدس حسب تعبير أحد قديسيهم القدماء قوله : (( الناطق بالناموس ،
والمعلم بالأنبياء الذي نزل إلى الأردن ونطق بالرسل ، وهو يحل في القديسين ، وهكذا
نؤمن به أي أنه الروح القدس روح الله ))
، كما جاء في قاموس كتابهم المقدس :
(( ويعلمنا الكتاب المقدس بكل وضوح عن ذاتية الروح القدس ، وعن ألوهيته
، فنسب إليه أسماء الله كالحي ، ونسب إليه الصفات الإلهية كالعلم ، ونسب إليه
الأعمال الإلهية كالخلق ، ونسب إليه العبادة الواجبة لله ، وإذ حبلت السيدة العذراء
حبل بالمسيح فيها من الروح القدس ، ولما كتب الأنبياء والرسل أسفار الكتاب المقدس ،
كانوا مسوقين من الروح القدس ، الذي أرشدهم فيما كتبوا ، وعضدهم وحفظهم من الخطأ ،
وفتح بصائرهم في بعـض الحـالات ليكتبوا عـن أمور مستقبلة ))
.
وبعد أن أقروا في مجمع القسطنطينية قانون
مجمع نيقية السابق المتضمن اعتقاد ألوهية المسيح ، ثم إضافتهم اعتقاد ألوهية الروح
القدس ، فقد اكتملت عند النصارى الأقانيم الثلاثة ، لكن ذلك لم يحل دون وجود من
ينكر بعض هذه الاعتقادات المنافية للتوحيد ، فقد كان سبب عقد مجمع القسطنطينية ـ
الآنف الذكر ـ الذي أضافوا فيه الاعتقاد بألوهية الروح القدس ، أن أسقف القسطنطينية
البطريرك مكدونيوس ينكر ألوهية الروح القدس ، ويعتقد أنه كسائر المخلوقات ، وخـادم
للابن كأحد الملائكة ، وقد ناقشه المجـمع ، ثم أصدر قراراً بحرمانه وحـرمان دعـوته
، وتجـريده مـن رتبته الدينية ، وهذا يدل على وجود دعاة التوحيد ، ومعارضتهم
للاعتقادات المنافية له ، التي تنسب الألوهية لغير الله .
ثم ظهر الاختلاف حول أم المسيح ـ عليه
السلام ـ حيث ظهر من يدعو بأن مريم لاتدعى أم الإله ، بل أم الإنسان ، وأحدث هذا
نزاعاً شديداً بين كنائس النصارى ، لأن صاحب هذه الدعوة هو البطريرك نسطور بطريرك
كنيسة القسطنطينية .ولأجل حل النزاع في هذه القضية عقدوا مجمع أفسس الأول سنة 431 م
، وصدر عنه القرار الآتي : (( نعظمك يا أم النور الحقيقي ، ونمجدك
أيتها العذراء المقدسة ، والدة الإله ، لأنك ولدت لنا مخلص العالم ، أتى وخلص
نفوسنا ، المجد لك ياسيدنا وملكنا المسيح ، فخر الرسل ، إكليل الشهداء ، تهليل
الصديقين ، ثبات الكنائس ، غفران الخطايا ، نبشر بالثالوث المقدس ، لاهوت واحد ،
نسجد له ونمجده )) .
ثم ظهر الاختلاف حول طبيعة المسيح بعد
اعتقادهم ألوهيته ، فعقدوا مجمعاً في خلقدونية سنة 451 م ، فقرر الكاثوليك الاعتقاد
أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين ، طبيعة إنسانية كاملة ، وطبيعة إلهية كاملة ، ومشيئة
إنسانية كاملة ، ومشيئة إلهية كاملة، وأن الأب مستقل بأقنومه ، والمسيح مستقل
بأقنومه ، وهما متساويان في اللاهوت فقط ، وقد رفض الأرثوذكس هذه العقيدة وزعموا أن
المسيح هو الله ( تعالى الله عن قولهم ) ، وقالوا : إن للمسيح طبيعة إلهية واحدة
ومشيئة إلهية واحدة ، فقرر أساقفة روما مع بعض أساقفة الشرق الحكم بعزل بطريرك
الإسكندرية ونفيه ؛ لأنه كان يدعي أن للمسيح طبيعة واحدة ، ثم نادوا بعقيدة
الطبيعتين والمشيئتن ، وبعدها رفضت كنيسة الإسكندرية قرارات مجمع خلقدونيه ، كما
رفضت قرارات المجامع التي عقدت في القسطنطينية بعد ذلك سنة 553 م ، وسنة 610 م ،
وسنة 786م ، لمخالفة الذين اشتركوا فيها مع عقيدتهم بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة
واحدة .
ثم ظهر نزاع آخر بين النصارى بسبب الاختلاف
بينهم حول انبثاق الروح القدس ، هل هو من الأب فقط ، أم من الأب والابن ؟ فعقدوا
لذلك مجمعاً لحل النزاع في هذه القضية في طليطلة بأسبانيا سنة 589م ، فأقروا فيه
نفس قانون الإيمان السابق ، ثم أضافوا الاعتقاد بانبثاق الروح القدس من الابن أيضاً
، وقد أصبحت هذه الزيادة هي عقيدة الكنائس الغربية الكاثوليكية والإنجيلية التي تنص
على انبثاق الروح القدس من الأب والابن ، ورفضت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية هذه
الزيادة ،وظلت متمسكة باعتقاد أن الروح القدس منبثق من الأب وحده
.
ويلاحظ المتتبع لمراحل تكوين العقائد
النصرانية كثرةعقد المجامع الدينية التي تصدر قرارات جديدة بإضافات حول العقيدة ،
وسبب ذلك كثرة المعارضين للعقائد الدخيلة من أنصار دعوة التوحيد ، أو من الذين ما
زالوا على بقايا من دعوة المسيح ، أو من الذين لم يعتقدوا هذه العقيدة أو تلك ،
فمنهم من ينكر لاهوت المسيح ، ومنهم من ينكر لاهوت الروح القدس ، ومنهم من ينكر
وجود الأقانيم الثلاثة ، ومنهم من ينكر عقيدة الصلب والفداء ، ويعتقد أن خطيئة آدم
قاصرة عليه ، ولم تنتقل إلى نسله ، وهذه الظاهرة هي السبب في تعدد عقد المجامع ،
لأن أنصار كل فريق يعقدون اجتماعاً للرد على أنصار الفريق الآخر وإبطال قوله ،
والنتيجة تنتهي ليس بكثرة العدد وقوة الحجة وموافقة الحق ، وإنما بقرار من رجال
الدين الذين تدعمهم السلطة السياسية ، بما تتفق أهواؤهم ومصالحهم عليه ، ثم يحسم
الأمر ويتقرر في النهاية أي الفريقين يفوز بالتأييد ، وفي كثير من الأحيان تتدخل
السلطة السياسية بحسم الأمر حسب ماتراه محققاً لوحدة الا مبراطورية من التمرزق
والانقسام.
وشاهد ذلك أن الامبراطور قسطنطين قد أعلن
ميوله وعطفه على النصارى من أجل الحفاظ على مقومات النصر على خصمه ، فأعلن دفاعه عن
مذهب أثناسيوس القائل بالتثليث حينما كانت عاصمة دولته في روما ، ومن أجل ذلك رأس
مجمع نيقية سنة 325م ، وتذكر مصادر النصارى أن أولئك الثلاثمائة والثمانية عشر لم
يكونوا مجمعين على القول بألوهية المسيح ، ولكن اجماعهم كان تحت سلطان الإغراء
بالسلطة الذي قام به قسطنطين بدفعه إليهم شارة ملكه ليتحكموا في المملكة ، فقد
دفعهم حب السلطان إلى أن يوافقوا هوى قسطنطين الذي ظهر في عقد مجلس خاص بهم دون
الباقين ، لاعتقاده إمكان إغرائهم ، فأمضى أولئك ذلك القرار تحت سلطان الترغيب أو
الترهيب ، أوهما معاً ، وبذلك قرروا ألوهية المسيح ، وقسروا الناس عليه بقوة السيف
ورهبة الحكام .
وحينما صدر قرار مجمع نيقية ضد أريوس
وحرمانه ، وتجريده من رتبته الدينية ، صدَق قسطنطين على ذلك القرار .
فلما عزم الامبراطور قسطنطين على نقل عاصمة
دولته من روما إلى القسطنطينية ، والتي يوجد فيها أكثرية نصرانية تعتنق مذهب أريوس
، أحضره وعفا عنه ، يقول فاسيــليف : (( عندما
شرع قسطنطـــين في نقل عاصمته إلى الشرق ، وأحس بالحاجة إلى استرضاء سكان القسم
الشرقي من الامبراطورية لم يجد غضاضة في تغيير عقيدته أوميوله نحو المذهب الأريوسي
)) .
فاستدعى أريوس من منفاه سنة 327م ، وعقد له
مجمع صور سنة 334م ، وألغى قرار الطرد .
ويقال : إن أول امبراطور تعمد باسم الثالوث
حسب عقيدة النصارى ، هو الامبراطور ثيودوسيوس الكبير الذي رعى عقد مجمع القسطنطينية
، وأنه وقادة الكنيسة تنفسوا الصعداء وشعروا كما شعر الامبراطور قسطنطين وقادة
الكنيسة بعد قبول قانون الإيمان النيقوي في سنة 325 م ، بسرور وارتياح عظيمين ؛
لأنهم ظنوا بأن مجمع نيقية استطاع أن يستأصل الهرطقة من جذورها ، وأن يعيدوا الوحدة
إلى الامبراطورية وإلى الكنيسة المهددتين بالانقسام والاضطراب
.
وعندما تقرر رسمياً إقرار الاعتقاد بألوهية
الروح القدس في مجمع القسطنطينية سنة 381م ، أصدر الامبراطور ثودوسيوس الكبير
مرسوماً أعلن فيه : (( حسب تعليم الرسل وحق الإنجيل ، يجب
علينا أن نؤمن بلاهوت الأب والابن والروح القدس ، المتساوي في السلطان ، وكل من
يخالف ذلك يجب عليه أن ينتظر منا العقوبات الصارمة التي تقتضي سلطتنا بإرشاد الحكمة
السماوية أن نوقعها به ، علاوة على دينونة الله العادل ))
.
ويستنتج زكي شنودة في آخر البحث الخامس الذي
عقده للحديث عن المجامع : (( أن هذه المجامع كانت في بداية أمرها
وسيلة للدفاع عن الإيمان المسيحي ، ثم لم تلبث أن أصبحت بعد ذلك أداة في يد
الامبراطور لتنفيذ أغراضه ، مستغلاً في ذلك مطامع الأساقفة وطموحهم إلى الجاه
والنفوذ والسلطان ، وهكذا أصبحت المجامع أداة هدم بعد أن كانت أداة بناء ، وقد فتحت
الباب على مصراعيه للخصومة بين المسيحيين في البلاد المختلفة ))
.
ولكن استنتاجه هذا يرفضه سرده هو للأحداث
، فإن المجامع من أول لحظة عقدت فيها وهي تحت سلطان الدولة ، وشواهد ذلك من كلامه
إذ يقول : (( وقد عقد في نيقية عاصمة بثينية بآسيا الصغرى في 20
مايو سنة325 ميلادية بأمر الامبراطور قسطنطين الكبير وقد حضره بنفسه
)) ، ويقول :
(( وعند افتتاح جلسات المجمع دخل الامبراطور قسطنطين وتصدر الاجتماع ،
ثم ألقى خطاباً حض فيه على فض المشاكل بالحكمة ))
، وقال في مجمع القسطنطيـنية سنة 381 م :
(( وقد عقد في مدينة القسطنطينية بأمر الامبراطور ثاؤدوسيوس الكبير
)) ، وقال في مجمع أفسـس الأول سنة 431 م : (( وقد عقد في
مدينة أفسس بأمر الامبراطور ثاؤدوسيوس )) ، وقال في مجمع أفسس الثاني
سنة 449 م : (( وقد عقد مجمع أفسس الثاني سنة 449 ميلادية بأمر
الامبراطور تاؤدوسيوس )) .
أما في مجمع خلقدونية سنة 451 م فلم يذكر
اسم الامبراطور الذي أمر بانعقاده ، فدلت هذه الشواهد على أن ما قاله زكي شنودة ليس
مستقيماً ؛ لأن المجامع كلها التي تعترف بها الكنيسة القبطية كانت بأمر الامبراطور،
والمؤرخون السياسيون يقررون أن الأباطرة جميعاً استخدموا الدين سلاحاً لكسبهم
السياسي ، ولو كانت المجامع حقاً للدفاع عن الإيمان لما تركت الدين القويم الذي جاء
به المسيح عليه السلام ، ولما تركت أعمال الحواريين الذين كانوا على الدين الحق ،
التي لا يوجد شىء منها في قانون الإيمان المقدس عندهم ، ولا في وقائع عمل المجامع
خاصة فيما يتعلق بالعقيدة التي هي لب الإيمان (102)
.
وبعد هذا العرض لمراحل إقراراعتقاد ألوهية
الروح القدس عند النصارى نستنتج مايأتي :
1ـ إقرارهم في مجمع نيقية سنة 325 م ،
الإيمان بروح القدس ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس
)) دون أن يذكروا حقيقته والأعمال الموكولة إليه
.
2 ـ إقرارهم في مجمع القسطنطينية سنة 381 م ، إضافة الاعتقاد بألوهية
الروح القدس ، مع إضافة بعض صفاته ، فقالوا : (( ونؤمن بالروح القدس
الرب المحيي المنبثق من الآب ، الذي هو مع الآب والابن مسجود له وممجد ، الناطق في
الأنبياء )) ، كما جاء عن أحد قديسيهم ، وكذا في قاموس كتابهم المقدس
تفصيلات أكثر وضوحاً عن صفات الروح القدس ، والأعمال الموكولة إليه ، كما سبق
الإشارة إلى ذلك .
3 ـ أن من النصارى من ينكراعتقاد ألوهية
الروح القدس ، كأسقف القسطنطينية البطريرك مكدونيوس ،الذي يعتقد أنه كسائر
المخلوقات ، وخادم للابن كأحد الملائكة.
4 ـ اختلاف النصارى
حول طبيعة المسيح ، بعد إقرارهم اعتقاد ألوهيته ، هل هو ذو طبيعتين ومشيئتين إلهية
وإنسانية ، أم ذو طبيعة واحدة ومشيئة واحدة إلهية وإنسانية ؟ واختلافهم أيضاً حول
انبثاق الروح القدس ، هل هو من الآب فقط ، أم من الآب والابن ؟ وكان هذا الاختلاف
حول طبيعة المسيح وانبثاقه ، سبب انقسام النصارى إلى طوائف متعددة ، كل طائفة تنكر
ما عليه الطائفة الأخرى .
5 - كثرة عقد
المجامع في مراحل تكوين العقائد النصرانية التي تصدر عنها قرارت أخرى بإضافة عقائد
جديدة ، وذلك بسبب كثرة المعارضين للعقائد الدخيلة من أنصار دعوة التوحيد ، أومن
الذين مازالوا على بقايا من دعوة المسيح عليه السلام .
6- اضطراب ميول الأباطرة بين تأييد أصحاب
العقائد التي تتفق مع وثنيتهم السابقة ، وبين ما يحقق الوحدة إلى إمبراطوريتهم
ويجنبها الانقسام والاضطراب ، بدليل دعوتهم لعقد هذه المجامع ورعايتهم لها ،
وتأييدهم ما يرونه محققاً لأهدافهم الشخصية والسياسية .
ومن هذا يتبين ضلال النصارى واختلافهم في
مراحل إقرار ألوهية الروح القدس ،وأنهم ليسوا على شئ ، حتى يقيموا التوراة والإنجيل
وما أنزل إليهم من ربهم ، إذ قد أقروا ببعض الحق وضلوا عن أكثره ، فحين أقروا ببعض
الأعمال والوظائف الموكولة إلى الروح القدس ، والصفات التي وصفوه بها ، وهي قولهم :
الناطق في الأنبياء ، الناطق بالناموس ، والمعلم بالأنبياء ، الذي نزل إلى الأردن
ونطق بالرسل ، روح الله ، الذي حبلت منه السيدة العذراء ، الذي يؤيد الله به من
يشاء من عباده ، ويعضدهم ويحفظهم ، ويلهمهم ، فهذه من صفات الروح القدس جبريل ـ
عليه السلام ـ وهذا هو الحق الذي دلت عليه نصوص كتبهم المقدسة من التوراة والإنجيل
، وهو الذي يجعله الله في قلوب الأنبياء ، هذا إذا كان الروح القدس ليس صفة الله
حسب اعتقادهم ألوهيته ، لأن صفة الرب القائمة به لاتنطق في الأنبياء ، ولاتقوم بتلك
الأعمال التي ذكروها ، بل هذا كله صفة جبريل ـ عليه السلام ـ وهو الروح القدس كما
هو مذكور في الكتب الإلهية ، الذي يجعله الله في قلوب الأنبياء بإلهام الوحي
الإلهي، وبالقوة والثبات والنصرة التي يؤيد الله بها من يشاء من عباده المؤمنين
كما تبين لنا أن مراحل إقراراعتقاد النصارى
ألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ وألوهية الروح القدس ، وما تمخض عن هذه العقائد من
إضافات عقدية واختلافات حولها في أروقة مجامعهم المقدسة ، كانت بدافع الرغبة في
السلطان من قبل رجال الدين ، بإغراء من سلطة الأباطرة ، الذين يؤيدون ما يتفق مع
رغباتهم وميولهم ، وما يتصورون أن يحقق الأمن والاستقرار لوحدة دولتهم من التمزق
والانقسام ،الذي ينتج عن الاختلافات العقدية ، فكانت تلك القرارت العقدية تحت سلطان
الترغيب والترهيب ، الذي أدى إلى انحراف النصرانية عن مسارها الصحيح كما أنزلها
الله على عبده ورسوله عيسى بن مريم ، وآمن به أتباعه من بعده .
أما مرحلة اعتقادهم ألوهية الروح القدس
بعد مراحل إقرار ألوهيته في مجمع القسطنطينية ، بعد هذه المدة التي تجاوزت أكثر من
ثلاثة قرون من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ فهو مردود وباطل ، كما سنعرف ذلك في
المباحث القادمة إن شاء الله .المصدر:
الروح القدس في عقيدة النصارى دراسة نقدية في ضوء المصادر
الدينية -
للدكتور . عبد الله بن عبد العزيز الشعيبي