نقض الناموس
والعجب أن بولس نفسه الذي أعلن نقض الناموس وعدم فائدة الأعمال لتحقيق التبرير، وأن الخلاص إنما يكون بالإيمان، هو ذاته أكد على أهمية العمل الصالح في مناسبات أخرى، ويعتبره سبب الخلاص وباب الحياة الأبدية، منها قوله: " إن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضاً ... فلا تفشل في عمل الخير لأننا سنحصده في وقته" ( غلاطية 6/7).
ويقول: " بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون " ( رومية 2/13 ).
وفي رسالته إلى تيموثاوس يقول بولس: " أوصي الأغنياء ... وأن يصنعوا صلاحاً، وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة، وأن يكونوا أسخياء في العطاء، كرماء في
التوزيع، مدخرين لأنفسهم أساساً حسناً للمستقبل، لكي يمسكوا بالحياة الأبدية " ( تيموثاوس (1) 6/17 - 19 ).
ويقول: "كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه" (كورنثوس (1) 3/8).
وأخيراً، فإن بولس بتنقصه السالف للناموس وإبطاله له مستحق للوعيد الشديد الذي جعله المسيح لمثل هذا الفعل وذلك في قوله: " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض، بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس، حتى يكون الكل، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى، وعلم الناس هكذا يدعى: أصغر في ملكوت السماوات " ( متى 5/17 - 19 )، فلئن كان ناقض إحدى الوصايا الصغرى يدعى أصغر في ملكوت الله، فماذا عساه يدعى من نقض كل الناموس؟!
الدينونة دليل بطلان عقيدة الخلاص
وتتحدث النصوص المقدسة عند النصارى عن الدينونة والجزاء الأخروي الذي يصير إليه العصاة والمذنبون من النصارى وغيرهم، وهو مبطل لمعتقدات كافة الفرق النصرانية في الفداء، وهو مبطل لما زعموه من نسخ الشريعة بصلب المسيح.
فالنصارى يتحدثون في أناجيلهم عن الدينونة التي يعطيها الله يومئذ للمسيح، ففي يوحنا " وقد أعطاه السلطان لأن يدين، لأنه ابن إنسان " ( يوحنا 5/27 ).
كما تتحدث النصوص - المقدسة عندهم - أيضاً عن وعيد في النار لبعض البشر، فدل ذلك على أنهم غير ناجين خلافاً لقول الكثيرين من البروتستانت " متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ... ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته .. " ( متى 25/31 - 42 ).
ومثله قوله: " يرسل ابن الإنسان ملائكته، فيجمعون في ملكوته جميع المعاثر، وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار " ( متى 13/41-42 ).
ومثله أيضاً قول متى: " وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي " ( متى 12/32 ).
ومثله تهديد يوحنا المعمدان لبني إسرائيل من الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح، إذ يقول: " يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي، فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة، ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم: لنا إبراهيم أباً " ( متى 3/7 - 9 ).
ويقول المسيح لهم: " أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم " ( متى 23/33 )، فلم يحدثهم عن الفداء البروتستنتي الذي سيخلصون به من الدينونة.
بل توعدهم بجهنم فقال: " خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يلقى جسدك كله في جهنم " (متى 5/29).
ومثله ما جاء في سفر حزقيال من وعيد الله للذين لا يتوبون من بني إسرائيل أو غيرهم فقال: "توبوا، وارجعوا عن أصنامكم وعن كل رجاساتكم ... لأن كل إنسان من بيت إسرائيل أو من الغرباء ... إذا ارتد عني ... أجعل وجهي ضد ذلك الإنسان، وأجعله آية ومثلاً واستأصله " (حزقيال 14/6 - 8 ).
وقد خاطب المسيح تلاميذه: " فإني أقول لكم: إنكم إن لم يزد بِركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات .. وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب على أخيه باطلاً، يكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه: رقا، يكون مستوجب المجمع، ومن قال: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم" (متى 5/20-23).
وقال بولس متوعداً الممتلئين من كل إثم وشرّ، المشحونين حسداً وقتلاً : "الذين إذ عرفوا حكم الله، إن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت" (رومية 1/32)، إن القتل أو الرجم هو عقوبتهم التي استوجبوها بسبب ذنوبهم وشرورهم، ولن يرفعها عنهم صلب المسيح عليه السلام.
ويضيف بولس مبشراً هؤلاء العصاة بدينونة الله العادلة التي تتنظرهم جزاء فجورهم: "ونحن نعلم أن دينونة الله هي حسب الحق على الذين يفعلون مثل هذه، أفتظن هذا أيها الإنسان الذي تدين الذين يفعلون مثل هذه، وأنت تفعلها، أنك تنجو من دينونة الله" (رومية 2/2-3).
فلو كان الناس كلهم ينجون بالفداء كما قال البرتستانت، لما كان لهذه النصوص معنى.
ثم إن كان الفداء عاماً لكل البشر ولكل الخطايا، فإن هذا الفداء يشمل الإباحيين الذين يرتكبون الموبقات ويملؤون الأرض بالفساد، وتكون عقيدة الفداء والخلاص سُلماً للرذيلة ودعوة للتحلل والفساد باسم الدين.
ثم القول بفداء الجميع يجعل ضمن الناجين أعداء الأنبياء كفرعون وقارون واليهود الذي تآمروا على المسيح، كما يشمل يهوذا التلميذ الخائن الذي قال عنه المسيح : "كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد" (مرقس 14/12)، فلماذا تركه المسيح ينتحر؟ ولماذا لم يخبره بأن خلاصه قريب جداً، وأن لا داعي للانتحار.
ويضيف بولس مبشراً هؤلاء العصاة بدينونة الله العادلة التي تتنظرهم جزاء فجورهم: "ونحن نعلم أن دينونة الله هي حسب الحق على الذين يفعلون مثل هذه، أفتظن هذا أيها الإنسان الذي تدين الذين يفعلون مثل هذه، وأنت تفعلها، أنك تنجو من دينونة الله" (رومية 2/2-3).
فلو كان الناس كلهم ينجون بالفداء كما قال البرتستانت، لما كان لهذه النصوص معنى.
ثم إن كان الفداء عاماً لكل البشر ولكل الخطايا، فإن هذا الفداء يشمل الإباحيين الذين يرتكبون الموبقات ويملؤون الأرض بالفساد، وتكون عقيدة الفداء والخلاص سُلماً للرذيلة ودعوة للتحلل والفساد باسم الدين.
ثم القول بفداء الجميع يجعل ضمن الناجين أعداء الأنبياء كفرعون وقارون واليهود الذي تآمروا على المسيح، كما يشمل يهوذا التلميذ الخائن الذي قال عنه المسيح : "كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد" (مرقس 14/12)، فلماذا تركه المسيح ينتحر؟ ولماذا لم يخبره بأن خلاصه قريب جداً، وأن لا داعي للانتحار.
وللحديث بقية إن شاء الله وقدر.