( أيادوكيا ) بمعنى ( أحمد )
- 15 -
( مترجمة عن كلمة ) ( راصون العبرانية ).
ليثق قرائي المحترمون ، بان
الاختلاف المستحكم بين العيسوية والإسلامية سينحل ويفصل فيه حالاً عند انكشاف
المعنى الحقيقي الذي تحتويه هذه الكلمات بعونه تعالى ، فمن الضروري أن يتتبعوا
المباحث في شأن الكلمات المذكورة بالصبر والدقة .
يوجد في اللغتين العبرانيـة
والبابليــة القديمــة(1) فعــل ثلاثــي مجــرد ( رصــه) ( رضا) بمعنى (رضى)
العربية . وهذا الفعل مستعمل كثيراً في كتب التوراة وسنحقق هذه الكلمات الأجنبية
المهمة في النسخة المسماة (شبتو اغتبتا) وهي الكتب العبرانية المقدسة التي ترجمها
سبعون عالماً يهودياً من اللسان الأصلي إلى اليونانية في مدة قرنين أو ثلاثة(2) قبل
الميلاد في إسكندرية مصر .
ومن المعلوم لدى علماء اللغات أن
الأسماء والصفات والأفعال على قسمين ، أي أن كل اســم أو صـفة إما مذكر و المؤنث
على الإطلاق . مثلاً محمد مذكر ومحمدة مؤنث ، وبالعبرانية ( ) محمد مذكر ( ) مؤنث .
وفي الأثورية ( ) محمد مذكر و ( ) محمدة مؤنث وأما اللغات الغربية القديمة فلا تتبع
هذه القاعدة وهي تطلق على الكلمة التي لا تذكير ولا تأنيث فيها (غير جنسي)(3) وفي
اليونانية يستعملون التعبيرات ( ) بمقابلة محمد ، للمؤنث ( ) أيندوكسي ، ولعديم
الجنس ( ) أيندوكسون فاليونانيون يطلقون لفظ (أنيدوكسون) على ما يصفه العبرانيون
بالصفة ( ) محمد . لذلك جاء التعبير في (اشعيا 11:64) ( ) محمديتو و ( )
أيندوكساهيمون بمعنى أشياؤنا الحميدة النفيسة (أندوكسا وهو جمع أيندوكسون( محمديهم
محمــديها) نفائســهم نفائســه (مرائي
ارميــا 1: 7و11) وقد ترجمــت فــي النســخة
السبــعيـنية ( ) بمشتهيات ( كرم حمد) كرم الحمد الحديقة اللذيذة ، مبتغي اللذة
والشـــوق (اشعيــا 2:27
و12:32) مـن اجـل الحقـول المقبـــولة ( أو
بحمــدوت) ( دوكســاسي) النفائــس (دانيــال
: 1 : 38 و 43) ( حمدة النسوان) شهوة النساء
(دانيال 11: 37 و38 و43) .
( هحمدوت ثياب فاخرة) جيمل ،
فاخر ، مرغوب (تكوين 15:27)
.
فالمعاني التي تحتوي عليها
الكلمات (حمد ، حميد ، محمد) في اللغة العبرانية القديمة على الوجه الآتي
:
1-
فعل : النظر بعين الطمع والشهوة ، الغبطة ، الاشتياق ،
الاشتهاء صبرورة الشيء مرغوباً ولذيذاً ، الرغبة والإرادة ، المدح والثناء ، الحمد
.
2- صفة : مشتهى ، شهي ، معشوق ، مقبول ،
فاخر ، نفيس ، ذو قيمة ، حميد ، جليل، ممدوح ، حبيب ، لطيف ، لذيذ ، مكيف (أو مطرب)
راض ، مسرور، مليح، جميل ، شهير ذو اسم (نامدار) ، صديق .
3- اسم : احمد ، محمد ، عشق ، غال ، علاء ،
محمدة ، نفاسة ، لذة ، ملاحة ، حسن، جمال ، كيف ، غلاء ، انبساط ، شهرة ، صداقة
.
ولكي لا اتعب القراء المحترمين أتيت على نماذج الألفاظ الأجنبية أعلاه على وجه
الاختصار ، وإن صحائف كتب التوراة مملوءة بالألفاظ المذكورة ، وكل المعاني
والتأويلات التي أعطيتها صحيحة حقيقية وأنا مستعد كل وقت لإثباتها واحدة واحدة
.
يقــف المطالـع مندهشـاً عنـدما
يحصـي بحسـن نيـة ما اشـتملـت عليــه هاتـــان الكلمتان ( شلم حمد) من المعاني
الكثيرة بهذا المقدار . ويجد أن ألفاظ (حميد واحمد ومحمد) تحتوي اسماً وصفة ، على
معاني التفضيل : احب ، وألذ ، وأقوم ، وأعلى، وأغلى ، وأطيب ، واجمل ، وارغب ،
واقبل ، واشرف ، واحشم واشهر شيء وشخص وجنس بعد الخالق تعالى .
( عاد يرصي) حتى يرضى (إلى أن
يرضى) ايودوكيص (أيوب 6:14).
( اورصيتم) إذا ترضيهم (أيام ثاني 7:10) .
( رصي) كن
راضياً (ارض) ايودوكيصون .
( ايودوكياص) رضا ، رضوان ، عناية (مزامير 12:5).
( رصون ثيليما) مرضاه رغبه (دانيال 4:8) .
أن البروتستانت ترجموا
(أيودوكيا) راصون طوب (رضا طوب) لا نظن أن أحداً يجترئ على إنكار القرابة والاقتران
المعنوي بين الكلمتين (رضا ، رضوان) المذكورتين أعلاه الواردتين في كتب التوراة
والاسمين (حمد ، محمد) لأننا أوضحنا أن كلمة حمد العبرانية تشتمل على معان مثل (رضا
، رغبة ، شهوة ، عشق ، طلب ، إرادة ، شوق) .
على أن في العبرانية كلمة أخرى (
حفص) وفي العربية حفص بمعنى (ميل، اشتهاء ، رغبة ، طلب ، اشتياق) وبما أن كلمة
راحون التي ترجمت بها الأفعال والأسماء (حمد ومحمد) تستعمل اغلبياً في ترجمة وتفسير
حفص ثبت أن مدلول (حمد ومحمد) أوسع واشمل .
وهنا اكرر قولي أن (أيودكيا) لا
يكون عبارة عن (حسن الرضا) الخيالي المبهم وعديم المعنى بل أنها بمعنى
Bienveillance, Consentement bon plaisir الفرنسية بمعنى (الرضا السرور وإرادة
الخير)(1) مثلاً : أيودكيا في اليونانية ( إنشاء الله بتوفيق ، بعناية الباري) وكل
ما يرغب فيه الإنسان من مال وروح ونفس وكل ما كان لديه محبوباً ولذيذاً ومشهوراً
ومحترماً فهو موجود في معنى الكلمتين احمد ومحمد .