لا أحد يعرف أي أقنوم هو الذي حل في المسيح مما ينقض قضية الاقانيم من اساسها وقبل ان نبين ذلك نقول :
ان النصارى يدعون أنهم يؤمنون ويعبدون إلهاً واحداً في ثالوث وثالوثاً في واحد !!!
وهذا التثليث بهذا المفهوم لم يتضح في كتاب العهد القديم من الكتاب المقدس وأيضاً لم يتضح بهذا المفهوم في كتاب العهد الجديد ، بل كان تقريره بذلك المفهوم نتيجة أفهام بعض رؤساء النصرانية غير المعصومين عن الخطأ في الفهم ، فالتثليث هي عقيدة اجتهادية بحتة مصدرها فهم بعض الرؤساء الدينيين عندهم ، بعد ذهاب المسيح بئات السنين ، وكان ذلك في سنة 325 ميلادية .
والآن أي أقنوم من الاقانيم الثلاثة حل في المسيح ؟
( أ ) هل هو أقنوم الآب ؟
كما يفهم من قول المسيح في إنجيل يوحنا [ 17 : 21 ] : ( أنت أيها الآب في وأنا فيك ) .
( ب ) أم هو أقنوم الروح القدس ؟ كما يفهم من قول لوقا في إنجيله عن المسيح [ 3 : 23 ] : ( ونزل عليه الروح القدس ) .
وكما ورد في إنجيل متى [ 3 : 16 ] : ( فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه ) .
( ج ) أم هو الأقنوم الثاني الأبن ؟ كما يفهم من قول إنجيل متى [ 21 : 37 ] ( وأخيراً أرسل إليهم ابنه )
وكما يفهم من قول إنجيل يوحنا [ 3 : 17 ] : ( لأنه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم )
لا أحد يعرف أي أقنوم هو الذي حل في المسيح ، ولا أحد يدري ، مما ينقض قضية الأقانيم من أساسها .
فصل :
الرد على دعوة المسيحية بأن آية البركة الرسولية تدل على صحة التثليث وتساوي الأقانيم :
ورد في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس [ 13 : 14 ] قول بولس ونصه :
(( نعمة ربنا يسوع المسيح ، ومحبة الله ، وشركة الروح القدس مع جميعكم . آمين ))
ويستخلص النصارى من هذا النص برهاناً دالاً على صحة التثليث وتساوي الأقانيم الثلاثة .
الرد :
1- إن عبارة بولس السابقة ليست من الأناجيل الأربعة ( متى ومرقص ولوقا ويوحنا ) التي اعتبر مجموعها هو الإنجيل لا غير فلا تقوم بمفردها حجة .
2 _ إن القائل للعبارة السابقة وهو بولس لم ير المسيح ، ولم يتتلمذ على يديه ، بل كان شديد العداوة له ولأتباعه ، وحتى بعد زعمه الانضواء تحت ظل النصرانية ، فإنه ليس معصوماً من الخطأ حتى تأخذ أقواله حجة .
3 - إن عبارة بولس السابق الإشارة إليها مبنية على الاعتقاد بالثالوث وليس الاعتقاد بالثالوث صادراً عنها وعن أمثالها ، بل تقرر بموجب مجمع عقد في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي .
4 - إن لفظ ( الرب ) الوارد ذكره في عبارة بولس سالفة الذكر ليس معناه الإله الحقيقي حتى يكون ثاني الأقانيم الثلاثة بل معناه : ( المعلم ) كما ورد في إنجيل يوحنا [ 1 : 38 ] على لسان المسيح بقوله :
( فالتفت يسوع ونظرهما يتبعان فقال لها ماذا تطلبان ؟ فقالا ربي ، الذي تفسيره يا معلم ))
وفي إصحاح [ 20 : 16 ] من إنجيل يوحنا ما نصه :
(( قال لها يسوع : يا مريم ، فالتفتت تلك ، وقالت : ( ربوئي ) الذي تفسيره يا معلم . ))
وفي إنجيل متى [ 23 : 7 ، 8 ] :
(( وأن يدعوهم الناس سيدي )) .
والأصل في النسخة العبرانية والنسخة اليونانية :
(( وأن يدعوهم الناس ربي ربي ، وأما أنتم فلا تدعو سيدي سيدي ، لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعاً أخوة ))
5 - إن لفظ ( يسوع ) الوارد في قول بولس السابق الإشارة إليه ليس اسماً للألقنوم اللاهوتي بل هو اسم للناسوت أي أنه اسم للطبيعة الإنسانية .
6 - كذلك لفظ ( المسيح ) الوارد في النص المذكور هو أيضاً اسم للناسوت لأنه سمي مسيحاً لكون الله تعالى مسحه بالروح القدس ، طبقاً لما هو وارد في سفر أعمال الرسل [ 10 : 38 ] ومما لا جدال فيه أن من يحتاج أن يمسح بالروح القدس هو الناسوت ، أي المسمى بالانسان المركب من جسم وروح مخلوقين ، أما أقنوم الابن فغني عن المسح لأنه ليس أقل من الأقنوم الثالث حتى يمسح به .
7 - إن لفظ الروح القدس في قول بولس ليس معناه الإله حتى يكون الأقنوم الثالث ، بل يعني الموهبة القدسية ، وهي الوارد ذكرها في الأسفار الآتية :
( أ ) مزمور [ 51 : 10 ] :
( قلباً نقياً أخلق في يالله روحاً مستقيماً جدد في داخلي )
( ب ) سفر حزقيال [ 11 : 19 ] :
( وأعطيهم قلباً واحداً وأجعل في داخلكم روحاً جديداً )
( ج ) سفر الملوك الثاني [ 2 : 9 ] :
( فقال إليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علي )
( د ) سفر دانيال [ 5 : 11 ] :
( يوجد في مملكتك رجل فيه روح الآلهة القدوسين )
وهذه الروح هي التي امتلأ منها الآتي ذكرهم :
( أ ) يوحنا المعمدان كما هو وارد في إنجيل لوقا [ 1 : 15 ] :
( ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس )
( ب ) كما امتلاً منها أبوه زكريا طبقاً لما ذكره إنجيل لوقا [ 1 : 67 ] .
( ج ) كما امتلأت منها أمه اليصابات طبقاً لما هو وارد في إنجيل لوقت [ 1 : 41 ]
( ز) وكان استفانوس مملوءاً منها كما حكاه سفر أعمال الرسل [ 6 : 5 ] و [ 7 : 55 ] .
وغيرهم كثير . . .
النتيجة :
إن ما قاله بولس ليس من البراهين على صحة التثليث ولا على تساوي الأقانيم الثلاثة .
إذ ليس فيها ذكر للأقانيم الثلاثة .
وأما المسيح فإنما ذكر بمعنى الإنسان الاعتيادي .
وأما لفظ الروح القدس فقد ذكر بمعنى الموهبة القدسية للعلة وطبقاً للنقول السابقة الاشارة إليها .
وصلي اللهم وبارك على رسولك محمد .
_________________________________________________
من كتاب النصرانية في الميزان بتصرف - المستشار محمد طهطاوي - دار القلم