أغلاط بشهادة الواقع
العودة القريبة للمسيح والنهاية السريعة للدنيا
وثمة نصوص أخرى كثيرة غلط فيها الإنجيليون بشهادة الواقع والتاريخ ، ومن مثل ذلك ما جاء في إنجيل متى عن القيامة القريبة التي تقترن بعودة المسيح القريبة ، والتي حددها المسيح كما يزعمون بأنها قبيل انقضاء جيله ، وعليه طلب إلى تلاميذه أن لا يذهبوا للدعوة في مدن السامر يين فإن القيامة دون ذلك .
وقد قارب مجموع النصوص التي تحدثت عن عودة المسيح والقيامة العشرة ، أهمها : " فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله . الحق أقول لكم : إن من القيام هاهنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته " ( متى 16/27 - 28 ).
ويقول أيضاً : " متى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى . فإني الحق أقول لكم : لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان " ( متى 10/23 ).
وفي سفر الرؤيا يقول:" ها أنا آتي سريعاً " ( الرؤيا 3/11 ).
وفي موضع آخر يقول: " ها أنا آتي سريعاً ، لا تختم على أقوال نبوة هذا الكتاب .. لأن الوقت قريب .. أنا آتي سريعاً " ( الرؤيا 22/7 - 12 ).
وتحدث متى عما يرافق عودة المسيح من أحداث " وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين : قل لنا متى يكون هذا ؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر ؟ " .
فأجابهم المسيح بذكر علامات كثيرة، ومنها " حينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ، ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ... الحق أقول لكم : لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله ، السماء والأرض تزولان ، ولكن كلامي لا يزول " ( متى 24/3 - 3 ) .
وقد كان المسيح قال لهم قبل سؤالهم: " الحق أقول لكم: إنه لا يترك هاهنا حجر على حجر لا ينقض " ومقصده الهيكل ، أي أنه إذا هدم لا يبنى.
وقد سيطرة فكرة العودة السريعة والقيامة القريبة على كتاب الرسائل ، ففي رسالة بولس إلى تسالونيكي " إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب " ( تسالونيكي (1) 4/15 ).
وفي موضع آخر يقول: " نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور " ( كورنثوس (1) 10/11).
وأيضاً يقول: " هو ذا سر أقوله لكم : لا نرقد كلنا (أي لن نموت كلنا)، ولكننا كلنا نتغير في لحظة ، في طرفة عين، عند البوق الأخير فإنه سيبوق ، فيقام الأموات عديمي فساد ، ونحن نتغير " ( كورنثوس (1) 15/51 - 52 ).
فهذه الأقوال وسواها تدل على أن القيامة وعودة المسيح قبلها، سيحصل في زمن الجيل الأول ، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل ، وقد مرت قرون طويلة فدل ذلك على أن في الأخبار ما هو غلط.
ويبدو أن المسيح أبلغ أصحابه بنزوله من السماء قبيل يوم القيامة، وذكر لهم بعضاً من الأمور التي تحدث قبله ، وطرأ الغلط والتحريف من قولهم بأن ذلك سيكون في زمن الجيل الأول .
ويتهرب المفسر بنيامين بنكرتن من هذه النصوص الواضحة الدلالة فيقول: " إن المراد من إتيان المسيح في ملكوته هو معجزة التجلي الآتي ذكرها .. وإن القوم هم بطرس ويوحنا ويعقوب " أي أن تفسير هذه النصوص هو القيامة المزعومة للمسيح بعد موته بثلاثة أيام .
ولكن كلام المفسر من العبث ، إذ النصوص تتحدث عن إتيان للمسيح فوق السحاب يرافقه مجد الله ، بينما كان المسيح عند عودته بعد الصلب المزعوم متخفياً . وهل كان المسيح يخبر تلاميذه عن أمر سيحصل قبل أن ينتهي الجيل، وقبل أن يكملوا التبشير في مدن اليهودية، هل كان يحدثهم عما سيحصل بعد أسبوع !!!
ثم ماذا عن النصوص التي قالها بولس وغيره بعد القيامة ؟ وأين العلامات التي رافقت مجيء المسيح .
Mt:25:31:
31. ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. (SVD)
Mt:25:32:
32 ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. (SVD)
معجزات المؤمنين
ومن النصوص أيضاً التي تثبت شهادة الواقع بأنها وأن المسيح الذي لا يكذب لا يمكن أن يقول ما نسب إليه .
من ذلك ما جاء في خاتمة مرقس فقد جاء فيه أن المسيح ظهر لتلاميذه بعد الصلب وقال لهم: " وهذه الآيات تتبع المؤمنين ، يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بالسنة جديدة ، يحملون حيات ، وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ، ويضعون أيديهم على المرضى ، فيبرؤون " ( مرقس 16/17 - 18 ) .
وقريباً من هذا المعنى يقول مرقس بأن المسيح قال لتلاميذه: " ليكن لكم إيمان بالله ، لأني الحق أقول لكم : إن من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ، ولا يشك في قلبه بل يؤمن ، إن ما يقوله يكون ، فمهما قال يكون له " ( مرقس 11/22 - 23 ).
وفي متى " وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه " ( متى 21/22 ).
ويقول يوحنا على لسان المسيح أنه قال: " الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها" ( يوحنا 14/12 ).
أما الذي يعجزون عن فعل المعجزات فهؤلاء لا إيمان لهم. ويحكى متى عن تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد ليسألوه عن إخفاقهم في شفاء المصروع فأجابهم : " لعدم إيمانكم ، فالحق الحق أقول لكم : لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم " ( متى 17/20 ) .
وعليه فكل مؤمن نصراني يستطيع إحياء الموتى وشفاء المرضى وإخراج الشياطين .....، وإن لم يصنع ذلك فليس بمؤمن .
ويبالغ يوحنا في عرضه للمعجزات التي يتوارثها النصارى عن المسيح إذ يقول في نص آخر يقول يوحنا بأن المسيح قال لليهود : " الحق الحق أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد " وفهم اليهود منه موتاً حقيقياً فقالوا : " ألعلك أعظم من أنبياء إبراهيم الذي مات ، والأنبياء ماتوا " فلم يتهمهم بسوء الفهم بل قال : " إن كنت أمجد نفسي فليس مجدي شيئاً ، أبي هو الذي يمجدني " ( يوحنا 8/51 - 54 ) .
إذاً هذه النصوص تتحدث عن معجزات تحدث للمؤمنين ، فهل تحقق شيء منها ؟
هل حقق آباء الكنيسة فضلاً عن بقية المؤمنين أمثال معجزة المسيح أو أفضل منها ؟ هل أحيوا موتى ؟ هل شفوا مرضى ؟ هل أتقنوا لغات عدة وصاروا يتكلمون بالسنة مختلفة؟ أم هم غير مؤمنين فلم تقع منهم هذه المعجزات .؟؟؟؟؟؟؟
ولو كانت هذه النصوص حقاً من أقوال المسيح لما مات باباوات الكنيسة ، ولما رأينا القسس يجتهدون في تعلم اللغات للتبشير ثم لا ينجحون ، ولو كان حقاً لما مات البابا اسكندر السادس مسموماً !!
وفي مناظرة ديدات لكبير قساوسة السويد ستانلي شوبرج وقف واحد من الجمهور ، وقرأ على القسس نص مرقس ( 16/16 - 18 ) وطلب إليه إن كان مؤمناً أن يشرب زجاجة سم رفعها الرجل بيده قائلاً : " اشرب هذا السائل السام المميت ولا تمت ، لأن عندك إيمان بألوهية يسوع ، وعندك إيمان بصدق "
فتغير وجه شوبرج ، وصار يتلعثم في القول وقال " إننا لو شربنا شيئاً ساماً لا نموت . إن هذا أمر غريب ، أنا مؤمن بالله وبالروح القدس كحقيقة ، الروح القدس يخبرنا ماذا سيحدث لنا . لقد قالت لي زوجتي منذ ثلاثين يوماً : يا استانلي كن حذراً إن شخصاً ما سيغتالك بالسم ... أنا أرى الشيطان بداخلك ( للسائل ) ، أنا لا أريد أن أقوم باستعراض ... " ثم حمل السمّ وصبه في حوض الزرع .
التعويض السريع في الدنيا
ومن الأمور التي ذكرتها الأناجيل أيضاً ، ويكذبها واقع الناس ما جاء في مرقس أن بطرس قال للمسيح: " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك، فأجاب يسوع وقال : أقول لكم : ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية " ( مرقس 10/28 - 30 ) ومثله في متى : " يأخذ مائة ضعف ويرث الحياة الأبدية "( متى 19/29 )، وانظر ( لوقا 18/28 - 30 ) وفيه: " يأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة ".
وحار المحققون في فهم كيفية هذا التعويض ، كيف يمكن للإنسان أن يصبح عنده أمهات وآباء كثر ... وإذا فهم أن الآباء والإخوة والأمهات أمور مجازية ، فكيف يفهم تعويض الحقول والزوجات ؟ ومتى رأينا ذلك لأحد أولئك الذين يهجرون أوطانهم للتبشير فيتركون أمهاتهم وأخواتهم وأموالهم ، متى أعطوا جزاء في الدنيا مائة ضعف.
والنص واضح الدلالة أنه يتحدث عن جزاء دنيوي " مع اضطهادات " " في هذا الزمان " ثم وعد بالحياة الأبدية في الآخرة .
فهذا النص من الكذب ، ولو كان حقاً لرأينا الناس سيسرعون إلى إجابة هذه الدعوة ، ولكشفت التجربة الواقعة منها عن معطيات يستبق الناس إليها ويقتتلون من أجلها.