الأخطاء بشهادة الكتاب المقدس
زكريا المقتول بن يهويا داع وليس ابن برخيا (خطأ في الأنساب )
فمن الأغلاط التي تشهد لها الأسفار المقدسة عند النصارى بالخطأ ما جاء في متى في قوله أن المسيح قال " كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح " ( متى 23/35 ) .
وقد غلط متى إذ المقتول بين الهيكل والمذبح هو زكريا بن يهويا داع ، فقد جاء في سفر الأيام " ولبس روح الله زكريا بن يهويا داع الكاهن فوقف فوق الشعب .. ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب " ( أيام (2) 24/20 - 21 ) .
وأما زكريا بن برخيا فهو آخر عاش أيام سبي بابل ، وهو من الأنبياء الصغار ، وينسب له السفر الذي في التوراة ، ويقول عنه قاموس الكتاب المقدس " ويذكر التقليد اليهودي أن زكريا هذا طالت أيامه ، وعاش في بلاده ، ودفن بجانب حجي الذي كان زميلاً له " .
كما يجدر أن ننبه هنا إلى أن لوقا قد نقل قول المسيح الذي ذكره متى، ولكنه لم يخطئ كما أخطئ متى ، فقد قال: " من دم هابيل إلى دم زكريا الذي أهلك بين المذبح والبيت " ( لوقا 11/51 ).
إحالة متى في سفر زكريا وليس إرمياء
وفي نبوءة أوردها متى أخطأ وهو ينقل عن التوراة ، يقول متى: " لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ .. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف .. فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا : لا يحل أن نلقيها في الخزانة ، لأنها ثمن دم ، فتشاوروا ، واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء .. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي : وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه من بني إسرائيل ، وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب " ( متى 27/3 - 10 ) .
فإحالته إلى سفر أرميا غير صحيحة ، إذ لا يوجد شيء من ذلك في أرميا ، والصحيح أنه في سفر زكريا : " فقال لي الرب : ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به ، فأخذت الثلاثين من الفضة ، وألقيتها إلى الفخاري في بيت الرب " ( زكريا 11/12 - 14 ) ويجدر أن ننبه هنا أن القصة في سفر زكريا لا علاقة لها بيهوذا ولا المسيح.
أصحاب داود لم يأكلوا خبز التقدمة في عهد الكاهن أخيمالك
وأخطأ مرقس وهو يتحدث عما فعله داود عندما جاع فأكل من خبز التقدمة الذي لا يجوز أكله إلا للكهنة فقال: " أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه ، كيف دخل بيت الله في أيام أبيا ثار رئيس الكهنة ، وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل إلا للكهنة ، وأعطى الذين معه " ( مرقس 2/25 - 26 ).
وقوله: " الذين كانوا معه " خطأ ولا محالة ، لأن داود كان حين ذهب إلى رئيس الكهنة كان وحيداً ، كما في سفر صموئيل وفيه " فجاء داود إلى نوب إلى أخيمالك الكاهن ، فاضطرب أخيمالك عند لقاء داود ، وقال له : لماذا أنت وحدك وليس معك أحد ... يوجد خبر مقدس ... " ( صموئيل (1) 21/1 - 4 ) .
والخطأ الثاني الذي وقع فيه مرقس حينما سمي رئيس الكهنة أبياثار ، وفي صموئيل أن رئيس الكهنة يوم ذاك هو أبوه، أخيمالك الذي قتله شاول ، لأنه أعطى الخبز المقدس لداود ( انظر صموئيل (1) 22/20 - 23 ).
وينبه محررو الكتاب المقدس إلى أن أبياثار هرب بعدها إلى داود مع صادوق رئيس الكهنة بعد مقتل أبيه أخيمالك .
وقد اعترف بهذا الغلط وارد الكاثوليكي في كتابه " الأغلاط "، وقال نقلاً عن مستر جوويل أنه كتب: غلط مرقس فكتب أبياثار موضع أخيمالك .
الثناء على يهوذا الخائن
وفي أثناء حديث الإنجيليين عن التلاميذ فإنهم يذكرون الإثنا عشر بخير ، وينسون أن فيهم يهوذا الخائن ، ولربما ذكروا حوادث حصلت بعد موته فذكروه بها .
ومن ذلك قول متى أن المسيح قال لتلاميذه: " الحق أقول لكم : إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الإثني عشر " ( متى 19/28 ).
ولم يستثن يهوذا الذي يقول عنه " ويل لذلك الرجل .. خيراً لذلك الرجل لو لم يولد " ( متى 26/24 ) ، وقد تنبه لوقا لخطأ متى ، فلم يقع فيه ، ولم يذكر عدد الكراسي. ( انظر : لوقا 22/28 - 29 ) .
وهذا الخطأ وقع به بولس وهو يتحدث عن قيامة المسيح والتي يفترض أنها بعد وفاة يهوذا بأيام وقبل انتخاب البديل عنه ميتاس ( انظر أعمال 1/26 ) ، فقال بولس: " قام في اليوم الثالث حسب الكتب ، وأنه ظهر لصفا ثم للإثني عشر ، وبعد ذلك ظهر لأكثر من خمسمائة أخ " (تيموثاوس (1) 15/4 - 6 )
وقد تنبه للخطأ كاتب مرقس فقال: " ثم ظهر للأحد عشر .... " ( مرقس 16/14 )
مدة مكث المسيح في بطن الأرض ليست ثلاثة أيام وثلاث ليال
ومن الأغلاط ما ذكره متى عن مكث ابن الإنسان (المسيح) في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال، حيث يقول: " أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين: يا معلّم نريد أن نرى منك آية. فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال". (متى 12/38 - 40 ) .
ومن المعلوم في الأناجيل أن المسيح صلب يوم الجمعة ، ودفن ليلة السبت، وخرج من قبره قبل فجر الأحد أي لم يمكث في القبر سوى ليلة السبت ويوم السبت وليلة الأحد. وهو ما يعدل ليلتين ويوم، وليس ثلاثة أيام وثلاث ليال، كما أخبر متى.
وقد اعترف بالسي وشلز أن متى قد غلط، وزعم أنه أخطأ في فهم كلام المسيح ، فهذا التفسير بالبقاء ثلاثة أيام وثلاث ليال في الأرض كان من جانبه ، وأما مقصود المسيح فهو : " أن أهل نينوي كما آمنوا بسماع الوعظ وما طلبوا معجزة ، كذلك فليرضَ الناس مني بسماع الوعظ".
وأرى أن هذا الاعتذار لا يقبل ، لأنه قد جاء مثل هذا القول عن غير متى ، ففي يوحنا قال لهم: " انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه " فلم يفهم اليهود كلامه ، وظنوه يتحدث عن هيكل سليمان " وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده ، فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا" (يوحنا 2/19 - 24 )، ولكنه قد قام في اليوم الثاني، وبعد مضي ليلتين فقط.
وقال لوقا : " إنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة ، ويصلب ، وفي اليوم الثالث يقوم " ( لوقا 24/7 )، وفي مرقس " ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم " ( مرقس 10/32)، وقيامته هي القيامة من الموت، وقد قام في اليوم الثاني من الموت المزعوم .