البشارة الخامسة عشرة النبي سليمان يتنبأ بالآية الكريمة "إن الله و ملائكته يصلون على النبي"
لنفهم النبوءة القادمة و التي سنتكلم عنها فلابد من أن نعرف أولا ما الذي يقوله الكتاب المقدس عن سليمان بن داود عليهما السلام .. إن الكتاب المقدس يتكلم عن النبي سليمان بن داود بأنه مات على عبادة الأوثان و أن الرب قد أخبره بتمزيق مملكته لأنه سخط عليه و غضب عليه هذا ما يقوله الكتاب المقدس "وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه اورشليم. ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كنّ يوقدن ويذبحن لآلهتهنّ. فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذي تراءى له مرتين واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع آلهة اخرى. فلم يحفظ ما أوصى به الرب فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي اوصيتك بها فاني امزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها لعبدك" .. أي أن سليمان عبد الأصنام و الرب غضب عليه؟!
بعد ذلك تعالوا لنقرأ تلكم النبوءة التالية على لسان سليمان عليه السلام عن النبي الآتي إلى العالم و التي حاول اليهود أن يجعلوها عن سليمان بن داود .. و حاول النصارى أن يلصقوها بيسوع الناصري و حاولوا بكل طريقة أن يجعلوه هو ابن داود .. ماذا يقول سليمان عن النبي المبشر به "يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق. تحمل الجبال سلاما للشعب والاكام بالبر. يقضي لمساكين الشعب. يخلّص بني البائسين ويسحق الظالم. يخشونك ما دامت الشمس وقدام القمر الى دور فدور. ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الارض. يشرق في ايامه الصدّيق وكثرة السلام الى ان يضمحل القمر. ويملك من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض امامه تجثو اهل البرية واعداؤه يلحسون التراب. ملوك ترشيش والجزائر يرسلون تقدمة. ملوك شبا وسبإ يقدمون هدية. ويسجد له كل الملوك. كل الامم تتعبد له. لانه ينجي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له. يشفق على المسكين والبائس ويخلص انفس الفقراء. من الظلم والخطف يفدي انفسهم ويكرم دمهم في عينيه. ويعيش ويعطيه من ذهب شبا. و يصلّي لاجله دائما. اليوم كله يباركه تكون حفنة بر في الارض في رؤوس الجبال. تتمايل مثل لبنان ثمرتها ويزهرون من المدينة مثل عشب الارض. يكون اسمه الى الدهر. قدام الشمس يمتد اسمه. و يتباركون به. كل امم الارض يطوّبونه. مبارك الرب الله اله اسرائيل الصانع العجائب وحده"
يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق .. نعم فهذا هو أساس دين الإسلام "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ..
تحمل الجبال سلاما للشعب والاكام بالبر .. لقد تلقى النبي صلى الله عليه و سلم الوحي بالاسلام في غار حراء بجل النور بمكة ليكون رسول الإسلام "قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ" .. "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"
يقضي لمساكين الشعب .. يقول القرآن "فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
يخلّص بني البائسين ويسحق الظالم .. "لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ"
يخشونك ما دامت الشمس وقدام القمر الى دور فدور .. يقول القرآن "سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ"
ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث الذارفة على الارض .. هذا بالوحي الذي جاء به ليحيي قلوبا مواتا "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ. اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
يشرق في ايامه الصدّيق وكثرة السلام الى ان يضمحل القمر .. لقد أشرق بالفعل عبد الله بن قحافة (أبو بكر الصديق) رضي الله عنه ذلك الرجل الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجحت كفة أبي بكر .. و الذي قال حينما سأله أبو جهل و كفار قريش هل تصدق أن محمدا قد أسري به إلى بيت المقدس الليلة و قد أصبح اليوم بيننا؟ .. فإذا به يقول إن كان قال ذلك فقد صدق .. فدعاه النبي و أطلق عليه لقب الصديق .. و إفشاء و نشر السلام سنة من سنن دين الإسلام إلى أن يضمحل القمر "أفشوا السلام بينكم" .. و اضمحلال القمر تعبير عن الساعة و القيامة .. فهو النبي الخاتم الذي بعث بين يدي الساعة و يوم الساعة يضمحل القمر و يزول.
ويملك من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض .. لقد انتشرت رسالته عليه الصلاة و السلام من بحر العرب إلى المحيط الأطلنطي و من نهر دجلة و الفرات إلى المحيط الهندي .. و مازالت تلكم الكلمات شاهدة على صدق نبوءة الرسول صلى الله عليه و سلم.
امامه تجثو اهل البرية واعداؤه يلحسون التراب .. البرية برية فاران .. بجزيرة العرب .. و هذا دليل واضح على نصر الله له في فتح مكة "وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا" .. و كيفية خضوع كل كفار جزيرة العرب.
ملوك ترشيش و الجزائر يرسلون تقدمة. ملوك شبا وسبإ يقدمون هدية. لقد حدث هذا بالفعل فأرسل ملوك العجم و العرب الهدايا للنبي قبل الفتح و الهدايا و الجزية بعد الفتوحات الإسلامية .. إن كتبة انجيل متى قد حاولوا أن ينزلوا النبوءة على المسيح عليه السلام فقال إن رعاة المجوس لما ولد المسيح "فرحوا فرحاً عظيماً جداً. وأتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخروا وسجدوا له. ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهباً ولباناً ومراً " متى 2 : 10 – 11 .. هل بالله عليكم هؤلاء هم الملوك .. الرعاة عبدة النار أصبحوا ملوكا عند متى؟
و يسجد له كل الملوك. كل الامم تتعبد له .. هنا يقصد سليمان بالسجود التعظيم و ليس سجود العبادة .. و هي دليل على تعظيهم إياه و طاعتهم له و توقيرهم إياه
لانه ينجي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له .. لقد كان أكثر اتباع النبي من الفقراء و المساكين و قد كان يحبهم حتى إنه قد آواهم في مسجده الشريف بالمدينة و كانوا يسمون بأهل الصفة .. ثم هل تذكرون عندما ذهب النبي لأبي جهل ليرد الدين الذي عليه لأحد الضعفاء؟
يشفق على المسكين والبائس ويخلص انفس الفقراء ..فالكتاب الذي أنزله الله عليه يقول "فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " .. و يقول "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"
من الظلم والخطف يفدي انفسهم ويكرم دمهم في عينيه .. نعم فهو الذي قال الناس سواسية كأسنان المشط .. و هو الذي حض على اعتاق رقاب العبيد الفقراءو إطعام المساكين و في هذا يقول القرآن "وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ"
ويعيش ويعطيه من ذهب شبا .. نعم فلقد أرسلوا إليه الذهب كجزية على يد معاذ بن جبل.
و يصلّي لاجله دائما. اليوم كله يباركه في ترجمات أخرى "ويصلى لأجله دائما" .. هنا تقول النبوءة إن هذا هو محمد بن عبد الله و لا أحد غيره .. و نحن لا نعلم أحداً يصلي الله عليه و ملائكته و المؤمنون في كل وقت غير النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. لم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو ملك قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما تحققت له.. و من العجيب أن بعض النصارى ممن لم يقرأ الكتاب المقدس و أكثر النصارى كذلك .. يقولون مستهزئين .. هل الله يصلي ركعتين على نبيه؟ .. و أنا أقول لكم "إن الله و ملائكته يصلون على النبي" .. إن صلاة الله على عبده رحمة ومباركة من الله على العبد .. و هذا ماورد بالكتاب المقدس فاقرأوا الكتاب المقدس.
تكون حفنة بر في الارض في رؤوس الجبال .. لقد آمن بالنبي في بداية رسالته القليل من قاطني جبال مكة بصحراء الجزيرة العربية أمثال بلال و عمار و ياسر و خباب و صهيب
تتمايل مثل لبنان ثمرتها ويزهرون من المدينة مثل عشب الارض .. لقد بارك الله في تلكم الحفنة المؤمنة و كثرها "وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون"َ
يكون اسمه الى الدهر .. لأنه خاتم الأنبياء و سيد المرسلين و ستظل شهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" باقية إلى يوم القيامة.
قدام الشمس يمتد اسمه .. نعم و شهادة التوحيد باقية إلى يوم القيامة بفضل الله "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ"
و يتباركون به .. نعم في الدنيا و يوم القيامة .. فهو سيد ولد آدم و لا فخر و هو أو شافع و أول مشفع و يقول الله عنه "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"
كل امم الارض يطوّبونه .. نعم .. فالقرآن يقول يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما .. و نحن المسلمون من كل الشعوب نقول اللهم صلي و سلم و بارك على عبدك و نبيك محمد .. بينما عباد المسيح يلعنون يسوع فيقولون "صار لعنة لأجلنا"
مبارك الرب الله اله اسرائيل الصانع العجائب وحده .. نعم "فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"