اعتراضات القس فندر وردود العلامة الهندي عليها
ويثير القس فندر في وجه المسلمين أسئلة يراها تمنع من صرف البارقليط إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أولها: أنه ورد في البارقليط أنه روح الحق ثلاث مرات، وفي مرة رابعة ورد أنه روح القدس 5 وهي كما يقول القس فندر ألفاظ مترادفة تدل على الروح القدس.
والعلامة رحمة الله الهندي في كتابه العظيم «إظهار الحق» يسلم بترادف هذه الألفاظ ، ويؤكد أن لفظة روح الله دالة على الأنبياء أيضاً، كما جاء في رسالة يوحنا الأولى: «فلا تؤمنوا أيها الأحباء بكل روح من الأرواح، بل امتحنوا الأرواح حتى تعلموا هل هي من عند الله أم لا ؟ لأن كثيرين من الأنبياء الكذبة برزوا إلى هذا العالم » يوحنا 1 4/1-2 ، فالأنبياء الصادقون هم روح الله، والأنبياء الكذبة هم روح الشيطان.
وبين يوحنا كيفية معرفة روح الحق من روح الضلال، فقال: « بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله، وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم» يوحنا 1 4/2 - 6 .
ورسولنا هو روح الحق بدليل قول يوحنا، لأنه يعترف بالمسيح أنه رسول من عند الله، وأنه جسد، وأنه من الله كما سائر الناس هم من الله أي الله خلقهم. وبولس هو روح الضلال الذي يعتبر المسيح إلهاً، وهو الموجود في العالم حينذاك.
ثانيها: أن الخطاب في إنجيل يوحنا توجه للحواريين كما في قوله « يعلمكم » و « أرسله إليكم» .... وعليه فينبغي أن يوجد البارقليط في زمنهم.
ويمنع رحمة الله الهندي هذا الفهم، بل المراد: النصارى بعدهم. وأقامهم المسيح مقام التلاميذ، وهو أمر معهود في أسفار العهد الجديد، فقد جاء في متى في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع « أقول لكم: من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء» متى 26/64 ، وقد مات المخاطبون وفنوا، ولم يروه آتياً على سحاب السماء.
ومثله قول المسيح: «وقال له: الحق الحق أقول لكم: من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان» يوحنا 1/51 .
ثالثها: أن البارقليط لا يراه العالم ولا يعرفه، فقد جاء «لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم» بينما محمد صلى الله عليه وسلم قد عرفه الناس ورأوه.
ويرد العلامة رحمة الله الهندي بأن هذا ليس بشيء، لأن روح القدس عندهم هو الله أو روح الله، والعالم يعرف ربه أكثر من معرفته بمحمد، فهي لا تصدق على تأويلهم بحال.
ويرى رحمة الله الهندي أن المقصود بالنص هو أن العالم لا يعرفون هذا النبي المعرفة الحقيقية -أي نبوته- أما أنتم واليهود فتعرفونه، لإخبار المسيح والأنبياء لكم عنه.
وأما سائر الناس فهم كما قال المسيح: « لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون » متى 13/13 .
وليس المقصود بقوله: « لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم» الرؤية البصرية والمعرفة الحسية، بل المعرفة الإيمانية. ومثله ما جاء في يوحنا «أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا، ولا أبي، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً» يوحنا 8/19 ومثله في الأناجيل كثير. يقول متى هنري في تفسيره لإنجيل يوحنا: إن كلمة يرى في النص اليوناني لا تفيد رؤية العين، بل رؤية البصيرة.
ولربما كان عدم معرفتهم بالمنتظر القادم أنه غريب وليس من اليهود « وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو» يوحنا 7/27 .
رابعها: جاء في وصف البارقليط أنه « مقيم عندكم وثابت فيكم» ، فدل على وجوده مع الحواريين، ولا يصدق هذا على محمد صلى الله عليه وسلم.
ويرى رحمة الله الهندي أن النص في تراجم وطبعات أخرى: « مستقر معكم وسيكون فيكم» ، وفي غيرها: « ماكث معكم ويكون فيكم » .
والمعنى في ذلك كله الاستقبال وليس الآنية، بمعنى أنه سيقيم عندكم أو يمكث عندكم. ذلك أن النص دل على ذلك، فهو يقول بعدم وجوده بينهم ذلك الوقت « قد قلت لكم قبل أن يكون، حتى متى إذا كان تؤمنوا » ، و « إن لم أنطلق لم يأتكم البارقليط » . وهو ما يقوله النصارى حين يؤمنون أن مجيئه وحلوله كان في يوم الخمسين.
ومثله أخبر حزقيال عن خروج يأجوج ومأجوج بصيغة الحاضر، وهم لم يخرجوا بعد فقال: «ها هو قد جاء وصار، يقول الرب: هذا هو اليوم الذي قلت عنه » حزقيال 39/8 ، ومثله في يوحنا 5/25 .
خامسها: جاء في كتاب الأعمال: « وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الأب الذي سمعتموه مني، لأن يوحنا عمد الماء، وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس، ليس بعد هذه الأيام بكثير » . أعمال 1/4 - 5 ، ويرى فندر أن هذا « يدل على أن بارقليط هو الروح النازل يوم الدار، لأن المراد بموعد الآب هو بارقليط » .
وفي رده يبين رحمة الله الهندي أن ما جاء في الأعمال وعد آخر لا علاقة له بالبارقليط الذي تحدث عنه يوحنا فحسب، فقد وعدوا بمجيء الروح القدس في وعد آخر، وتحقق الموعود بما ذكر لوقا في الأعمال. أما ما ذكره يوحنا عن مجيء البارقليط فلا صلة له بهذه المسألة.
وبذلك فإننا نرى في البارقليط النبوءة التي ذكرها القرآن الكريم « وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد » الصف: 6
ويثير القس فندر في وجه المسلمين أسئلة يراها تمنع من صرف البارقليط إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أولها: أنه ورد في البارقليط أنه روح الحق ثلاث مرات، وفي مرة رابعة ورد أنه روح القدس 5 وهي كما يقول القس فندر ألفاظ مترادفة تدل على الروح القدس.
والعلامة رحمة الله الهندي في كتابه العظيم «إظهار الحق» يسلم بترادف هذه الألفاظ ، ويؤكد أن لفظة روح الله دالة على الأنبياء أيضاً، كما جاء في رسالة يوحنا الأولى: «فلا تؤمنوا أيها الأحباء بكل روح من الأرواح، بل امتحنوا الأرواح حتى تعلموا هل هي من عند الله أم لا ؟ لأن كثيرين من الأنبياء الكذبة برزوا إلى هذا العالم » يوحنا 1 4/1-2 ، فالأنبياء الصادقون هم روح الله، والأنبياء الكذبة هم روح الشيطان.
وبين يوحنا كيفية معرفة روح الحق من روح الضلال، فقال: « بهذا تعرفون روح الله: كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله، وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم أنه يأتي، والآن هو في العالم» يوحنا 1 4/2 - 6 .
ورسولنا هو روح الحق بدليل قول يوحنا، لأنه يعترف بالمسيح أنه رسول من عند الله، وأنه جسد، وأنه من الله كما سائر الناس هم من الله أي الله خلقهم. وبولس هو روح الضلال الذي يعتبر المسيح إلهاً، وهو الموجود في العالم حينذاك.
ثانيها: أن الخطاب في إنجيل يوحنا توجه للحواريين كما في قوله « يعلمكم » و « أرسله إليكم» .... وعليه فينبغي أن يوجد البارقليط في زمنهم.
ويمنع رحمة الله الهندي هذا الفهم، بل المراد: النصارى بعدهم. وأقامهم المسيح مقام التلاميذ، وهو أمر معهود في أسفار العهد الجديد، فقد جاء في متى في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع « أقول لكم: من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً على سحاب السماء» متى 26/64 ، وقد مات المخاطبون وفنوا، ولم يروه آتياً على سحاب السماء.
ومثله قول المسيح: «وقال له: الحق الحق أقول لكم: من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان» يوحنا 1/51 .
ثالثها: أن البارقليط لا يراه العالم ولا يعرفه، فقد جاء «لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم» بينما محمد صلى الله عليه وسلم قد عرفه الناس ورأوه.
ويرد العلامة رحمة الله الهندي بأن هذا ليس بشيء، لأن روح القدس عندهم هو الله أو روح الله، والعالم يعرف ربه أكثر من معرفته بمحمد، فهي لا تصدق على تأويلهم بحال.
ويرى رحمة الله الهندي أن المقصود بالنص هو أن العالم لا يعرفون هذا النبي المعرفة الحقيقية -أي نبوته- أما أنتم واليهود فتعرفونه، لإخبار المسيح والأنبياء لكم عنه.
وأما سائر الناس فهم كما قال المسيح: « لأنهم مبصرين لا يبصرون، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون » متى 13/13 .
وليس المقصود بقوله: « لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم» الرؤية البصرية والمعرفة الحسية، بل المعرفة الإيمانية. ومثله ما جاء في يوحنا «أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا، ولا أبي، لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً» يوحنا 8/19 ومثله في الأناجيل كثير. يقول متى هنري في تفسيره لإنجيل يوحنا: إن كلمة يرى في النص اليوناني لا تفيد رؤية العين، بل رؤية البصيرة.
ولربما كان عدم معرفتهم بالمنتظر القادم أنه غريب وليس من اليهود « وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو» يوحنا 7/27 .
رابعها: جاء في وصف البارقليط أنه « مقيم عندكم وثابت فيكم» ، فدل على وجوده مع الحواريين، ولا يصدق هذا على محمد صلى الله عليه وسلم.
ويرى رحمة الله الهندي أن النص في تراجم وطبعات أخرى: « مستقر معكم وسيكون فيكم» ، وفي غيرها: « ماكث معكم ويكون فيكم » .
والمعنى في ذلك كله الاستقبال وليس الآنية، بمعنى أنه سيقيم عندكم أو يمكث عندكم. ذلك أن النص دل على ذلك، فهو يقول بعدم وجوده بينهم ذلك الوقت « قد قلت لكم قبل أن يكون، حتى متى إذا كان تؤمنوا » ، و « إن لم أنطلق لم يأتكم البارقليط » . وهو ما يقوله النصارى حين يؤمنون أن مجيئه وحلوله كان في يوم الخمسين.
ومثله أخبر حزقيال عن خروج يأجوج ومأجوج بصيغة الحاضر، وهم لم يخرجوا بعد فقال: «ها هو قد جاء وصار، يقول الرب: هذا هو اليوم الذي قلت عنه » حزقيال 39/8 ، ومثله في يوحنا 5/25 .
خامسها: جاء في كتاب الأعمال: « وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الأب الذي سمعتموه مني، لأن يوحنا عمد الماء، وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس، ليس بعد هذه الأيام بكثير » . أعمال 1/4 - 5 ، ويرى فندر أن هذا « يدل على أن بارقليط هو الروح النازل يوم الدار، لأن المراد بموعد الآب هو بارقليط » .
وفي رده يبين رحمة الله الهندي أن ما جاء في الأعمال وعد آخر لا علاقة له بالبارقليط الذي تحدث عنه يوحنا فحسب، فقد وعدوا بمجيء الروح القدس في وعد آخر، وتحقق الموعود بما ذكر لوقا في الأعمال. أما ما ذكره يوحنا عن مجيء البارقليط فلا صلة له بهذه المسألة.
وبذلك فإننا نرى في البارقليط النبوءة التي ذكرها القرآن الكريم « وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد » الصف: 6