لقد قاوم الناس دعوات تأليه المسيح وعقيدة التثليث واتسعت دائرة المعارضة حتى أصبحت هذه العقيدة محدودة محصورة في أقلية ، فقدت أعصابها ، فاتهمت مخالفيها بالكفر والمروق ، وترك الناس إنجيل بولس إلى إنجيل يخالف ما ذهب إليه، ولقد اعترف بذلك بولس :
1- يحاول بولس المحافظة على بعض تلاميذه حتى يستمروا على عقيدتة ، فيقول لهم في غلاطية (1 : 6 – 9) :
"إني أتعجب أنكم تنتقلون سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ، إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما ... إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما " .
2- بولس ينصح تلاميذه وأتباعه أن يجتنبوا مخالفيهم حتى لا يتأثروا ويقتنعوا بآرائهم ، فيقول في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس (6 : 3 – 5) :
"إن كان أحد يعلم تعليماً آخر ولا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة والتعليم الذي هو حسب التقوى - فقد تصلف وهو لا يفهم شيئاً ، بل هو متعلل بمباحثات ومماحكات الكلام التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء والظنون الردية ومنازعات أناس فاسدي الذهن وعادمي الحق ، يظنون أن التقوى تجارة تجنب مثل هؤلاء" .
3- وفي رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس (4 : 14-16) يعترف بأن الجميع تركوه وكانوا يعارضونه بقوة :
"إسكندر النحَّاس أظهر لي شرورًا كثيرة ليجازِه الرب حسب أعماله ، فاحتفظ منه أنت أيضاً ؛ لأنه قاوم أقوالنا جداً في احتجاجي الأول لم يحضر أحد معي بل الجميع تركوني" .
4- ويعلن بولس أن جميع الذين في آسيا تركوا أفكاره وعقيدته :
ففي بولس الثانية إلى تيموثاوس (1 : 15) :
"أنت تعلم هذا أن الجميع الذين في آسيا ارتدوا عني ، الذين منهم فيجلس وهرموجانس" .
5- ويعترف بولس أن آراء مخالفيه تنتشر انتشاراً واسعاً لا حدود له، فيقول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس (2 : 14 – 18) :
"فكرْ بهذه الأمور مناشداً قدام الرب أن لا يتماحكوا بالكلام ، الأمر غير النافع لشيء لهدم السامعين ... وأما الأقوال الباطلة الدنسة فاجتنبْها ؛ لأنهم يتقدمون إلى أكثر فجور وكلمتهم ترعى كأكله ، الذين منهم هيمينايس وفيليتس اللذان زاغا عن الحق" .
6- ولقد وصل الأمر إلى انقسام واختلاف العائلة الواحدة التي تتبع أقوال بولس ، فتدخل بولس راجياً متوسلاً أن لا يختلفوا حتى يحافظ على الأقلية الباقية الموالية له ، ففي الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (1 : 10-12) :
" ولكنني أطلب إليكم - أيها الإخوة - باسم ربنا المسيح أن تقولوا جميعكم قولاً واحداً ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد ؛ لأني أخبرت عنكم يا إخوتي من أهل خلوي أن بينكم خصومات ، فأنا أعني هذا أن كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح هل انقسم المسيح ؟!".
7- وكل ما سبق كان نتيجة طبيعية للأناجيل الكثيرة التي كانت منتشرة ، فلم يثبت ويتأكد للناس أي الأناجيل هو الصحيح ، ولقد اعترف لوقا (1 : 1-3) بكثرة الأناجيل ، فيقول :
" إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة - رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي" .
8- وقد أثبت إنجيل متى أن الاختلافات كانت موجودة بين الناس حول شخصية المسيح ومَن هو ، وكان المسيح بين ظهرانيهم ، وفي اعتقادي أن هذا أحد أسباب الاختلافات بين المذاهب المختلفة في المسيحية ، فكان الاختلاف هو : هل المسيح رسول أم إله ؟ ، هل هو نبي أم معلم صالح ؟ ، لقد كان الاختلاف منذ البداية ولم يُحسم قط .
يقول متى (21 : 45-46) :
"ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم ، وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع ؛ لأنه كان عندهم مثل نبي" .
ويقول متى (16 : 13-17) :
"ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلاً : مَن يقول الناس إني أنا ابن الإنسان فقالوا قوم : يوحنا المعمدان ، وآخرون إيليا ، وآخرون أرميا أو واحد من الأنبياء ، قال : لهم وأنتم مَن تقولون إني أنا ؟ ، فأجاب سمعان بطرس وقال : أنت هو المسيح ابن الله الحي فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك ياسمعان بن يونان لحمًا ودمًا لم يعلن لك ، لكن أبي الذي في السماوات ...." .
ويقول متى (17 – 14 ) :
" ولما جاءوا إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثياً له وقائلاً : يا سيد ارحم ابني" .
ويقول متى (19 : 16-17) :
" وإذا واحد تقدم وقال له : أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية ، فقال له : لماذا تدعوني صالحاً ، ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله" .