غــايــة الإنـجـيــل
- 22 -
(كلام الملكوت) بمعنى إرادة الله
( لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض أيضاً ) (متى 10:6)
كان قوم بني إسرائيل (ملكوت) الرب (يهوه) وكانت التوراة (كلامه) وكما أن اليهودية دين سماوي ، فالتوراة هي الكتاب المقدس لذلك الدين . دين بلا كتاب كدولة بلا قانون ، لاشك أنها محكوم عليها بالسقوط والاضمحلال ، وكلما كانت أسس الدين موافقة للعقل والعدل ، يكون بقاء ذلك الدين ودوامه وطيداً محفوظاً ، وان ديناً يستحيل تطبيق فرائضه وتعميم أحكامه على كل نوع البشر ، لا يكون إلا وقتياً وموضعياً .
(كلام الملكوت) بمعنى إرادة الله
( لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض أيضاً ) (متى 10:6)
كان قوم بني إسرائيل (ملكوت) الرب (يهوه) وكانت التوراة (كلامه) وكما أن اليهودية دين سماوي ، فالتوراة هي الكتاب المقدس لذلك الدين . دين بلا كتاب كدولة بلا قانون ، لاشك أنها محكوم عليها بالسقوط والاضمحلال ، وكلما كانت أسس الدين موافقة للعقل والعدل ، يكون بقاء ذلك الدين ودوامه وطيداً محفوظاً ، وان ديناً يستحيل تطبيق فرائضه وتعميم أحكامه على كل نوع البشر ، لا يكون إلا وقتياً وموضعياً .
بما ان اليهودية دين لشعب خاص فلا يتسنى للأقوام الأخرى أن تستفيض وتستفيد منه ، لان ما تستفيد الأقوام الأخرى ليس (الكتب الخمسة ) بل ما تشتمل عليه من الفرائض والأحكام ، وكانت بعض الأقوام الأخرى راقية إلى درجة ما ، ولكن دينهم أيضاً كان محدوداً وابتدائياً لذلك أمر الله عيسى عليه السلام أن يبلغ ويبشر بملكوت الله الذي سيتأسس في آخر الزمان ، ويجمع كل بني آدم إلى الدين العام والمسيح عليه السلام لم يكن ذا علاقة بتأسيس ملكوت الله ، ولكنه بالطبع كان ذا صلاحية ببيان بعض المعلومات عن أوصافه وخصائصه .
وبعد أن أعطينا هذا المقدار من المعلومات الابتدائية عن (ملكوت الله) نبحث الآن عن معنى (كلام الملكوت) بعبارة مختصرة .
ستجري إرادة الله ومشيئته على الأرض في الملكوت الآتي كما هي جارية ونافذة في السموات ، بين المسيح عليه السلام في هذا الدعاء الذي علمه لتلاميذه موضوعين مهمين هما (ملكوت الله ومشيئته) ولاشك في أن (ملكوت الله) شيء ، و(مشيئته الله) شيء آخر ، (كلام الملكوت) بمعنى قانون الدولة وفي موضعه و (كلام الدين) هو كتاب الدين ، أي انه كتاب مبين يكون مداراً لإدارة الأمور الدينية ، وكما أن ملكوت الله سيكون خلفاً للموسوية ، فان كلام الملكوت أيضاً سيخلف التوراة . فالمسيح الذي التزم حفظ الشريعة الموسوية من غير أن يمس حرفاً أو نقطة منها إلى أن يتأسس ملكوت الله ، لابد انه قصد أن يبين في قوله انه يقول : سيأتي يوم تنسخ فيه الشريعة المذكورة ، ويفهم منه انه سيأتي كتاب جديد باسم كلام الله (الكلام القديم) .
والكلام المذكور سيجري وينفذ كما في السماء كذلك على الأرض ، ولا يخفى أن الملكوت سيتشكل من بني آدم لأنه يرجو أن تجري إرادة الله المرشدة والمدبرة له على الأرض، ومع حرصي على أن لا أتعب قرائي ، أراني مضطراً على كل حال لتدقيق لفظ الإرادة والمشيئة .
كلمة (ثيليما إرادة) لا يذكرونها والمطلوبة في الصلاة التي يسمونها (الدعاء الرباني) إنهم يستعملون كلمة (إرادة) بمعنى (أمر فرمان ، مرسوم) ولكن المسيح لم يبحث عن كلمة فرمان وأمثالها ، بل هو يتكلم عن إرضاء الله ومشيئته ، والآن انظروا هل من مناسبة بين (أيودوكيا) حسن الرضا) الذي فسروا به أنشودة الملائكة وبشارتهم وبين هذه (الإرادة ثيليما) أم لا ؟
فإذا كان كل من عيسى عليه السلام وجمهور الملائكة قد أرادوا بها معنى (رضا) فلماذا ترجموها في محل (أيودوكيا ) وفي محل آخر ( ثيليما) وعلى كل حال فتسبيح الملائكة والدعاء الرباني كلاهما في شأن الإسلام والملكوت ، وكذلك يجب أن يتفقا أيضاً حول كلمتي (احمد والكلام) ولما بحثنا في كلمة (أيودوكيا) كنا أوضحنا أن كلمتي ( حمد و راضون) تفيدان معنى (احمد ومحمد) وكذلك معنى (رضا وإرادة) وها نحن أولاء تمكنا من كشف الحقيقة التي نتطلبها من بقايا الإلهامات الإنجيلية .
ليتفكر قرائي الكرام جيداً أني موافيهم بالتأويلات العديدة للكلمات (حمد ، احمد ، محمد) المكتوبة بالعبرانية ، ليس بمعنى الألفاظ بالعربية فقط ، بل بلفظها وبعين حروفها ، لذلك أرجو أن يمعنوا النظر لئلا يحصل سوء فهم .
لا علاقة لكلمة (راضون إرادة) التي في الصلاة المسيحية بأحمد ومحمد لأنها تبحث عن اسم معنوي عن رضا وإرادة ، لا عن ذات أو شخص .
لم يتسن لتلاميذ المسيح أن يفهموا منه ما هو ملكوت الله ، وما هي إرادة الله(*) فالحقيقة الباهرة التي لم يتمكن الحواريون من فهمها - على ما تقول الكتب الإنجيلية - كيف يفهمها الذين أتوا بعدهم ؟ إذاً فلسبب جهلهم حينئذ لم يفهموا ما هو الملكوت ولا ما هي إرادة الله .
لندع البابا جانباً والبطاركة الذين يدعون القدرة على كشف حقيقة عجز عن إدراكها الحواريون وعلى إظهار كل حقيقة .
ولكن ليت شعري كيف يؤول البروتستانت هذا في مواعظهم وقيلهم وقالهم في أيام الأحد ؟ وهل هم يوضحون المراد من هذا الملكوت وما هي هذه الإرادة ؟
الملة العيسوية مؤلفة من خمسمائة مذهب ونيف وكل منها يدعي أن الجماعة التي ينتسب إليها هي ملكوت الله ، وان إرادة الله نافذة في تلك الجماعة وحدها ، وان الأربعمائة والتسعة والتسعين الباقية كلها في الضلالة ، حتى انه ليؤكد بالأقسام والإيمان المغلظة أن مدعاه صحيح.
وللحديث بقية ان شاءالله وقدر.