هل مرقس هو كاروز الديار المصرية ومؤسس كنيسة الإسكندرية ؟
تعتقد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنّ مرقس هو من بشّر برسالة المسيح في مصر ، وبالتالي هو مؤسس كنيسة الإسكندرية (53) .تقول الموسوعة الكاثوليكية (54):( هناك تقليد شائع - ولو أنّه نوعاً ما متأخر - يبرز مرقس كمؤسس لكنيسة الإسكندرية . بالرغم من أنّ اكلمندس وأوريجانوس ( عاشا في الإسكندرية ) لم يشيرا قط إلى علاقة القديس بهذه المدينة ). وأول من ذكر أنّ مرقس كرز في مصر هو المؤرخ يوسيبيوس القيصري ( توفي 340 ) فيقول في تاريخه : ( وهم قالوا إنّ مرقس كان أول من أرسل إلى مصر وأنّه نادى فيها بالإنجيل الذي كتبه ، وأول من أسس كنيسة الإسكندرية ) .. (55) .وبنحو ذلك يقول القديس جيروم (56) ، وأبيفانيوس (57) وغيرهما وسائر الكنيسة الأرثوذكسية القبطية.وقبل يوسيبيوس ( توفي 340 م) لم يذكر أحد من الآباء ذهاب مرقس إلى مصر ، بل إنّ اكلمندس الإسكندري وأوريجانوس عاشا في الإسكندرية ، وهما من أشهر آبائها ولم يذكرا شيئاً يربط مرقس بمصر ، وطبعاً الزمن بين يوسيبيوس ومرقس منقطع ، فبينهما حوالي مائتي سنة ، وما كان كذلك فهو ساقط ، وخصوصاً أنّ يوسيبيوس يقول ( هم قالوا ) ، فلا يُعرف من هم الذين قالوا ، فهم مجهولون تماماً .وهذا يدل أنّ اعتقاد الكنيسة القبطية - أنّ مرقس هو كاروز الديار المصرية – قول ليس له أساس معتبر ، وليس لهم إلا أن يستشهدوا بمجرد أقوال لآباء من القرن الرابع وما بعده .لذلك حالهم في إثبات كرازة مرقس في مصر ليست بأحسن حالاً من إثبات الكاثوليك كرازة بطرس في روما ، فانظر عزيزي القارئ كيف تفعل العصبية بأصحابها ، قضية كرازة بطرس في روما شهد لها آباء قدماء من القرن الثاني كـ اريناوس واكلمندس الاسكندري ويوسيبيوس القيصري وجيروم (58) ، ومع أنّ هذه الشهادات وصلتنات من بداية القرن الثاني فصاعداً ، إلا أنّ الأقباط يرفضونها ولا يسلمون بها ، بينما قضية كرازة مرقس في مصر يقبلونها بل يأخذون بها كحقيقة مُسلّم بها رغم أنها ذكرت من القرن الرابع فصاعداً ؟؟فانظر عزيزي القارئ :ما يشهد لكرازة بطرس في روما وصلنا من القرن الثاني .ما يشهد لكرازة مرقس في مصر وصلنا من القرن الرابع .فلو نظرنا بعين الإنصاف لعلمنا أنّ كرازة بطرس في روما أولى قبولاً من كرازة مرقس بمصر لأنّ ما يشهد لها أقدم بكثير وأقرب إلى عصر الرسل ، ومع ذلك لا نرى للقولين دليل معتبر يسندهما إلا أقوال مرسلة لآباء ولدوا بعد موت بطرس ومرقس بزمن بعيد .