لماذا تدعوني صالحاً ؟
"أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية. فقال له لماذا تدعوني صالحاً. ليس أحد صالحاً إلاّ واحد وهو الله". (متى 19/16-17).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- الرجل نادى عيسى "أيها المعلم الصالح". ولم يعترض عيسى على "المعلم". لم يقل للرجل: نادني ابن الله. رضي باسمه الذي هو "المعلم". وهذا رد على الزاعمين بألوهية المسيح.
2- اعترض المسيح على نعته بالصالح. وقال لا يوجد صالح سوى الله. يقصد "الصلاح الكامل".
3- لاحظ كلمة "واحد" وهو الله. الله واحد. هذا ما قال عيسى نفسه في الإنجيل. لم يقل إن الله ثلاثة في واحد أو واحد في ثلاثة. قال إن الله واحد. هكذا كان الله دائماً. واحد أحد. جميع الأنبياء دعوا إلى الله الواحد. ولم نسمع بنغمة الثلاثة في واحد والواحد في ثلاثة إلاّ من الكنيسة. الله واحد. الله واحد. هذا قول عيسى ذاته. حتى أن عيسى رفض أن يشترك مع الله في صفة "صالح" وقصرها على الله وحده. عيسى رفض أن يدعوه "الصالح"، فهل يرضى أن يدعوه إلهاً؟!!! مستحيل طبعاً.
الوصايــا:
قال عيسى: "لا تقتل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك. وأحب قريبك كنفسك... إن أردت أن تكون كاملاً فأذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء... وتعال واتبعني... يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت السماوات". (متى 19/18-24).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- الوصايا التي تنهى عن القتل والزنى والسرقة وشهادة الزور لا تكفي لأنها لم تقترن بالعقوبات الرادعة. إن هذه الوصايا لم توقف سيل الجرائم بأنواعها في أوروبا وأمريكا. القتل هناك منتشر بحيث يخاف المرء أن يخرج ماشياً بمفرده بعد الغروب. الزنى هناك هو القاعدة. جرائم السرقة والسطو المسلح حتى على البنوك لا تسل عنها. الوصايا لا توقف الجرائم. لابد من نظام عقوبات إلهي رادع، وهذا ما جاء به القرآن الكريم. القرآن أوصى بالفضائل ونهى عن الجرائم والرذائل وقرن ذلك بنظام عقوبات واضحة رادعة عادلة. ولذلك فإن الجرائم في بلاد الإسلام أقل بكثير من الجرائم في البلاد غير الإسلامية.
2- الفقر شرط للكمال (حسب النص). بع أملاكك إذا أردت أن تكون كاملاً. هذا الكلام غير مقبول عقلاً، لأن الفقير الذي لا يملك شيئاً سيضطره الفقر إلى الخروج عن الطريق المستقيم. ولا يوجد تعارض بين الغني والكمال إذا كان الغني تقياً يخاف الله، بل بالعكس فإن الغني مع التقوى يقرِّب صاحبه من الكمال لأنه يكون أقدر على العطاء في سبيل الله.
3- الغني لا يدخل الجنة (حسب النص). هذا أيضاً كلام مشكوك فيه. المهم هو التقوى. بعض الفقراء شياطين بلا تقوى، فهل سيدخلون الجنة ؟! وبعض الأغنياء أتقياء، فهل سيدخلون النار ؟! المهم طاعة الله ومخافته.
ماذا يكون لـه:
قال بطرس لعيسى: "ها نحن تركنا كل شيء وتبعناك. فماذا يكون لنا ؟ فقال لهم يسوع.. متى جلس ابن الإنسان (أي عيسى) على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر... ولكن كثيرون أولون يكونون آخرين وآخرون أولين". (متى 1927-30).
هنا نلاحظ ما يلي:
1 - بطرس، كبير الحواريين، يريد المكافأة على اتباعه عيسى، فيسأل عن مكافأته!! وهذا سؤال غريب من كبير الحواريين. بعد أن رافق عيسى مدة طويلة يسأله عن ثوابه وكأنه لا يعرفه أو متشكك فيه أو يلح في طلب ثواب سخيّ!!
2- مرة أخرى، عيسى يدعو نفسه (ابن الإنسان). وهذا ردّ على الزاعمين بألوهيته.
3- كيف يجلس الحواريون الاثنا عشر على اثني عشر كرسياً ؟! هل يهوذا الإسخريوطي الذي خان عيسى ودلّ أعداءَه عليه، هل هذا سيجلس مع الحواريين أيضاً ؟! كان من المفروض أن يكون عدد الكراسي أحد عشر!!
4- ولماذا يدين الحواريون أسباط بني إسرائيل ؟! هل الله هو الذي يدين أم الحواريون ؟! إن الذي يدين ويجازي يوم القيامة هو الله وحده وليس عسى ولا الحواريون.
5- ولماذا تخصيص أسباط بني إسرائيل بالإدانة ؟ ربما لكثرة معاصيهم. وربما لأن عيسى مرسل إلى بني إسرائيل فقط (متى 10/5-6)، ولذلك رأي من اختصاصه أن يدينهم وحدهم فقط. وهذا يناقض يوحنا اللاهوتي (7/4) الذي يقول إن الأسباط مرضي عنهم!!
6- أما "الأولون الآخرون والآخرون الأولون" فهي إشارة إلى أن العديد من الناس الذين دعوا إلى التوحيد في سابق الأزمنة سيدخلون الجنة آخرين وأن العديد من الذين دعوا في آخر الأزمنة (وهم المسلمون) سيدخلون الجنة أولين – حسب تفسير البعض.