صواعق الحق في الرد على ميزان الحق المقلوب
لإثبات التحريف
الباب الأول
القرآن يشهد بتحريف كتب اليهود والنصاري
) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ(
في الآيات التالية يخبرنا الحق سبحانه وتعالي بأن كتب اليهود والنصاري محرفة وأعتقد أن النصوص التي سأوردها لا تحتاج من لتعليق :
) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ( [البقرة : 79]
) أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( [البقرة : 75]
) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ( [النساء : 46]
) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( [المائدة : 13]
) يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ( [المائدة : 41]
وسأكتفي بهذه الآيات الخمسة السابقة لأثبات مايقوله القرآن صراحة في تحريفهم لكتبهم ويفهمه كل من لديه أدني قدر من العقل.
بالنسبة لمقدمة الكتيب والتي يقول فيها ناشر الكتاب :
((الحمد لله أننا نعيش في عصر العلم والتنوّرالذي لا مكان فيه للمتعصب والناموسي, إن أوساط الدنيا مفتوحة للبحث الموضوعي والتفاهم المبني على أسس الحقيقة, فإن كنت من الذين يفتشون عن الحق فندعوك للدراسة الخالية من العواطف لتجد جوهر الوحي وتلبس قوة العلي, الحمد لله مرة أخرى لأن الخبير الدكتور فاندر ألف منذ أكثر من مائة سنة هذا الكتاب الشهير ميزان الحق ولم نجد حاجة للتغيير فيه لأن مقارناته متينة ومبنية على احترام وفهم وعدل, فيسرنا أن ننشر كتابه مرة أخرى عسى أن بعض الشباب يغادرون جو القرون الوسطى وينطلقون إلى حرية الفكر والحياة المبنية على الواقع والمنطق والمحبة.))
فنقول له نعم الحمد لله دائما وأبدا ونحمد الله أننا نعيش في عصر العلم والنور الذي لا مكان فيه لجهل القرون الوسطي يوم كانت النصرانية تحكم أوروبا يوم أن كان الإنسان يمتهن عقلة أو يحرق حيا لمجرد أنه عالم أو لمجرد أنه يقول بكروية الأرض ذات الأطراف الأربعة في الكتاب المقدس أو أن يقول بدوران الأرض الثابتة فيما يدعي بالكتاب المقدس ناهيك عن من يحاول أن يقول أن الأرانب لا تجتر أو أنه لا مكان لطيور بأربعة أرجل خارج تحريفات ما يدعي بالكتاب المقدس كل هذا والحمد لله بالرغم من أن الإسلام كان منارة العلم والتنوير في شتي أنحاء الأرض في نفس الوقت في الأندلس المسلمة والتي لولاها بعد فضل الله لظل العالم حتي الآن تحت سلطان الخرافة الذي كانت تحكم به الكنيسة وخلفاء المسيح علي الأرض الباباوات الذين أمتهنوا عقول البشر إلي درجة أن باعوا الجنة لأتباعهم ولولا مارتن لوثر وثورته الشهيرة عليهم لكان قراء هذا الكتاب من النصاري لازالوا يدفعون أموالهم مقابل صك غفران يضمن لهم مكان في الجنة الموهومة أو الملكوت المزعوم .
أما بالنسبة الدكتور فاندر مؤلف الكتيب والذي حوله الناشر إلي خبير لمجرد أنه كتب ما يوافق هواه فهو نكره بصفة عامة ولم يسمع به من قبل وليسأل أي قارئ منكم نفسه من هو دكتور فاندر ؟ هذا هو حال النصاري فمن يمنح القداسة لإنسان لم يستحم أربعين سنة متصلة يمكنه أن يجعل من النملة فيل وذلك ليريح عقله المكدود المثقل بتخاريف منبعها التحريف وتخرصات الكهنة المسيطرين علي عقله بما لم ينزل الله به من سلطان .
ولنستعرض معا ما أفتراه الكاتب في كتيبه الهزيل ذو العشرين صفحة والتي معظمها نسخ ولصق وإلباس للحق بالباطل .
ونبدأ بالرد علي قوله :
(( يشهد المصحف يشهد أنه وُجد في جزيرة العرب زمن صاحب القرآن أمتان مختلفتان في الدين )).
ولا نعترض أو نقول بأنه لم يوجد يهود أو نصاري في شبة الجزيرة العربية وليس جزيرة العرب كما وصفها صاحب الكتيب , ولكننا نبين جهله في قوله ( يشهد المصحف ) فكلمة القرآن لا تكافئ كلمة المصحف إلا لمن ليس له دراية بالمعاني والمسميات و كلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة و هي القرطاس المكتوب ، و المصحف ـ مثلث الميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود ، و لذلك قيل للقرآن مصحف ، و عليه فكل كتاب يسمى مصحفاً. وجهله هنا هو خطأ لا نلومه عليه ونعذره لجهله وهو ليس متفردا بهذا ولكنه خطأ شائع بين قومه يعملون به أحيانا عن جهل وأحيانا لمجرد الأفتراء كأن يوهموا أتباعهم مثلا بأن كلمة مصحف عثمان تكافئ مثلا قرآن عثمان مع أن عثمان رضي الله عنه لا علاقة له بالقرآن سوي نفس العلاقة التي تربط كاتب هذا البحث وكل المسلمين بالقرآن .
أما بالنسبة للآيات التي أوردها صاحب الكتيب بأن القرآن يقول بصحة كتبهم فسأقوم بوضع الآيات وتفنيدها لكي يظهر الحق ويمحق الباطل :
يقول صاحب الكتيب مستشهدا بصحة كتابه من القرآن قائلا وهو يستشهد بسورة [الأعراف : 169] علي أن كتاب اليهود أو ما يسمي بالعهد القديم عند النصاري ورثوه جيلا بعد جيل من أبائهم أو كما يقول نصا ((وفي سورة الأعراف يصرح بأن اليهود تلقوا الكتاب - التوراة - بالتوارث عن آبائهم في آية 169)).
في محاولة رخيصة من صاحب الكتيب ألبس فيها الحق بالباطل قرر أن يخرج الآية القرآنية عن سياقها الواضح لكل من يقرآها وبعد أن كانت الآية تقول بتحريفهم حولها قلم صاحب الكتيب للنقيض ليستشهد بها علي صحة زعمه الكاذب وبمراجعة ما ورد بالآية كاملة وهو الذي الذي بترة منها نجد الآية تقول :
) فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ( [الأعراف : 169]
وتفسير هذه الآية الواضحة حتي يفهم النصاري ويكتشفوا خداع صاحب الكتيب يقول :
[ فجاء من بعد هؤلاء الذين وصفناهم بَدَلُ سوء أخذوا الكتاب من أسلافهم, فقرءوه وعلموه, وخالفوا حكمه, يأخذون ما يعرض لهم من متاع الدنيا من دنيء المكاسب كالرشوة وغيرها; وذلك لشدة حرصهم ونَهَمهم, ويقولون مع ذلك: إن الله سيغفر لنا ذنوبنا تمنيًا على الله الأباطيل, وإن يأت هؤلاء اليهودَ متاعٌ زائلٌ من أنواع الحرام يأخذوه ويستحلوه, مصرِّين على ذنوبهم وتناولهم الحرام, ألَمْ يؤخذ على هؤلاء العهود بإقامة التوراة والعمل بما فيها, وألا يقولوا على الله إلا الحق وألا يكذبوا عليه, وعلموا ما في الكتاب فضيعوه, وتركوا العمل به, وخالفوا عهد الله إليهم في ذلك؟ والدار الآخرة خير للذين يتقون الله, فيمتثلون أوامره, ويجتنبون نواهيه, أفلا يعقل هؤلاء الذين يأخذون دنيء المكاسب أن ما عند الله خير وأبقى للمتقين؟ ].
صديقي النصراني هل لاحظت كذب صاحب الكتيب وكيف أنه أخذ جزء من الآية أقتطعه إقتطاعا ليدلس عليك وهذا هو غالبا منهج رهبانكم من النصاري الذين يتصدون لمثل هذا الموضوع وهو ما ستراه واضحا جليا في الآيات التالية التي أقتطعوها وأخرجوها عن سياقها محاولين أيهامكم بعكس ماتقول .
يقول صاحب الكتيب حرفيا مواصلا تضليله لأتباعه : (( حتى أن القرآن يأمر محمداً أن يسأل أهل الكتاب إن حصل عنده شك في القرآن ليتثبَّت به,قال في سورة يونس 10 :94 ) فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ( .
ولنري ماذا تقول الآية هنا والتي أخرجها عن سياقها ومعناها
) فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ( [يونس : 94].
يقول تفسير هذه الآية :
القول في تأويل قوله تعالى : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فإن كنت يا محمد في شك من حقيقة ما أخبرناك وأنزل إليك من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوتك قبل أن تبعث رسولا إلى خلقه , لأنهم يجدونك عندهم مكتوبا ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف في كتابهم في التوراة والإنجيل ; فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك من أهل التوراة والإنجيل كعبد الله بن سلام ونحوه من أهل الصدق والإيمان بك منهم دون أهل الكذب والكفر بك منهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . (الطبري).
أي أن الكلام كان مقصورا فقط علي نبوة الرسول علية الصلاة والسلام وليس عن القرآن كما يقول المحرف صاحب الكتيب .
وهو ايضا ما ينفيه العقل بداهة فالله يقول في الآية ) فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ( وكلمة " أنزلنا " فعل ماضي مما يعني أن الله يتحدث عن جزء معين وليس كل القرآن لأن القرآن حين نزول هذه الآية لم يكن قد أنزل كاملا ونقول لمن يجهل أن القرآن أنزل علي الرسول في ثلاثة وعشرون عاما . مما ينفي بداهة ان الآية تعني أن نسأل في أمور القرآن كلها من قرأ الكتاب من قبلنا ونلاحظ هنا دقة اللفظ القرآني ) الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ ( فالله لم يقل أهل الكتاب وهو الأسم الذي يوصف به اليهود والنصاري وهذا لأن أهل الكتاب ليسوا أهلا لهذا فهم ممن قال فيهم الله :
) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ( (البقرة: من الآية109)
وقال فيهم ايضا :
) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( (آل عمران:71)
وقال عنهم :
) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ( (آل عمران:98)
ويتضح من هذا أن الله عز وجل لم يسأل نبيه أن يسأل أهل الكتاب لأنه وصفه في عمومهم أنهم يلبسون الحق بالباطل ويكفرون بآيات الله ويودوا لو يردوا المسلمين إلي الكفر حسدا منهم وبداهة لا يمكن تحكيم مؤلف الكتيب محل البحث لأن إجابته معروفة مقدما وإنما يسأل أهل العلم بالكتاب من اليهود والنصاري الذين اسلموا في عهده عليه الصلاة والسلام .
ولأننا أهل حق ولإزالة اللبس من عقول النصاري وإعلام من لا يعلم من المسلمين نطرح هذا السؤال :
هل كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يشك في انه النبي المنتظر ؟
والإجابة ببساطة هي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية قال لا أشك ولا أسأل والخطاب في هذه الآية علي سبيل المجاز ففي لسان العرب قد يقول أحدهم لأبنه مثلا لو كنت أبني فأفعل ما أمرك بك وهو يعلم تمام العلم انه أبنه وهو مانجده أيضا في قوله تعالي :
) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ( (المائدة: من الآية116).
والله هنا يعلم أن المسيح عليه السلام لم يقل هذا .