علماء اليهود يشهدون : أسفار العهد القديم لا علاقة لها بموسى !
رابع الأدلة :
هي شهادة علماء اليهود أنفسهم ..أولئك الذين تخصصوا في نقد العهد القديم – ومنهم العديد من الحاخامات - ..والذين جمع دراساتهم العالم اليهودي " زالمان شازار" في كتاب عنوانه : ( تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتى العصر الحديث )..وهو الكتاب الذي امتلأت فصوله وصفحاته بالشهادات اليهودية القاطعة بأن أسفار العهد القديم إنما هي ثمرة لتراكم تراث شفهي ،تكوّن عبر قرون طويلة ، وعصور مختلفة وبيئات متباينة ، وثقافات متمايزة ، ومصادر متعددة ، ومؤلفين مختلفين ..ومن ثم فإن أغلب هذه الأسفار لا علاقة لها بموسى – عليه السلام – ولا بالبيئة الصحراوية – سيناء – التي نزلت فيها توراة موسى .
نعم ..يشهد علماء اليهود أنفسهم – شهادات شهود من أهلها ..على أن أسفار العهد القديم هذه هي " ركام من الاختلافات ..والتحريفات " ..فيقولون – علي سبيل المثال - : " إن هذه الأسفار المقدسة هي من طبقات مختلفة ، وعصور متباينة ، ومؤلفين مختلفين ،حيث تستوعب هذه الأسفار ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة من الزمن ..فلا ارتباط بينها، سواء في أسلوب اللغة أم في طريقة التأليف .
إن القسم الأكبر من توراتنا، لم يكتب في الصحراء – ( سيناء ) – وموسى لم يكتب التوراة كلها ..وأقوال التوراة ليست إلا لفائف من أماكن وعصور مختلفة لرجال وحكام وعشائر وأسباط مختلفة ..ففيها ثماني مجموعات تعود إلى عصور مختلفة ، وهي :
1 – لفائف قديمة تعود إلى عصر الصحراء ( في سيناء ) تم تحريرها من قبل أحد أبناء أفرايم – ( أي في أرض كنعان ) - .
2 – ولفائف ن تعاليم الكهنة ، تمت إضافتها إليها حتى عصر يوشع بن صادق .
3 – ولفائف أعداد الأسباط
4 – ولفائف باعترافات الأنبياء .
5 – ومجموعات من روايات بيت داود.
6 – وأقوال الأنبياء ومجموعاتهم في بابل .
7 – وأقوال الكهنة والأنبياء العائدين من السبي .
8 – وتكملات مختارة من عصر الحشمونيين – ( أي القرن الثامن قبل الميلاد ) -.
إن سفر التكوين قد ألف بعد مئات السنين من استيطان اليهود في فلسطين ، وبعد أن تحصن الأسباط في إرث استيطانهم بزمن طويل ، وإن مؤلف السفر لم يكن موجودا على كل حال قبل عصر إشعياء – ( أي حوالي 734 – 680 ق.م)
أما بالنسبة لسفري الخروج والعدد ، فإنهما معالجة ، لأساطير وأشعار قديمة .
وإن الإصحاحات الثمانية الموجودة في التوراة بين أنشودة موسى – الموجودة في سفر الخروج – وحتى الإصحاح الأخير من سفر العدد – هي في مجموعها ، كتاب أحكام مركب من أجزاء شعرية وتاريخية، وأحكام وقواعد الكهنة ، وطبيعة الأحداث فيها تستلزم أن تتزايد التغييرات والازدواجيات والتعديلات ،حيث إن العلاقة بين الأحداث ضعيفة ، ومن الصعب علينا فهمها ، وفي الأسفار كانت أقوال موسى قليلة إلى حد ما ، كما أن أقوال داود قليلة في سفر آخر منسوب إليه .."
تلك شهادة " شهود من أهلها" ..شهد بها العلماء اليهود الخبراء في علم نقد النصوص ..وفصولها في سفر كامل ..وهي شهادات لا تدع مجالا للشك بأن أسفار العهد القديم – التي يؤمن بها اليهود والنصارى – لا علاقة لها بتوراة موسى – عليه السلام – وأنها ركام من التحريف ..والتلفيق ، والتزييف.
وإذا شئنا مثالا على إعادة " التفكيك ..والتركيب " التي أحدثتها دراسات هؤلاء العلماء اليهود بهذه الأسفار ..والتي استندت إلى علم النقد الداخلي للنصوص – فيكفي – مراعاة للمقام – إيراد النتيجة التي خرجت بها هذه الدراسات – بسفر إشعيا وغيره والتي تقول :
" إن سفر إشعيا هو عبارة عن ستة أسفار ، كتبت في أزمنة مختلفة ( عاش إشعيا الأول في عصر بوئام وآحاز ويحزقيا ،وكتبت الإصحاحات ( 24-27) في عصر بوشياهو ، وكتب الإصحاحان ( 34،35 ) مباشرة بعد الخراب ، وكتب الإصحاحان ( 13، 14) بعد حزقيال بثلاثين سنة ، وبعد ذلك تأتي إصحاحات أنشودة إشعيا الثاني ( 40-66) ، وبعد ذلك كتبت فقط العبارات ( 1-10) من الإصحاح الحادي والعشرين .
وقسم سفر إرميا إلى أجزاء مختلفة ووجد في سفر زكريا أقوال ثلاثة أنبياء ، أقوال النبي الأول تشمل الإصحاحات ( 1-6) وعاش في عصر هوشع ،وتشمل أقوال الثاني الإصحاحات ( 7-12) وكان في عصر يهوياقيم وصدقياهو ،وتشمل الإصحاحات ( 12-14) أقوال النبي الثالث باستثناء ( 13:7-19) الذي تنبأ بعد العودة من بابل .
ويحصي في سفر هوشع نبيين ، تمثل ( الإصحاحات 1-3) أقوال الأول ، وتنبأ في عصر مربعام الثاني ، وأقوال الثاني متضمنة في ( الإصحاحات 4-14) وكان في عصر تجلات فلاسر وشلمناصر، وكان آخر الأنبياء في مملكة إفرايم ، وكان معاصرا لإشعيا.
ويحدد زمن النبي عويديا بعد الخراب في زمن واحد مع مؤلف الإصحاحين ( 34-35) من سفر إشعيا.
وتنسب أسفار الكتابات إلى زمن الهيكل الثاني.
وغالبية المزامير قيلت بعد العودة من بابل ، وبعضها في عصر الحشمونيين .
وألف سفر دانيال زمن سلطان المقدنيين – سويا مع أسفار أخبار الأيام وعزرا ونحميا ، التي كانت في البداية سفرا واحدا .
وتنسب الإصحاحات الأولى والأخيرة من سفر الأمثال إلى ما بعد العودة ( من السبي )
وتنسب لنفس الفترة المقدمة والخاتمة من سفر أيوب .
وينسب سفر الجامعة إلى عصر هيرودوس ( 484-425ق.).
وروث إلى عصر الغزو اليوناني .
ونشيد الإنشاد إلى عصر المقدنيين ، أي خمسين سنة قبل حرب الحشمونيين .
فهل بعد هذا " التفكيك ..والتركيب " لهذه النصوص مجال لقول عاقل إن لها علاقة بتوراة موسى ..وكلمات الله ؟!