نظرات في الكتاب المقدس
سادساً : قضايا من العهد القديم
هناك العديد من القضايا التى أثارت الكثير من الجدل بين مختلف الأديان ، ولكننا سنركز على قضيتين :
أولاً : قصة الذبيح ثانياً : التمييز العنصرى
أولاً : قصة الذبيح :
يدعى اليهود أن الذبيح هو اسحق فكيف يدعون ذلك وهم بنص كتابهم كاذبون :
1- سفر التكوين 16/3-4
"فأخذت ساراى أمرأة ابرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة ابرام فى أرض كنعان وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له فدخل على هاجر فحبلت وكان إبراهيم ابن ست وثمانين سنة".
2- التكوين 17/4-8
"قال الله لابرام : فلا يدعى اسمك بعد ابرام بل يكون اسمك إبراهيم ، لأنى أجعلك أبا لجمهور من الأمم ، واثمرك كثيرا وأجعلك أمما وملوكا منك يخرجون ، وأقيم عهدى بينى وبين نسلك من بعدك فى أجيالهم عهدا أبديا . لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك ، وأعطى لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكا أبديا وأكون الههم" .
3- التكوين 16/12-13
"أسماعيل يكون انسانا وحشيا يده على كل واحد ويد كل واحد عليه ويملك جميع بلاد أخوته . وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ، ها أنا أباركه واثمره وأكثره كثيرا جدا ، أثنى عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة" .
4- التكوين 21/2-4
"وحبلت سارة وولدت لإبراهيم ابنا فى شيخوخته فى الوقت الذى تكلم الله عنه ودعا إبراهيم أسم ابنه المولود الذى ولدته له سارة أسحق . وكان إبراهيم بن مئة سنة حين ولد له أسحق أبنه . أى أن أسماعيل كان يكبر أسحق بأربع عشرة سنة "
5- التكوين 21/17-21
"ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها: مالك يا هاجر . لا تخافى لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث ، قومى وأحملى الغلام وشدى يدك به ، لأنى سأحوله أمة عظيمة . وفتح الله عينها فأبصرت بئر ماء ، فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام . وكان الله مع الغلام فكبر وسكن فى البرية وكان ينمو رامى قومى وسكنى فى برية فاران" .
أى أن الذى تعرض للمحنة هو أسماعيل وأن هاجر كانت قلقة عليه مما كان سيحدث له .
6- التكوين 22/1-3
"وحدث بعد هذه الأمور ان الله أمتحن إبراهيم: فقال له إبراهيم ، فقال: ها أنذا ، فقال خذ أبنك وحيدك ( اسحق الذى تحبه ) واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذى أقول لك . فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره وأخذ أثنين من غلمانه مع ( أسحق أبنه ) وشق حطبا ، وذهب إلى الموضع الذى قال له الله" .
لاحظ هنا التزوير الذى حدث دون أن يعوا ، فإن أسحق لم يكن وحيد إبراهيم وإنما كان أبنه الثانى أما أرض المريا فهى التى كان يعيش فيها أسماعيل .
7- التكوين 22/9-19
"ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح أبنه ، فناداه ملاك الرب وقال: إبراهيم إبراهيم فقال: ها أنذا ، فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا لأنى أنا الآن علمت أنك خائف الله فلم تمسك أبنك وحيدك عنى فرفع إبراهيم عينيه ونظر إذا كبش وراءه ممسكا فى الغابة بقرنيه ، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه . فدعا إبراهيم ذلك الموضع يهده يراه حتى إنه يقال اليوم فى جبل الرب يرى . ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء وقال: يقول الرب بذاتى أقسمت إنى من أجل أنك فعلت هذا الأمر ، ولم تمسك إبنك وحيدك أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثير النجوم السماء وكالرمل الذى على شاطئ البحر ويرث نسلك باب اعدائه . فيتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض ، ومن أجل أنك سمعت لقولى ، ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه فقاموا وذهبوا معا إلى بئر سبع ، وسكن إبراهيم فى بئر سبع ".
لاحظ من هذا النص أن إبراهيم رحل مع الغلامين وترك الغلام( أى ابنه ) .
من هذه النصوص يتضح زيف ادعائهم فقد كذبوا على ثلاث مراحل وظنوا أنهم سيفلتون بكذبهم .
أولاً : كانت هاجر زوجة أى أن أبنها كان له كافة حقوق السادة الأحرار ولم يكن أبن ملك اليمين .
وعندما ولد اسماعيل كان وحيد إبراهيم لمدة أربعة عشر سنة وهذا أول خطأ وقعوا فيه .
ثانياً : أن إبراهيم بعد الغداء ذهب مع غلاميه إلى بئر سبع وترك أبنه ، مما يدل على أن المفتدى به كان مقيما فى البرية بجوار الجبل وحيدا ، والثابت على مدار الكتاب المقدس أن إبراهيم لم يترك أسحق أبدا بينما كان أسحق يسكن حبرون بأرض فلسطين شمال بئر سبع . وهذه الثانية .
ثالثاً : وهى النقطة الأخطر أن أقحام أسم أسحق فى هذه القصة ورد فى الترجمة العربية فقط ولم يرد فى النسخة العبرية مما يدل على أن مترجم هذه النسخة قد دق اسفين فى مصداقية هذه النسخة .
والأهم فى الموضوع لكل ذى بصيرة أن المنطق يقول أن الذبيح كان اسماعيل دون استدلال لأنه بنص كتابهم يقول: وكان الله مع الغلام فكبر . والغلام هنا هو اسماعيل بنص كتابهم .
فعلى الذين يتقولون من اليهود ومن اتبعهم من بعض علماء المسلمين أن يكفوا فالذبيح هو اسماعيل وليس اسحاق سواء استندنا إلى النصوص المقدسة أو نصوص التراث الأسلامى .
ثانيا : التمييز العنصرى
أتخذ اليهود النص الموجود فى التوراة بلعن أبناء حام أساسا للتمييز العنصرى ، فإذا نظرنا إلى تركيبة أى مجتمع يهودى قام كان يشمل طوائف ثلاثة :
1- الاشكناز وكانوا يشملون يهود غرب ووسط وشرق أوربا وهم المنحدرون من أبناء سام .
2- السفارديم ويشملون يهود البلقان والشرق الأدنى وهم ينحدرون من أبناء يافث .
3- اليهود الشرقيون فهم المنحدرون من أفريقيا الشمالية والواق واليمن وأيران وكذلك الهند والصين .
ولكنهم حاليا فى المجتمع الاسرائيلى أصبح السفارديم معبرا عن الطائفتين الثانية والثالثة ، والاشكناز تاريخيا هم يهود الراين بألمانيا وبولندا وجنوب روسيا الذين تعرضوا للاضطهاد بدءا من الحملة الصليبية فى القرن الحادى عشر 1096م فهاجروا جميعا وأستقروا فى بولندا .
أما السفارديم فتبدأ قصتهم مع طرد اليهود جنبا إلى جنب مع العرب من أسبانيا فى حروب الأسترادا فى 1492م بعد عصر من الاضطهاد والإبادة على يد محاكم التفتيش ، وهم حتى اليوم يلبسون لباسا خاصا ويبدون خصائص حضارية وثقافية تذكرهم بقوة بفترة اضطهادهم فى أسبانيا .
وأننا نتحدى أن يكون أى يهودى شرقى فى منصب كبير فى الدولة اليهودية .
وكل هذه العصبيات قد جعلها اليهود جزءا أصيلا بناء على قصة حام الذى رأى عورة أبيه فلعن أبناء حام على ذنب لم يجنوه .
(وللعلم فإن كنعان هو أبو أهل أفريقيا السوداء وأبو العرب فليعلم كل من يهمه الأمر) .
ولقد أشار ارثر روبين عالم الاجتماع اليهودى فى دراساته إلى أنه من الصعب اعتبار السفارديم يهودا ويعانى هؤلاء السفارديم فى الدولة اليهودية من كل مظاهر التمييز .
وقد أطلقت كلمة اشكناز على الشعوب التى ورد ذكرها فى سفر التكوين 10/3 ويعتبرون هم مؤسسوا الحملة الصهيونية الفعليون .