ورسالة بولص الأولى إلى أهل كورنثوس…كتبها في ربيع سنة 57م . ذكر فيها صراحة وجود مؤمنين لا يعترفون بصلب المسيح كما هو حال برنابا في إنجيله ، فقال: ( لان الكلام على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك ).
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
ولأن كُل ما في الأناجيل من تأليف البشر ، وهي ليست من عند الله ، فمُلئت بالإختلافات والتناقُضات، والتي سنُبين بعضها ، وبُطلان ما ورد فيها من تحريف وتلفيق مكشوف .
ولنأتي لما ورد في الأناجيل الأربعه عن حادثة الصلب ، فإن تعيين من يوشي ويخون المسيح ، ويُحاول تسليمه كانت واضحه ، وان المسيح حدده بأنه يهوذا الإستخروطي أحد الإثني عشر ، وتأكيده عن ان إبن الإنسان سيُسلم لأعداءه...ويُصلب ويُقتل ويُدفن ، وكلمة أعداءه فمن المؤكد أن المسيح يقصد بها اعداءه هو ، وأن إبن الإنسان سيُسلم لهم ، وابن الإنسان غير مقصوره على المسيح ، وإذا كانت مقصوره عليه فابن من غيرُه ، ويهوذا إبن للإنسان ، ومتى صار شبه المسيح فإن أعداء المسيح يُصبحوا أعداء لهُ وعليه لا لهُ .
ولنأتي لمكان الحدث ألذي سيتم فيه القبض على من سيُصلب ، فهو في ضيعة جتسيماني في بُستان نيقوديموس ما وراء جدول قدرون ، والذي فيه بيت نيقوديموس والذي يأوي فيه المسيح وتلاميذه الذين اختارهم ليكونوا معه وهُم دائماً معه وعددهم في تلك الليله 11 تلميذ بدون يهوذا ، والزمان ليلة الجُمعه وليلاً والوقت مُتاخر ، ومن الطبيعي أن يكون التلاميذ نائمون هُم ومُعلمهم ، إلا من كان في حالة قلق وترقُب وهو مُعلمُهم وشاطره هذا القلق تلميذه برنابا ، والمسيح كان يُصلي لربه لتعبر عنه أو يُجيز عنه هذه الكأس ، وكان في كُل مره يُصلي فيها ويعود يجد التلاميذ نائمون ، وعلى ثلاث مرات ويُعاتبهم بأن يسهروا معه هذه الليله ويُصلوا ، حتى نزل إليه ملاك الرب ليُطمنه ، ولنأتي لما ورد في الاناجيل .
في إنجيل متى ألإصحاح 26 " جاء فيه أنه بعد أن أكمل المسيح صلاته ، التي لجأ فيها لله أن تعبر عنه هذه الكاس ، بعدها أقبل عليه جمع كثير كتيبه من الجنود ، بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنه وشيوخ الشعب معهم ، وان علامة تسليمه هي القُبله من يهوذا ، وتم ذلك وتم القبض على المسيح ، علماً بأنه ورد أنه قال لتلاميذه وقتها لننطلق أي لنبتعد أو لنهرُب ، وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه ، في تلك الساعه قال للجموع يسوع كأنه على لصٍ خرجتُم بسيوفٍ وعصي لتأخذوني ، كُل يومٍ كُنت أجلس معكم أُعلم في الهيكل ولم تُمسكوني ، ثُم أن بُطرس تبعهم بعد أن مضوا إلى قيافا رئيس الكهنه ليرى ما سيحدث ، وان المقبوض عليه كان مُعظم الوقت لا يُجيب على الأسئله التي كانت تُوجه له ، وتبعه بطرس من بعيد ودخل إلى الداخل وإنكار بُطرس معرفته بالمسيح خوفاً على نفسه ، ثُم كُتب مره أُخرى وأنه كان خارج دارالقيافا .
وفي مُرقص الإصحاح 24 روى نفس رواية القديس متى إلا انه اضاف عليها ، فتركه الجميع وهربوا ، يقصد أن تلاميذه هربوا بعد القبض على مُعلمهم ، ثُم إن واحد من الحاضرين إستل سيف وضرب عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه ، وذكر أنه تبعه شاب لابساً إزاراً على عُريه فأمسكه الشُبان ، فترك الإزار وهرب منهم عُرياناً ، طبعاً هذا التلميذ هو يوحنا ولم يُحدده مُرقص بل قال شاب ، ذكره مُرقص بأنه تبعه أي تبع المسيح والجمع من بعيد إلى داخل دار رئيس الكهنه .
وفي لوقا ألإصحاح 22 " نفس ما ورد سابقاً في متى ، إلا أنه لم يذكُر عصي وسيوف ، إلا أن في لوقا أن المسيح قال ليهوذا بعد أن قبله – يا يهوذا أبقبله تُسلم إبن الإنسان - ، وإضافه أُخرى أن الذين من حوله لما راؤا ما يكون قالوا يا رب أنضرب بالسيف ، وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنه فقطع أُذنه اليُمنى ، وإضافه أُخرى أن المسيح قال دعوا إلى هذا ولمس َ أُذنه وأبرأها .
أما ما ورد في يوحنا إصحاح 18 " فهو روى روايه مُختلفه تماماً ، حيث ذكر وادي قدرون والبُستان وعلم يهوذا بالمكان(كما ورد في إنجيل برنابا) ، وخروجه إلى هُناك بعد أخذه للجنود وخُدام من عند رؤساء الكهنه والفريسيين ، إلا أنه يذكُر أن يسوع هو الذي خرج إليهم وسألهم من تطلبون وعرفهم على نفسه وكأنهم لا يعرفونه ، ثُم رجوعهم للوراء وسقوطهم على الأرض هُم ويهوذا وهم جمعٌ كبير ، لماذا سقطوا على الارض لا نعلم ، ثُم طلب منهم ترك التلاميذ وشأنهم ، ولم يذكُر هروب التلاميذ ، ثُم أن يوحنا حدد من استل السيف بأنه سمعان بُطرس ، وحدد إسم العبد بأنه مَلْخُسَ ، وخالف يوحنا الباقين بأن الجنود ومن معهم أخذوا يسوع أولاً إلى حنان حمى قيافا ، ثُم ذكره أن بُطرس ومعه تلميذ آخر تبعوا المقبوض عليه....إلخ .
فالأناجيل الاربعه المفروض انها هي من كتابة التلاميذ الذين كانوا مع المسيح وسط الحدث ، أو ممن روى لهم الحدث ، والحدث وهو لحظة القبض لمن جاءوا للقبض عليه ، والحدث ليس طويل حتى يتم نسيانه أو عدم تطابق كلام الرُواه الأربعه أوغيرهم لتشابكه في أحداثه وما قيل من كلام فيه ، فالحدث صغير في حجمه ووقته وما قيل فيه ، ولم يكونوا غائبين ، ولم يروي لهم الآخرين ولذلك لم تأتي روايه أي واحد منهم مُتطابقه تماماً مع رواية الآخر ، فيوحنا لم يتطرق لصلاة المسيح ولجوءه إلى الله لتعبر عنه هذه الكاس قبل الحدث بساعات نهائياً ، وكذلك الآخرين إختلفوا مع بعضهم في الروايه .
وأن دل ذلك فإنما يدل على عدم صدق هذه الروايه ولهذا الحدث وبهذا المكان بالتحديد من الأساس ، وأن هُناك من ألفها ودسها في هذه الأناجيل بعد تحريفها ، ووقع فيما وقع فيه من أخطاء لا يمكن أن نجد لها مُبرر ، مع تبرئتنا للتلاميذ الأطهار بأن ما كتبوه قد لُعب به وتم تغييره بعدهم هذا إذا كتبوا هُم ولم يكتُب غيرهم ، أو بوقتهم وبغير إرادتهم ، أو أن ما كُتب بعدهم وبعد المسيح ب300 عام نُسب لهم .
أولاً :- القول إن المُعلم والتلاميذ كانوا في البُستان ، ومن السياق يفهم أنهم في العراء وغير نائمون ، ومكشوف لهم رؤية وسماع من يُقبل عليهم أو ما هو حولهم ، والدليل أن المُقبلون جمٌ غفير من البشر كتيبه من الجنود بالإضافه للفريسيين والكهنه والخدم وغيرهم ومعهم مصابيح ومشاعل تُرى من مسافه بعيده وعصي وسيوف ، وفي هذه الحاله من السهل رؤية النار على المشاعل ورؤيتهم وسماع صوتهم وجلبتهم من مسافه بعيده ، واخذ الحذر أو الهروب على الاقل للتلاميذ ومُعلمهم وتلاشي الخطر ، وقد سبق للمسيح أن إختفى من بين أعداءه عندما كان يُحيط به الخطر ، وهي إحدى مُعجزاته ولديه القُدره على ذلك ، كيف يُقبل عليه الخطر ومن مسافه بعيده ويُرى القادمون ، ويُسمع صوتُهم ، ولا يتصرف هو وتلاميذه لتلاشي الخطر ، بأن يهرب التلاميذ ويبتعدوا ويختفوا ما دام ليس لهم قُدره على المواجهه ، وان يختفي المسيح وله القُدره على ذلك ، أو يبتعد مع تلاميذه ، وترك المنطقه كُلها .
ثانياً : - ولكن هذه الروايه هُناك ما يُثبت عدم صحتها من الأناجيل ، وأن التلاميذ كانوا نائمين وبغير هذا الموضع أي في بيت ، وأن مُعلمهم كان يذهب خارجاً ويُصلي ويعود لهم ويطلب منهم بأن يُصلوا ويسهروا معه ولثلاث مرات ، ولكنهم كانوا في نومٍ عميق ، رُبما من شدة الإرهاق والقلق والخوف في الايام والليالي السابقه ، وإنه من الظُلم إتهام التلاميذ بعدم الدفاع عن مُعلمهم ، والهروب وتركه لقدره وهم في حالة يقظه تامه والذين أُتهموا ظُلماً أنهم هربوا من البدايه ولم يُدافعوا عن مُعلمهم ، وانهم لم يؤخذوا على حين غره وهم نائمون ولا حيلة ولا إستعداد لديهم وهم نائمون في بيت نيقوديموس .