البشارة الحادية عشرة
قدوس القديسين خاتم النبيين و سيد المرسلين
سنتكلم عن نبوءة من النبوءات الواضحات عن سيد المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم و أمته أمة النبي المصطفى أحمد الخلق لله تعالى .. تلكم الأمة التي بأمر الله ستزيل الرومان الوثنيين من الأرض المقدسة و يتم على يديها فتح ايلياء (القدس) .. تلكم الأمة التي قال عنها الجندي المسلم ربعي بن عامر لرستم ملك الفرس حينما سأله "ما الذي أتى بكم إلى هنا؟" .. فيرد ربعي رضي الله عنه قائلا "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة" تلك النبوءة التي حازت على الكثير من الاختلافات بين ترجمات الكتاب المقدس و خصوصا الترجمات العربية في محاولات مستميتة من عباد المسيح بن مريم عليه السلام لجعل المسيح بن مريم عليه السلام هو سيد المرسلين و خاتم النبيين "قدوس القديسين" .. و الذي ختم الله به النبوة و أزال الله على يدي اتباعه أمة الرجس "الرومان" من بيت المقدس .. و ذلك بعد أن جعلوه هو الله و هو النبي الذي مثل موسى و هو المسيح الذي من نسل داود و هو المبارك الذي صار لعنة من أجلهم بعد أن علق على خشبة .. و لا أدري كيف ذلك؟
اترككم مع النص الذي سنتكلم عنه بإذن الله و هو من سفر دانيال الاصحاح 9 : الأعداد 23-27 فها هو جبريل عليه السلام ملاك الرب يحدث دانيال النبي و الترجمة المستخدمة هنا هي الترجمة الكاثوليكية لدانيال 9 : 23 - 27 "يا دانيال إِنِّي خَرَجتُ الآنَ لِأُعلِمَكَ فتَفهَم. عِندَ بَدءِ تَضَرُّعاتِكَ خرَجَت كَلِمَة وأَتيتُ أَنا لِأُخبِرَكَ بِها لِأَنَّكَ رَجُلٌ عَزيزٌ على الله. فَتَبَيَّن الكَلِمَة وآفهَم الرّؤيا: إِنَّ سَبْعينَ أُسْبوعاً حُدِّدَت على شَعبِكَ وعلى مَدينَةِ قُدسِكَ لِإفْناءِ المَعصِيَةِ وإِزالَةِ الخَطيئة واَلتَّكْفيرِ عنِ الإِثْمِ والإِتيانِ بِالبِرِّ الأَبَدِيّ وخَتْمَ الرُّؤيا والنُّبوءَة ومَسْحَِ قُدُّوسِ القُدُّوسين فآعلَمْ وآفهَمْ. إِنَّه مِن صُدورِ الأَمرِ بإِعادَةِ بِناءِ أُورَشَليمَ إِلى رَئيسٍ مَسيحٍ سَبعَةُ أَسابيعَ ثُمَّ في آثنَينِ وسِتِّينَ أُسْبوعاً تَعودُ وتُبْنى السُّوقُ والسُّور ولكِن في ضيقِ الأَوقات. وبَعدَ الأَسابيعِ الِأثنَينِ والسِّتِّين يُفصَلُ مَسيحٌ ولا يَكونُ لَه.. ويأتي رَئيسٌ فيُدَمِّرُ المَدينةَ والقُدْس. بِالطُّوفانِ تَكونُ نِهايَتُها وإِلى النِّهايَةِ يَكونُ ما قُضِيَ مِنَ القِتالِ والتَّخْريب. في أُسْبوعٍ واحِدٍ يَقطعُ مع كَثيرينَ عَهداً ثابتاً وفي نِصفِ الأُسْبوعِ يُبطِلُ الذَّبيحَةَ والتَّقدِمَة وفيَ جَناحِ الهَيكَلِ تكونُ شَناعَة الخَراب إِلى أَن يَنصَبَّ الإِفناءُ المَقضِيُّ على المُخَرِّب" و لقد استخدمت الترجمة الكاثوليكية لأن الترجمات الأخرى حاولت اللبس على القارئ بكل الطرق و منها ترجمة الفانديك.
- و هذه النبوة أنُزلت على دانيال النبي وهو في أسر بابل و كان يدعو الله عزّ وجلّ متضرعا خاشعا بأن يفرج عنهم .. فأتاه الملاك جبريل عليه السلام بالبشارة بأن هناك إزالة للخطيئة ولكن الله سيعطيه علامات تدل على صدق تلك النبوءة .. فقد حدد الله سبعين اسبوعا من السنين على القدس و بني اسرائيل كعلامة لابد أن تحدث و يراها بنو اسرائيل .. و ذلك حتى يأتي إفناء المعصية وإزالة الخطيئة والتكفير عن الإثم والإتيان بالبر الأبدي وختم الرؤيا والنبوة ومسح قدوس القدوسين و سيد المرسلين و اختيار أقدس بقعة على الأرض على وجه الأرض.
- إن الفترة الأولى من السبعين اسبوعا و التي فصلتها البشارة كانت ما بين زمن الأمر بإعادة بناء الهيكل والمدينة (مدينة القدس أو أورشليم) وظهور مسيح رئيس أو نبي عظيم وكانت مدتها 49 عاماً (سبعة أسابيع من السنين) .. ومن غير المحدد من هو هذا المختار إلا أنه وبناءا على الإشارات التاريخية قد يكون هو عزرا النبي الذي جمع التوراة مرة أخرى بعد ضياعها في زمن ميخا النبي .. ثم تمرُّ بعد ذلك فترة 434 عاماً وهي 62 أسبوعاً .. (أي أن هناك 483 عاما أو 69 اسبوعا من تاريخ الأمر بالبناء إلى مجيئ مسيح ثان) يظل خلالها البناء قائماً من بعد بنائه حتى يأتي مختاراً آخرا (مسيحاً أو نبياً) يُفصل و لا يكون له (لا يستفيد قومه من دعوته) وتكون بذلك الفترة الزمنية بين الأمر ببناء المدينة وظهور هذا المختار الثاني الذي لن يصنع شيئاً مدة تسعة وستون أسبوعا من السنين .. ما يعادل 476 سنة شمسية على الحساب الميلادي .. ثم بعد المسيح بن مريم يأتي ملك ويقوم هذا الملك بعمل عهود مع كثيرين من اليهود لمدة سبع سنوات ولكنه ينكث عهده وفي نصف مدة العهد يأمر بوقف الأضاحي ويدنس البيت و بعدها يهجم على القدس و يقوم بهدم المدينة والهيكل ويتركها خربة .. إن أسبيانوس قيصر الروم وجّه وزيره تيطس إلى خراب الهيكل فخربه عام 70 م. و يظل البيت مهجورا وتظل المدينة خراباً حتى تأتي النهاية المقضية سلفاً بهلاك هذا الوثني الّذي قام بتخريب المدينة "الرومان" .. وكل هذه الأحداث السابقة ستكون سابقة لمجيء الصلاح الأبدي ويلاحظ وجود إشارة الى بناء سوق في زمن ضيق قبيل فصل المسيح الثاني وهو بناء هيرودس الكبير للسوق الكبير بأورشليم ولبنائه لأسوارها الضخمة وشوارعها وحماماتها.
- لقد صدر الأمر ببناء أسوار المدينة أورشليم عام 445 قبل الميلاد على يد الملك الفارسي أرتاكسيركس Artaxerxes بعد أن رفض ذلك حكام الفرس من قبله .. فالفترة من صدور الأمر ببناء المدينة حتى مجيء المسيح عيسى عليه السلام عام 30 بعد الميلاد هي 475 عاما شمسيا أو 483 عاما على الحساب اليهودي وهذه هي فترة التسعة والستون أسبوعا من السنين أو فترة الـ 483 سنة الفاصلة ( 483 ÷ 7 = 69 اسبوعاً من السنين وعلى هذا فإن هذا المسيح الثاني هو المسيح بن مريم عليه السلام … فقد كانت بعثته بعد الأمر ببناء المدينة وأسوارها بفترة 475 إلى 477 عام شمسياً أو 483 عاما على الحساب اليهودي وهي نفس الفترة المذكورة .. و القطع هنا هو قطع مهمته ودعوته و عدم إكمال رسالته بمحاولة قتله .. و لو أراد أحد تأويل القطع بفصل الرأس فإن هذا المسيح هو يحيى بن زكريا عليه السلام فقد فصل رأسه فعلا في نفس عام رسالة المسيح بن مريم عليه السلام عام 30م وهو نبي مرسل من عند الله.
- لقد بدأت الحملة على اليهود والتي انتهت عام 70م بعد ما يقرب من سبع سنين بخراب الهيكل وقتل وتشريد اليهود من أورشليم وفلسطين على يد تيطس .. وأخبر المسيح عيسى عليه السلام بأن هدم اورشليم الآتي هذا قد ذُكر بكتاب دانيال فقال "فاذا رأيتم المخرب الشنيع الذي تكلم عليه النبي دانيال قائما في المكان المقدس" وأنّ دمار القدس وخرابها وقتل أهلها المراد به في النبوة هو ذلك الخراب والقتل الذي وقع على اليهود من بعد المسيح بفترة قصيرة وفي انجيل لوقا نجد النص التالي "هذا الذي تنظرون اليه ستأتي أيام لن يترك منه حجر على حجر من غير أن ينقض .. فاذا رأيتم أورشليم قد حاصرتها الجيوش فاعلموا أن خرابها قد اقترب فمن كان يومئذ في اليهودية فليهرب الى الجبال ومن كان في وسط المدينة فليخرج منها ومن كان في الحقول فلا يدخلها لأن هذه الايام أيام نقمة يتم فيها جميع ما كتب الويل للحوامل والمرضعات في تلك الايام فستنـزل الشدة بهذا البلد وينـزل الغضب على هذا الشعب فيسقطون قتلى بحد السيف ويؤخذون أسرى الى جميع الامم وتدوس اورشليم أقدام الوثنيين الى أن ينقضي عهد الوثنيين" و في انجيل متى "فاذا رأيتم المخرب الشنيع الذي تكلم عليه النبي دانيال قائما في المكان المقدس ليفهم القارئ فليهرب الى الجبال من كان عندئذ في اليهوديه ومن كان على السطح فلا ينزل ليأخذ ما في بيته ومن كان في الحقل فلا يرتد الى الوراء ليأخذ ردائه .. صلوا لئلا يكون هربكم في الشتاء أو في السبت ولو لم تُقصر تلك الايام لما نجا أحد من البشر ولكن من أجل المختارين ستقصر تلك الايام"
- و ما يهمنا نحن المسلمون هنا أن البشارة تختم بجملة تشير إلى إفناء المخرب (الوثنيين) و الجملة هي "و في جناح الهيكل تكون شناعة الخراب .. إلى أن ينصب الإفناء المقضي على المُخرِّب" .. وواضح أنّ ذلك الخراب الشنيع متبوع بقيام إفناء المعصية وإزالة الخطيئة والتكفير عن الإثم والإتيان بالبر الأبدي وختم الرؤيا والنبوة ومسح قدوس القدوسين "سيد الأنبياء" و اختيار أقدس بقعة على الأرض .. ومما يثبت أنّ بشارة البر الأبدي بشارة بالإسلام أنها اشتملت على التبشير به كدين لا ينسخ (البر الأبدي) وعلى التبشير بختم النبوة والوحي (وختم الرؤيا والنبوة) ومجيء الصالحين Righteous "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" .. واختيار أفضل البشر وسيد المرسلين (قدوس القديسين) و القديسون هم المرسلون واختيار أفضل بقعة على الأرض
and to anoint a most holy place بالنص الإنجليزي في إشارة بينة إلى تغيير القبلة .. "فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" فأي بقعة مقدسة اختيرت للناس من بعد تشريد اليهود وطردهم من فلسطين من بعد بعثة المسيح عيسى عليه السلام و المشار إليها بالنبوة غير مكة المكرمة .. من الواضح أن المسيح عليه السلام لا يمكن أن يكون هو المقصود بهذه البشارة "قدوس القديسين و سيد المرسلين" .. و هو قد أتى قبل خراب الهيكل والمدينة و قطع .. وأنه لا معنى ولا وجه للقول كما يزعم عابدو المسيح بأن هذه الأمور ستتحقق في مجيئه الثاني و الذي مر إلى الآن ما يقرب من 2000 عام على رفعه أي أكثر من 285 أسبوع ولم ينزل إلى الآن .. ثم ماذا كان يفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو من أمة سيد المرسلين و خاتم النبيين حينما تسلم مفاتيح القدس من الرومان الوثنيين الذين خربوا بيت المقدس و حولوه لمزبلة تلقي فيه نساء الرومان بقايا دماء الحيض حتى عصر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. و ليأمر هو و أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما بتنظيف مكانه ليعيدا بناءه مرة أخرى بعد أن ظل مزبلة تلقى فيها القاذورات طوال حكم الرومان الوثنيين للأرض المقدسة؟
هل عرفتم الآن لماذا كان يهود المدينة يقولون لأهل المدينة "ايها الوثنيون الأمميون إن نبيا يظهر فينا نقتلكم به قتل إرم وعاد" لأنهم كانوا يظنون أن النبي الخاتم لابد و أن يكون منهم .. وصدق الله القائل "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"