عقيدة الخلاص في الميزان
و قبل أن نستطرد في دحض العقيدة المضطربة عن الخلاص أحب أن أنوه إلى أن العهد القديم ذكر عن معظم أنبياء بني إسرائيل مثل (صموئيل ،يعقوب،داود،سليمان ، .و غيرهم)أنه كان يقال على كل واحد فيهم( ابن الله و مسيحه و مخلصه) و والنصوص في ذلك كثيرة وموجودة و لا مجال لذكرها.. لم يُذكر و لو دليل واحد.؟؟ قاله المسيح عن نفسه صراحة أنة ابن الله ومسيحه ومخلصة – بل ما قيل كان ضمنياً أو قاله آخرون عنة . اعتقاداً منهم في ذلك .
إن عقيدة الخلاص التي جاء بولس يكرز بها و يدعو بنسخ الشريعة و عدم الاعتبار بأعمال الإيمان .الأمر الذي نقضه المسيح نفسه.و على هذه العقيدة اعتمد بولس دعوته و عليها سار النصارى إلى يوم الناس هذا. معتقدين أن المسيح مات على الصليب ليخلص الناس من الخطية الأولى لآدم. و أنك بمجرد أن تؤمن تتبدل طبيعتك الشريرة لتحل محلها طبيعة الخير و لا يهم الأعمال في الإيمان .كما صرح بولس في رسائله مرارا وتكرارا..ذلك كله مختلف و مغاير لمفهوم الخلاص الذي جاء به الأنبياء .!
إن الخلاص الذي جاء به الأنبياء هو إرشاد الناس للخلاص من ذنوبهم بمعرفة الله خالقهم. و التوبة إليه و استغفاره و طاعته ..و هذه في الحقيقة من مهام الرسل و الأنبياء المكرمون الذين أرسلهم الله تعالى .
*(إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) ..نوح
*( يا قومنا أجيبوا داعيَ الله و آمنوا به .يغفر لكم من ذنوبكم و يجركم من عذاب أليم) . الأحقاف.
*إن عقيدة الخلاص كما يؤمن بها النصارى منافية للعقل و النقل..
العقــل
إن النفس المجرمة لايغسلها من خطاياها إلا أن تتطهر هي و تقلع عن غيها . و ليس يُغنى عن القلب الأسود قربان يتقدم به بشر أو ملك.. إن ذلك مسخ للفضيلة و جور في القضاء.. كما يقول القائل (ثوب أخيك اتسخ اذهب فاغسل ثوبك) .
اقرأ الحوار الآتي لتستنتج كيف يكون الخلاص مقبولاً ومعقولاً وعادلاً:
أستدعي أحد النصارى وقيل له أبوك قاتل مع سبق الإصرار والترصد وأنت مطلوب لينفذ
فيك حكم الإعدام بدلاً منه لأنه مات.
قال النصراني:وما لي أنا .أنا لم أرتكب شيئاً.ولم أقتل أحداً
قالوا له :تنفيذ الإعدام حق فيك نيابة عن أبيك
قال: كان أبي فاسداً وأنا أخالفه في الإيمان والعمل .
قالوا له :لأنك صالح ومؤمن هذا عين الطلب .
صرخ المسكين وقال :لكل منا عمله. ولست مستعداً أن أحمل عنه أخطاؤه .
قالوا له :من البر بأبيك أن تتحمل عنه هذا القتل .
قال المسكين :قد أكون براً بأبي إذا حملت عنه هذا القتل ولكني أعلم أن الابن لا يحمل إثم الأب . فما الذي يستفيده أبي يوم الدينونة من قتلي بدلاً منه. إنه لا يزال إثمه معه!! .
قالوا له :لقد ورثت الخطيئة من أبيك .
قال المسكين :ولكني غيره تماماً .مؤمن بالحق وأنكر ما فعله هو .وليس للخطيئة لا في نفسي ولا في قلبي مكان .
قالوا له :لا فائدة أنت وارث الخطيئة من أبيك وأجدادك .
قال المسكين مستسلماً: إذا كنت قد ورثت الخطيئة من أبي لا محالة .فلست الوحيد لأبي فلي إخوة آخرون. و ليس من العدل أن أتحمل وحدي ميراث أبي من الإثم .و إن شئتم أن تكونوا عادلين فاعدمونا جميعاً .!!
النقــل
في بطلان الخلاص بالموت تكفيرا عن الخطية الأولى (حزقيال20:18)" النفس التي تخطئ فهي تموت موتا و الابن لا يحمل إثم الأب. و الأب لا يحمل إثم الابن و عدل العادل يكون عليه و نفاق المنافق يكون عليه"
( و في موضع من التوراة من سفر التثنية "أن الأبناء تؤخذ بذنوب الآباء إلى ثلاثة أو أربعة أجيال) .
*إن القرآن الكريم يحسم هذا الأمر في صراحة لا لبس و لا غموض فيها" لاتزر وازرة وزر أخرى" .النجم..و يقول أيضا" و أن ليس للإنسان إلا ما سعى" .النجم .. و يقول أيضا"كل نفس بما كسبت رهينة" المدثر..و يقول أيضا" يوم يفر المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه" عبس
*إن المسيح عليه السلام أبطل تصورات بولس و نلاحظ في الأدلة الآتية التناقض الرهيب بين تعليمات المسيح و نظريات بولس .و فيها نبؤه للمسيح عن بولس إذ أن كلمة بولس تعنى باليونانية (الصغير)..
(متى17:5) "لا تظنوا أنى قد جئت لأنقض الناموس(1).. أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء و الأرض لا يزول حرف واحد أو نقطه واحده من الناموس حتى يكون الكل .فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس.هكذا يدعى( أصغر) في ملكوت السماوات و أما من عمل و علم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات"..
. ما رأيكم الآن فيما ادعاه بولس ؟ و أي مبرر له و لمن اتبعه في تبديل وصية المسيح؟..إن بولس و من تبعه قد يدّعون إنما فعلوا ما فعلوا بوحي من الروح القدس ..و هذا كلام ظني الدلالة لا يمكن ضبطه و لا يمكن أيضا أن يخالف كلام المسيح قطعي الدلالة..
هذا من ناحية. و من ناحية أخرى قول من يُقدم ؟..قول بولس الذي هو رسول كما يقولون أم قول المسيح الذي هو إله أو ابن إله كما يقولون؟..وهذا كله مع التحفظ ... وتكملة النص السابق أيضا تدعوهم إلى تعظيم أعمال البر والإيمان"فإني أقول لكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسين لن تدخلوا ملكوت السماوات"
-
------------------------------------------
(1) معنى الناموس الشريعة التي جاء بها موسي عليه السلام.
*أما بولس:فيعلم الناس هكذا (غلاطيه23:3)"و لكن قبلما جاء الإيمان كنا محروسين تحت الناموس مغلقا علينا إلى الإيمان العتيد أن يعلن.إذ قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان .ولكن بعدما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدب"... و التعليق .فليكن هو و من يؤمن بكلامه .مخالفا لدعوة المسيح ممن هم بلا أدب إلى يوم القيامة. (كما يقول هو )
*أما المسيح:كان المسيح عليه السلام متشدداً في التعاليم عن الناموس..
(متى27:21:5)"قد سمعتم أنه قيل للقدماء لاتزن و أما أنا فأقول إنّ كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه ..سمعتم عين بعين و سن بسن أما أنا فأقول لا تقاوموا الشر بالشر ...
*أما بولس:(غلاطيه16:2)"إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح آمنا نحن أيضا بيسوع المسيح ، لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس ....لست أبطل نعمة الله لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح مات بلا سبب" ...و التعليق..فعلا التبرر بالإيمان و بالأعمال. وليس بالأعمال فقط و لم يقل بذلك نبي من الأنبياء . و المسيح لم يمت لا بسبب و لا بغير سبب .
*أما المسيح:(متى21:7)"كثيرون سيقولون يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا و باسمك أخرجنا الشياطين و باسمك صنعنا قوات كثيرة .فحينئذ أصرح لهم إني لم أعرفكم قط .اذهبوا عني يا فاعلي الإثم"..هل المسيح سيقول هذا لليهود .؟هل سيقوله للمسلمين .؟ كلا. سيقوله لبولس و لأتباعه الذين بدلوا دينه و غروا الناس بالآيات و المعجزات التي ليست دليلاً على صدق العقيدة .
*أما بولس:فيقول(روميه20:5)" و أما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية "
(روميه28:3)"لذا نحن(أي بولس) نقرر تبرير أعمال الإنسان من خلال إيمانه بدون التزامه بالشريعة "...لاحظ جرأته في التقرير و كأنه إله يقرر و يشرع ما يشاء .
*أما المسيح: (متى26:7) "و كل من يسمع أقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل فنزل المطر و جاءت الأمطار و هبت الرياح و صدمت ذلك البيت فسقط و كان سقوطه عظيما "... و فعلا سقط سقوطا عظيما و قُتل و طارت عنقه جزاء جرأته و تحريفه..
يقول الحق سبحانه"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم "...التوبة
*أما بولس: فيقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (12:6) "كل الأشياء تحل لي "..
و يقول أيضا في غلاطية(2:5) "ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا". أي إن التزمتم بأعمال الشريعة و منها الختان فلن ينفعكم المسيح شيئا.
*أما المسيح:هو القائل للأبرص بعد شفائه (متى3:8) "إذهب أر نفسك للكاهن و قدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم........و قال أيضا في متى(1:23) "خاطب يسوع تلاميذه قائلا .على كرسي موسى جلس الكتبة و الفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه و افعلوه" .. فأين بولس و خلاصه الذي افترى به على المسيح من هذه التعاليم و قال أيضا لواحد سأله ماذا يعمل لتكون له الحياة الأبدية (متى16:19) "إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا"
و نقول:ألا يدعو إحساس الفرد بأنه لا يحمل ذنبا لمجرد الإيمان بفكرة معينه و أنه لن يعاقب. يدعوه ذلك إلى التمادي في ارتكاب الخطايا و الذنوب و الخروج على كل ما هو مُحترم و نبيل. و هذا للأسف ما هو حاصل الآن..
إن شعوباً كثيرة التزمت هذه الأفكار ظناً منهم أن هذا دين ينجيهم أمام الله .و لكنهم مع الأسف انحدروا أخلاقياً .و انتشرت بينهم الجريمة .و انتشرت بينهم الرذيلة .و الفسق أصبح التجارة الرائجة عندهم .تجارة الأجساد .العرى. التبذل .التبرج .السكر .المقامرة...
*كيف يمكن الفصل بين الدين و بين قواعد السلوك الأخلاقية ؟
*كيف يمكن للإيمان وحده أن يكون كاف برغم خرق الشرائع؟
*كيف يمكن للمجتمعات أن تعمل إن لم يكن الأفراد مسؤلون عن أعمالهم؟
نكتفي بهذا القدر في بيان هذا الانحراف العقيدي و الذي لم يأتي به نبي من الأنبياء و لا رسول من الرسل بل كان بضاعة فئة خبيثة ألفت فكرة جعلتها دينا و نشرته بين الناس.حتى يتقبله كل أحد في أي وقت و في أي مكان (و هذا ما تميل إليه الطباع البشرية البليدة) و هذا بعينه السر الأعظم وراء انتشار المسيحية في أقطار الأرض كما سنبين .