معلم، سيد، إنسان:
كان تلاميذه عيسى ومعاصروه ينادونه "يا معلم" (متى 8/19). وكانوا ينادونه "يا سيد" (متى 8/21). وكانوا يقولون: "أي إنسان هذا ؟" (متى 8/27).
تلاميذه ومعاصروه يصفونه بأنه معلم أو سيد أو إنسان. ولكن جاء بعدهم قوم سموا عيسى "الرب" و "ابن الله"!! وأصروا على المعنى الحرفي لكلمة (ابن)!!! والغريب أن المجنونَيْن اللذين خرجا من القبور هائجين كانا أول من نادى عيسى "يا يسوع ابن الله" (متى 8/29)!! أول من ناداه "ابن الله" هما هذان المجنونان!!! وهذا أمر غريب حقاً!
ابن الإنسان:
عندما شفى عيسى المفلوج، قال عيسى: "لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا... فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا". (متى 9/6-8).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- دعا عيسى نفسه "ابن الإنسان"، وليس "ابن الله" كما يزعم الزاعمون.
2- هذا النص يجعل عيسى غافراً للخطايا. والقصد من هذا هو تحويل سلطة عيسى للكنيسة لتبيع صكوك الغفران، كما حدث فعلاً. وهذا النص يناقض "أبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك..." (متى 6/4). كما يناقض "يغفر لكم أبوكم السماوي.." (متى 6/14). هذان النصان يجعلان الله هو الغافر وهو المُجازي وهذا يخالف النص الأول الذي يجعل عيسى هو الغافر!!
3- عندما رأى الناس شفاء عيسى للمفلوج مجدوا الله، كما يدل النص، ولم يمجدوا عيسى.
4- كما يدل النص، إن معطي سلطة الشفاء هو الله وما عيسى إلاّ منفذ لسلطة الله وإرادته. وهذا ينفي عن عيسى زعم الألوهية أو بنوة الله.
5- لو كان صلب عيسى هو سبيل غفران الخطايا فلماذا يدعو للمريض بغفران الخطايا؟!
رفع عيسى:
في الإنجيل إشارات تطابق القرآن الكريم إلى حد ما ولكن النصارى لا يلتفون إليها. قال عيسى: "ولكن ستأتي أيام حين يُرْفَعُ العريس عنهم فحينئذ يصومون". (متى 9/15).
نلاحظ هنا ما يلي:
1- عيسى يشبه نفسه "بالعريس"!
2- يقر أنه سيرفع. وهذا مطابق للقرآن الكريم.
3- كانت المناسبة أن اليهود استغربوا كيف لا يصوم تلاميذ عيسى وهم معه. فأجابهم بقوله الذي سبق. والسؤال هو: هل وجود التلاميذ مع عيسى يعفيهم من الخضوع لأمر الله والصوم المفروض عليهم؟! طبعاً، لا. هل كان عيسى غافلاً عن عدم صيامهم ؟ لا. هل كانوا غير راغبين في طاعة الله ؟! هل النص كله إلحاقي؟!
ابن داود:
أعميان يصرخان ويقولان لعيسى: "ارحمنا يا ابن داود". (متى 9/27).
كما ذكرنا، إن عيسى ليس ابن داود ولا هو من نسل داود ولا أمه من نسل داود. وأما يوسف خطيب مريم أم عيسى فهو ليس أباً لعيسى. وبالتالي فإن مناداة عيسى على أنه ابن داود، أي من نسله، إصرار من اليهود على عدم الاعتراف بمعجزة ميلاد عيسى، وإصرارهم على الاعتقاد بأنه ابن يوسف من الزنى، إذ كانوا يعتقدون أن يوسف زنى بمريم قبل زواجه منها (حاشاء الله).
ومن ناحية أخرى، (لوقا 18/35) يتحدث في الموقف ذاته عن (أعمى واحد) وليس اثنين!!
الخوف:
بعد أن شفى عيسى الأعميين، "انتهزهما يسوع قائلاً انظرا لا يعلم أحد". (متى 9/30). لماذا يريد عيسى ألاّ يعلم أحد أنه شفاهما من العمى؟! أليست معجزته شفاء المرضى؟! لماذا يخجل من معجزته؟! وهل يحق له إخفاء المعجزة التي أعطاه إياها الله من أجل إثبات رسالته وصلته بالله ؟! لم يذكر سابقاً أو لاحقاً أن رسولاً خجل من معجزته أو أراد إخفاءها. هناك تفسيران لهذه القصة: إما أن عيسى كان خائفاً ولا يريد أن يعرف أحد مكانه ولا يريد أن يواجه غضب اليهود عليه وإمّا أن القصة لا أساس لها من الصحة. فالاحتمال الأول يدل على بشرية عيسى (لخوفه). والاحتمال الثاني يدل على التحريف.