النصوص التوراتية الحالية
وصل إلى أيدينا ثلاث نصوص مختلفة للتوراة، ولا نتحدث هنا عن ثلاث ترجمات، بل نعني أنه توجد نصوص ثلاثة يستقل بعضها عن بعض.
وهذه النصوص هي:
1- الترجمة اليونانية (السبعينية)، والتي كانت نسخها المختلفة أساساً لنسخة القديس جيروم (الفولجاتا) التي ترجمها - مع بعض التعديلات من الأصول العبرانية - إلى اللغة اللاتينية في أواخر القرن الرابع (386م)، وعنها أخذ الكاثوليك والأرثوذكس توراتهم.
2- العبرانية المعتبرة عند اليهود والبرتستانت.
3- السامرية المعتبرة عند طائفة السامريين من اليهود فقط.
وهذه النصوص متشابهة في عمودها الفقري، لكنها مختلفة ومتناقضة في بعض التفاصيل الدقيقة، كما ثمة فرقان كبيران يجدر أن ننبه لهما، أولهما: أن الترجمة اليونانية تزيد أسفار الأبوكريفا السبعة عن العبرية، وثانيهما: أنهما تزيدان معاً عن التوراة السامرية، والتي لا تعترف إلا بالأسفار الخمسة.
صور من الاختلاف بين النصوص التوراتية
وقد تحدث النقاد عن صور الاختلاف بين هذه النصوص، وطبقاً للموسوعة البريطانية فإن النص السامري يختلف عن النص اليوناني ( في الأسفار الخمسة ) بما يزيد على أربعة آلاف اختلاف، ويختلف عن النص العبري القياسي بما يربو على ستة آلاف اختلاف. (1)
ونذكر بعض هذه الاختلافات للتمثيل، لا الحصر:
مما زادت به التوراة الكاثوليكية على العبرية البروتسنتية ما جاء في سفر الخروج حين الحديث عن أبناء موسى من زوجته صفورة المديانية، حيث ذكر النصان ولادة جرشوم ابن موسى، ثم انفرد النص الكاثوليكي، فقال: "وولدت أيضاً غلاماً ثانياً ، ودعا اسمه العازر ، فقال : من أجل أن إله أبي أعانني وخلصني من يد فرعون" ( الخروج 2/22 )، وهذه الفقرة غير موجودة في التوراة العبرانية التي يؤمن بها اليهود والبرتستانت.
- ومثلها قول إبراهيم في النص اليوناني الذي أثبتته نسخة الرهبانية اليسوعية: "الرب إله السماء وإله الأرض الذي أخذني من بيت أبي" (التكوين 24/7)، وقوله: "وإله الأرض" محذوف من نسخة البرتستانت، التي تعتمد النص العبري فقط.
- وكذلك حذف النص البرتستانتي العبري عبارة " وبقي إسحاق صامتاً "، من السياق الوارد في النص اليوناني، وهو: "باركني أنا أيضاً يا أبي، وبقي إسحاق صامتاً، ورفع عيسو صوته " (التكوين 27/38).
- وأيضاً لما تحدثت الأسفار التوراتية عن اغتصاب أمنون لأخته ثامار حسب مشورة الحكيم جداً يوناداب، وبلغ الخبر داود، تقول التوراة العبرانية، وهي تصف شعوره: " لما سمع الملك داود بجميع هذه الأمور اغتاظ جداً" (صموئيل (2) 13/21)، ثم تنتقل لوصف شعور أبشالوم بن داود.
أما التوراة الكاثوليكية الأرثوذكسية فتقول : "فاغتاظ جداً ، ولكنه لم يُحزن نفس أمنون ابنه، لأنه كان يحبه، إذ كان بكره" (الملوك (2) 13/21). (1) وهذه العبارة أسقطتها النسخة العبرانية، ولعلها رأت أن من المحال أن يقابل أب خبر اغتصاب ابنه لأخته بمثل هذا البرود، وبمثل هذا التعليل البارد.
وينتهي سفر أستير في توراة اليهود والبرتستانت العبرانية في الإصحاح (10/3)، لكنه يستمر تسع صفحات في التوراة الكاثوليكية ، وينتهي في الإصحاح (16/24)، وأما نسخة الرهبانية اليسوعية فقد اكتفت بإضافة صفحتين: أولاهما: أضافها على الإصحاح العاشر، والثانية: أضافها في الفقرة الأولى من الإصحاح الخامس.
- وكذا ينتهي سفر دانيال في التوراة العبرانية عند نهاية الإصحاح الثاني عشر، فيما يمتد السفر في التوراة الكاثوليكية ليشمل إصحاحين آخرين لم يسجلهما النص العبري، الذي أهمل أيضاً صلاة عزريا، والتي تربو على ثلاث صفحات، ومحلها الإصحاح الثالث من السفر، فيما بين الفقرتين 23 و24 من الإصحاح العبراني.
- ومن الاختلافات بين توراة الكاثوليك والبرتستانت ما جاء في سياق طلب موسى من الله أن يردف معه أخاه هارون نبياً، فيجعل النص العبراني كلام موسى مجافياً للأدب، فقد قال موسى للرب: "استمع أيها السيد، أرسل بيد من ترسل ، فحمي غضب الرب على موسى " ( الخروج 4/14 - 15 )، لكن النص الكاثوليكي يقدم صورة محسنة لخطاب موسى للرب، فيقول: " رحماك يا رب، ابعث من أنت باعثه "، لكن الأدب الجم الذي ذكروه لم يمنع من حلول السخط على موسى، إذ يكمل النص الكاثوليكي فيقول: "فاتقد غضب الرب على موسى".
لكن هذا الرقم الكبير للقتلى أقضّ مضاجع كتاب النص اليوناني، فأنقصوه من خمسين ألف إلى سبعين شخصاً فقط، حيث يقول نص الكاثوليك: " وضرب الرب أهل بيت شمس، لأنهم نظروا إلى تابوت الرب، وقَتل من الشعب سبعين رجلاً، وكانوا خمسين ألف رجل، فناح الشعب، لأن الرب ضرب هذا الشعب هذه الضربة العظيمة ... " (الملوك (1) 6/19).
- مما زادت به التوراة السامرية، وهو غير موجود في العبرية واليونانية " كانت كل أيام سام ستمائة سنة ومات " (التكوين 11/11 ).
- وأيضاً جاء في العبرانية " وقال قابيل لهابيل أخيه، ولما صارا في الحقل قام قابيل " (التكوين 4/8 ) ولم يذكر فيه مقال قابيل، بينما جاء النص تاماً في التوراة السامرية والكاثوليكية، وفيه "قال: نخرج إلى الحقل ".
وصل إلى أيدينا ثلاث نصوص مختلفة للتوراة، ولا نتحدث هنا عن ثلاث ترجمات، بل نعني أنه توجد نصوص ثلاثة يستقل بعضها عن بعض.
وهذه النصوص هي:
1- الترجمة اليونانية (السبعينية)، والتي كانت نسخها المختلفة أساساً لنسخة القديس جيروم (الفولجاتا) التي ترجمها - مع بعض التعديلات من الأصول العبرانية - إلى اللغة اللاتينية في أواخر القرن الرابع (386م)، وعنها أخذ الكاثوليك والأرثوذكس توراتهم.
2- العبرانية المعتبرة عند اليهود والبرتستانت.
3- السامرية المعتبرة عند طائفة السامريين من اليهود فقط.
وهذه النصوص متشابهة في عمودها الفقري، لكنها مختلفة ومتناقضة في بعض التفاصيل الدقيقة، كما ثمة فرقان كبيران يجدر أن ننبه لهما، أولهما: أن الترجمة اليونانية تزيد أسفار الأبوكريفا السبعة عن العبرية، وثانيهما: أنهما تزيدان معاً عن التوراة السامرية، والتي لا تعترف إلا بالأسفار الخمسة.
صور من الاختلاف بين النصوص التوراتية
وقد تحدث النقاد عن صور الاختلاف بين هذه النصوص، وطبقاً للموسوعة البريطانية فإن النص السامري يختلف عن النص اليوناني ( في الأسفار الخمسة ) بما يزيد على أربعة آلاف اختلاف، ويختلف عن النص العبري القياسي بما يربو على ستة آلاف اختلاف. (1)
ونذكر بعض هذه الاختلافات للتمثيل، لا الحصر:
مما زادت به التوراة الكاثوليكية على العبرية البروتسنتية ما جاء في سفر الخروج حين الحديث عن أبناء موسى من زوجته صفورة المديانية، حيث ذكر النصان ولادة جرشوم ابن موسى، ثم انفرد النص الكاثوليكي، فقال: "وولدت أيضاً غلاماً ثانياً ، ودعا اسمه العازر ، فقال : من أجل أن إله أبي أعانني وخلصني من يد فرعون" ( الخروج 2/22 )، وهذه الفقرة غير موجودة في التوراة العبرانية التي يؤمن بها اليهود والبرتستانت.
- ومثلها قول إبراهيم في النص اليوناني الذي أثبتته نسخة الرهبانية اليسوعية: "الرب إله السماء وإله الأرض الذي أخذني من بيت أبي" (التكوين 24/7)، وقوله: "وإله الأرض" محذوف من نسخة البرتستانت، التي تعتمد النص العبري فقط.
- وكذلك حذف النص البرتستانتي العبري عبارة " وبقي إسحاق صامتاً "، من السياق الوارد في النص اليوناني، وهو: "باركني أنا أيضاً يا أبي، وبقي إسحاق صامتاً، ورفع عيسو صوته " (التكوين 27/38).
- وأيضاً لما تحدثت الأسفار التوراتية عن اغتصاب أمنون لأخته ثامار حسب مشورة الحكيم جداً يوناداب، وبلغ الخبر داود، تقول التوراة العبرانية، وهي تصف شعوره: " لما سمع الملك داود بجميع هذه الأمور اغتاظ جداً" (صموئيل (2) 13/21)، ثم تنتقل لوصف شعور أبشالوم بن داود.
أما التوراة الكاثوليكية الأرثوذكسية فتقول : "فاغتاظ جداً ، ولكنه لم يُحزن نفس أمنون ابنه، لأنه كان يحبه، إذ كان بكره" (الملوك (2) 13/21). (1) وهذه العبارة أسقطتها النسخة العبرانية، ولعلها رأت أن من المحال أن يقابل أب خبر اغتصاب ابنه لأخته بمثل هذا البرود، وبمثل هذا التعليل البارد.
وينتهي سفر أستير في توراة اليهود والبرتستانت العبرانية في الإصحاح (10/3)، لكنه يستمر تسع صفحات في التوراة الكاثوليكية ، وينتهي في الإصحاح (16/24)، وأما نسخة الرهبانية اليسوعية فقد اكتفت بإضافة صفحتين: أولاهما: أضافها على الإصحاح العاشر، والثانية: أضافها في الفقرة الأولى من الإصحاح الخامس.
- وكذا ينتهي سفر دانيال في التوراة العبرانية عند نهاية الإصحاح الثاني عشر، فيما يمتد السفر في التوراة الكاثوليكية ليشمل إصحاحين آخرين لم يسجلهما النص العبري، الذي أهمل أيضاً صلاة عزريا، والتي تربو على ثلاث صفحات، ومحلها الإصحاح الثالث من السفر، فيما بين الفقرتين 23 و24 من الإصحاح العبراني.
- ومن الاختلافات بين توراة الكاثوليك والبرتستانت ما جاء في سياق طلب موسى من الله أن يردف معه أخاه هارون نبياً، فيجعل النص العبراني كلام موسى مجافياً للأدب، فقد قال موسى للرب: "استمع أيها السيد، أرسل بيد من ترسل ، فحمي غضب الرب على موسى " ( الخروج 4/14 - 15 )، لكن النص الكاثوليكي يقدم صورة محسنة لخطاب موسى للرب، فيقول: " رحماك يا رب، ابعث من أنت باعثه "، لكن الأدب الجم الذي ذكروه لم يمنع من حلول السخط على موسى، إذ يكمل النص الكاثوليكي فيقول: "فاتقد غضب الرب على موسى".
- ومنها ما ذكرته التوراة العبرانية عن نبي الله أيوب ، أنه قال: "وبعد أن يفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله" (أيوب 19/26)، فالنص يتحدث عن فناء جلد أيوب، وأنه سيرى الله لكن لا بجسده ، وهذه المعاني تغاير تماماً ما جاء في التوراة الكاثوليكية، حيث تقول: "وبعد أن تلبس هذه الأعضاء بجلدي، ومن جسدي أعاين الله" فالجلد لن يفنى ، بل سيلبس الأعضاء، وهو سيعاين الله ويراه بجسده، وهكذا فالنصان متناقضان، فأيهما هو كلمة الله؟
ومن الاختلافات أيضاً ما جاء في النصين العبراني واليوناني عن قصة أهل قرية بيتمش الذين رأوا تابوت الرب، فعاقبهم بقتل ما يربو على خمسين ألف من أهل تلك القرية البائسة، كما يذكر ذلك النص العبراني، حين يقول: " ضرب أهل بيتمش، لأنهم نظروا إلى تابوت الرب، وضَرب من الشعب خمسين ألف رجل وسبعين رجلاً، فناح الشعب، لأن الرب ضرب الشعب ضربة عظيمة " (صموئيل (1) 6/19).لكن هذا الرقم الكبير للقتلى أقضّ مضاجع كتاب النص اليوناني، فأنقصوه من خمسين ألف إلى سبعين شخصاً فقط، حيث يقول نص الكاثوليك: " وضرب الرب أهل بيت شمس، لأنهم نظروا إلى تابوت الرب، وقَتل من الشعب سبعين رجلاً، وكانوا خمسين ألف رجل، فناح الشعب، لأن الرب ضرب هذا الشعب هذه الضربة العظيمة ... " (الملوك (1) 6/19).
- مما زادت به التوراة السامرية، وهو غير موجود في العبرية واليونانية " كانت كل أيام سام ستمائة سنة ومات " (التكوين 11/11 ).
- وأيضاً جاء في العبرانية " وقال قابيل لهابيل أخيه، ولما صارا في الحقل قام قابيل " (التكوين 4/8 ) ولم يذكر فيه مقال قابيل، بينما جاء النص تاماً في التوراة السامرية والكاثوليكية، وفيه "قال: نخرج إلى الحقل ".
- ومما زادت به العبرانية واليونانية عن التوراة السامرية الآيات العشر الأُوَل في الإصحاح الثلاثين من سفر الخروج، وقد بدأ الإصحاح الثلاثون في السامرية بالفقرة 11 .
ومن زيادات السامرية عن العبرانية والكاثوليكية الأرثوذكسية ما وقع بين الفقرتين 10 - 11 من ( العدد 10)، وفيه: "قال الرب مخاطباً موسى: إنكم جلستم في هذا الجبل كثيراً، فارجعوا، وهلموا إلى جبل الأمورانيين وما يليه إلى العرباء، وإلى أماكن الطور والأسفل قبالة التيمن، وإلى شط البحر أرض الكنعانيين ولبنان، وإلى النهر الأكبر نهر الفرات، هُوذا أعطيتكم فادخلوا، ورِثوا الأرض التي حلف الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطيكم إياها، ولخلفكم من بعدكم" (العدد 10/10)، فهذا النص لا أثر له في التوراة العبرانية واليونانية.
- ومثله ما وقع في ( الخروج 11 ) بين الفقرتين 3 - 4، وهو محذوف من هذا الموضع في النسخة العبرانية والنسخة الكاثوليكية الأرثوذكسية، وفيه: "وقال موسى لفرعون : الرب يقول : إسرائيل ابني، بل بكري، فقلت لك : أطلق ابني ليعبدني، وأنت أبيت أن تطلقه، ها أنا سأقتل ابنك بكرك " ( الخروج 11/7)، وفي العبرانية واليونانية مثله، ولكن في (الخروج 9/1 - 3 ).
- ومن صور الاختلاف بين نسخ التوراة الخلاف المشهور بين السامريين والعبرانيين في الجبل المقدس الذي أمر الله ببناء الهيكل فيه، فالعبرانيون يقولون : جبل عيبال، لقوله :" تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال " ( التثنية 27/4 )، وفي السامرية أن الجبل جرزيم، ففيها: "تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جرزيم".
- وعند دراسة أعمار الآباء في الإصحاح الخامس من سفر التكوين حسب العبرانية يفهم منه أن طوفان نوح حصل بعد 1656 سنة من خلق آدم، فيما تجعله اليونانية سنة 2262، والسامرية 1307. فكيف يجمع بين النصوص الثلاثة ؟
ثم حسب النص العبراني فإن ميلاد المسيح سنة 4004 من خلق آدم، وهو في اليونانية سنة 5872، وفي السامرية 4700. وقد جرى في هذه المواضع المتعلقة بأعمار الآباء الأوائل التوفيق بين النص اليوناني والعبراني، باعتماد النص الذي ترجمه جيروم (الفولجاتا) في الطبعات الحديثة من التوراة الأرثوذكسية الكاثوليكية.
- ومثله الخلاف في مقدار الزمن بين الطوفان وولادة إبراهيم، فإنه في العبرانية 292 سنة، وهو في اليونانية 1072 سنة، وفي السامرية 932 سنة. (1)
ولا تتوقف صور الاختلاف بين التوراتين عند هذه الصور، بل تصل إلى التناقض السافر والتضاد التام، ومن ذلك قول سفر أيوب: "والله لا ينتبه إلى الظلم" (أيوب 24/12)، وكلمة (الظلم) غيرتها الترجمة السريانية إلى (الصلاة)، واعتمدت هذه الترجمة الرهبانية اليسوعية، فالنص فيها: "والله لا يلتفت إلى الصلاة". ونبه محققوها في الحاشية إلى اعتمادها النص السرياني، وذكرت أن الكلمة العبرانية المستخدمة هي (الحماقة)، فأي هذه الكلمات أوحاها الله (الصلاة أو الظلم أو الحماقة).
ومثله ما جاء في المزامير: "قدموا للرب مجداً وعزاً" (المزمور 29/1)، والنص كما نقلت الرهبانية اليسوعية في هامشها أنه في الترجمتين اليونانية واللاتينية: "قدموا للرب صغار الكباش"، فأي تناسب بين المجد والعز وبين صغار الكباش أو حتى كبارها!
ويترنم كاتب المزمور (102)، فيقول: "اليوم كله عيّرني أعدائي، الحنقون عليّ حلفوا عليّ" (102/9)، واعتماداً على النص اليوناني استبدلت الرهبانية اليسوعية قوله: "حلفوا علي" بقولها: "يلعنونني" ، وأشارت إلى أنه في الترجمة السريانية: "الذين كانوا يمدحونني"، فأي هذه المعاني المتنافرة هو كلمة الله؟ وهل أعداء المترنم حلفوا عليه أم لعنوه أم مدحوه؟
وفي المزمور (118) يقول المترنم عن أعدائه: "أحاطوا بي مثل النحل، انطفأوا كنار الشوك" (المزمور 118/12)، وهو في النسخة اليونانية: "اشتعلوا"، كما بينت الرهبانية اليسوعية في حاشيتها، وشتان شتان بين الاشتعال والانطفاء، فما رأيكم يا معاشر العقلاء؟!
وحسب سفر أيوب العبراني، فإن زوجة النبي أيوب قالت له بعد ما أصابه القرح: "أنت متمسك بعدُ بكمالك، بارك الله ومُت" (أيوب 2/9)، بينما يذكر النص اليوناني الذي نقلت عنه الرهبانية اليسوعية أنها قالت: "أإلى الآن متمسك بكمالك، جدِّف على الله ومُت"، ومن المعلوم أن التجديف والبركة نقيضان، فهل طالبت زوجها بالتجديف على الله أم طلب البركة منه، أيهما كتبه الملهم بوحي الروح القدس؟
ولرؤية المزيد من الصور والاختلافات بين النصين اليوناني الكاثوليكي والعبري البروتستنتي ندعو القارئ للمقارنة بين نسخة الشرق الأوسط البرتستنتية ونسخة الرهبانية اليسوعية الكاثوليكية في عشرات المواضع، ومنها (التثنية 32/14، 43، يشوع 15/59، صموئيل (1) 1/24، 14/41 ، 28/10، صموئيل (2) 15/7، المزمور 71/15، 80/15، 105/28، 141/7، راعوث 1/14، الأيام (1) 7/15-16).
وبعد هذا نقرأ في آخر أسفار الكتاب وعيداً شديداً لأولئك الذين يزيدون وينقصون في كلمة الله "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب، وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة " (الرؤيا 22/18-19)، فهل سيزيد الله الضربات المكتوبة على الكاثوليك والأرثوذكس الذين زادوا في كتابهم أسفار الأبوكريفا السبعة وغيرها مما زادوه في الكتاب ، أم أن الله سيحذف أسماء البرتستانت من سفر الحياة لما حذفوه من كلمة الله التي يصر المؤمنون بها من الفريقين على أنها لا تزول ولا تتبدل " وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد" (إشعيا 40/8).!
توراة العبرانيين (البروتستانت واليهود) على توراة السامريين أو على توراة الأرثوذكس والكاثوليك اليونانية أو الاتينية المترجمة عنها، فيجعل هذه مقدسة وتلك محرفة؟ ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (البقرة:111).
وأخيراً، نتساءل: هل يمكن أن نستعيد النص الأصلي للتوراة من خلال الجمع بين هذه النصوص المختلفة، وتجيبنا مقدمة الرهبانية اليسوعية في مدخلها للكتاب المقدس: " أي صيغة من النص تختار ؟ أو بعبارة أخرى ، كيف الوصول إلى نص عبري يكون أقرب نص ممكن إلى الأصل؟...
الحل العلمي الحقيقي يفرض علينا أن نعامل الكتاب المقدس كما نعامل جميع مؤلفات الحضارة القديمة، أي أن نضع شجرة النسب لكل ما نملكه من الشهود، بعد أن نكون قد درسنا بدقة فائقة مجمل القراءات المختلفة: النص المسوري ، ومختلف نصوص قمران ، والتوراة السامرية ، والترجمات اليونانية السبعينية ، وغير السبعينية ، وترجمات الترجوم الآرامية ، والترجمات السريانية ، والترجمات اللاتينية القديمة ... الخ، وبهذه المقارنات كلها نستطيع أن نستعيد النموذج الأصلي الكامن في أساس جميع الشهود، والذي يرقى عادة إلى حوالي القرن الرابع قبل المسيح ".
إن غاية ما يمكن أن نصل إليه فيما لو جمعنا كل هذه النصوص، أن نوفق في الوصول إلى نص يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي إلى نص كتب بعد موسى بألف سنة، أما استعادة النص الذي كتبه موسى عليه السلام فدونه خرط القتاد.
ومن زيادات السامرية عن العبرانية والكاثوليكية الأرثوذكسية ما وقع بين الفقرتين 10 - 11 من ( العدد 10)، وفيه: "قال الرب مخاطباً موسى: إنكم جلستم في هذا الجبل كثيراً، فارجعوا، وهلموا إلى جبل الأمورانيين وما يليه إلى العرباء، وإلى أماكن الطور والأسفل قبالة التيمن، وإلى شط البحر أرض الكنعانيين ولبنان، وإلى النهر الأكبر نهر الفرات، هُوذا أعطيتكم فادخلوا، ورِثوا الأرض التي حلف الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطيكم إياها، ولخلفكم من بعدكم" (العدد 10/10)، فهذا النص لا أثر له في التوراة العبرانية واليونانية.
- ومثله ما وقع في ( الخروج 11 ) بين الفقرتين 3 - 4، وهو محذوف من هذا الموضع في النسخة العبرانية والنسخة الكاثوليكية الأرثوذكسية، وفيه: "وقال موسى لفرعون : الرب يقول : إسرائيل ابني، بل بكري، فقلت لك : أطلق ابني ليعبدني، وأنت أبيت أن تطلقه، ها أنا سأقتل ابنك بكرك " ( الخروج 11/7)، وفي العبرانية واليونانية مثله، ولكن في (الخروج 9/1 - 3 ).
- ومن صور الاختلاف بين نسخ التوراة الخلاف المشهور بين السامريين والعبرانيين في الجبل المقدس الذي أمر الله ببناء الهيكل فيه، فالعبرانيون يقولون : جبل عيبال، لقوله :" تقيمون هذه الحجارة التي أنا أوصيكم بها اليوم في جبل عيبال " ( التثنية 27/4 )، وفي السامرية أن الجبل جرزيم، ففيها: "تقيمون الحجارة هذه التي أنا موصيكم اليوم في جبل جرزيم".
- وعند دراسة أعمار الآباء في الإصحاح الخامس من سفر التكوين حسب العبرانية يفهم منه أن طوفان نوح حصل بعد 1656 سنة من خلق آدم، فيما تجعله اليونانية سنة 2262، والسامرية 1307. فكيف يجمع بين النصوص الثلاثة ؟
ثم حسب النص العبراني فإن ميلاد المسيح سنة 4004 من خلق آدم، وهو في اليونانية سنة 5872، وفي السامرية 4700. وقد جرى في هذه المواضع المتعلقة بأعمار الآباء الأوائل التوفيق بين النص اليوناني والعبراني، باعتماد النص الذي ترجمه جيروم (الفولجاتا) في الطبعات الحديثة من التوراة الأرثوذكسية الكاثوليكية.
- ومثله الخلاف في مقدار الزمن بين الطوفان وولادة إبراهيم، فإنه في العبرانية 292 سنة، وهو في اليونانية 1072 سنة، وفي السامرية 932 سنة. (1)
ولا تتوقف صور الاختلاف بين التوراتين عند هذه الصور، بل تصل إلى التناقض السافر والتضاد التام، ومن ذلك قول سفر أيوب: "والله لا ينتبه إلى الظلم" (أيوب 24/12)، وكلمة (الظلم) غيرتها الترجمة السريانية إلى (الصلاة)، واعتمدت هذه الترجمة الرهبانية اليسوعية، فالنص فيها: "والله لا يلتفت إلى الصلاة". ونبه محققوها في الحاشية إلى اعتمادها النص السرياني، وذكرت أن الكلمة العبرانية المستخدمة هي (الحماقة)، فأي هذه الكلمات أوحاها الله (الصلاة أو الظلم أو الحماقة).
ومثله ما جاء في المزامير: "قدموا للرب مجداً وعزاً" (المزمور 29/1)، والنص كما نقلت الرهبانية اليسوعية في هامشها أنه في الترجمتين اليونانية واللاتينية: "قدموا للرب صغار الكباش"، فأي تناسب بين المجد والعز وبين صغار الكباش أو حتى كبارها!
ويترنم كاتب المزمور (102)، فيقول: "اليوم كله عيّرني أعدائي، الحنقون عليّ حلفوا عليّ" (102/9)، واعتماداً على النص اليوناني استبدلت الرهبانية اليسوعية قوله: "حلفوا علي" بقولها: "يلعنونني" ، وأشارت إلى أنه في الترجمة السريانية: "الذين كانوا يمدحونني"، فأي هذه المعاني المتنافرة هو كلمة الله؟ وهل أعداء المترنم حلفوا عليه أم لعنوه أم مدحوه؟
وفي المزمور (118) يقول المترنم عن أعدائه: "أحاطوا بي مثل النحل، انطفأوا كنار الشوك" (المزمور 118/12)، وهو في النسخة اليونانية: "اشتعلوا"، كما بينت الرهبانية اليسوعية في حاشيتها، وشتان شتان بين الاشتعال والانطفاء، فما رأيكم يا معاشر العقلاء؟!
وحسب سفر أيوب العبراني، فإن زوجة النبي أيوب قالت له بعد ما أصابه القرح: "أنت متمسك بعدُ بكمالك، بارك الله ومُت" (أيوب 2/9)، بينما يذكر النص اليوناني الذي نقلت عنه الرهبانية اليسوعية أنها قالت: "أإلى الآن متمسك بكمالك، جدِّف على الله ومُت"، ومن المعلوم أن التجديف والبركة نقيضان، فهل طالبت زوجها بالتجديف على الله أم طلب البركة منه، أيهما كتبه الملهم بوحي الروح القدس؟
ولرؤية المزيد من الصور والاختلافات بين النصين اليوناني الكاثوليكي والعبري البروتستنتي ندعو القارئ للمقارنة بين نسخة الشرق الأوسط البرتستنتية ونسخة الرهبانية اليسوعية الكاثوليكية في عشرات المواضع، ومنها (التثنية 32/14، 43، يشوع 15/59، صموئيل (1) 1/24، 14/41 ، 28/10، صموئيل (2) 15/7، المزمور 71/15، 80/15، 105/28، 141/7، راعوث 1/14، الأيام (1) 7/15-16).
وبعد هذا نقرأ في آخر أسفار الكتاب وعيداً شديداً لأولئك الذين يزيدون وينقصون في كلمة الله "لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب، وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة " (الرؤيا 22/18-19)، فهل سيزيد الله الضربات المكتوبة على الكاثوليك والأرثوذكس الذين زادوا في كتابهم أسفار الأبوكريفا السبعة وغيرها مما زادوه في الكتاب ، أم أن الله سيحذف أسماء البرتستانت من سفر الحياة لما حذفوه من كلمة الله التي يصر المؤمنون بها من الفريقين على أنها لا تزول ولا تتبدل " وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد" (إشعيا 40/8).!
توراة العبرانيين (البروتستانت واليهود) على توراة السامريين أو على توراة الأرثوذكس والكاثوليك اليونانية أو الاتينية المترجمة عنها، فيجعل هذه مقدسة وتلك محرفة؟ ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) (البقرة:111).
وأخيراً، نتساءل: هل يمكن أن نستعيد النص الأصلي للتوراة من خلال الجمع بين هذه النصوص المختلفة، وتجيبنا مقدمة الرهبانية اليسوعية في مدخلها للكتاب المقدس: " أي صيغة من النص تختار ؟ أو بعبارة أخرى ، كيف الوصول إلى نص عبري يكون أقرب نص ممكن إلى الأصل؟...
الحل العلمي الحقيقي يفرض علينا أن نعامل الكتاب المقدس كما نعامل جميع مؤلفات الحضارة القديمة، أي أن نضع شجرة النسب لكل ما نملكه من الشهود، بعد أن نكون قد درسنا بدقة فائقة مجمل القراءات المختلفة: النص المسوري ، ومختلف نصوص قمران ، والتوراة السامرية ، والترجمات اليونانية السبعينية ، وغير السبعينية ، وترجمات الترجوم الآرامية ، والترجمات السريانية ، والترجمات اللاتينية القديمة ... الخ، وبهذه المقارنات كلها نستطيع أن نستعيد النموذج الأصلي الكامن في أساس جميع الشهود، والذي يرقى عادة إلى حوالي القرن الرابع قبل المسيح ".
إن غاية ما يمكن أن نصل إليه فيما لو جمعنا كل هذه النصوص، أن نوفق في الوصول إلى نص يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي إلى نص كتب بعد موسى بألف سنة، أما استعادة النص الذي كتبه موسى عليه السلام فدونه خرط القتاد.