البشارة بإيلياء
ومن الأسماء التي رمز الكتاب المقدس بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " إيلياء " وهي وفق حساب الجمّل اليهودي تساوي 53 (2)
وهو أيضاً اسم لنبي عظيم أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل، وكان ذلك في القرن التاسع قبل الميلاد، وهو الذي يسميه القرآن إلياس.
وفي آخر أسفار التوراة العبرانية يتحدث النبي ملاخي في سفره القصير عن عصيان بني إسرائيل وعن إيليا أو إيلياء القادم الجديد، وهو غير إلياس الذي كان قد توفي منذ سبعة قرون، فيقول ملاخي بأن الله يقول: " هأنذا أرسل ملاكي، فيهيء الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله السيدُ الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به، هو ذا يأتي، قال رب الجنود.
من يحتمل يوم مجيئه، ومن يثبت عند ظهوره، لأنه مثل نار الممحص، ومثل أشنان القصار ... (ملاخي 3/1 - 2).
فالنص في سفر النبي ملاخي يتحدث عن اثنين، أحدهما الذي يهيئ الطريق أمام القادم من عند الرب.
والثاني هو الذي يأتي بغتة إلى الهيكل، ويسميه: السيد، وملاك العهد. وهو الذي يطلبه بنو إسرائيل وينتظرونه.ومن الأسماء التي رمز الكتاب المقدس بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " إيلياء " وهي وفق حساب الجمّل اليهودي تساوي 53 (2)
وهو أيضاً اسم لنبي عظيم أرسله الله عز وجل إلى بني إسرائيل، وكان ذلك في القرن التاسع قبل الميلاد، وهو الذي يسميه القرآن إلياس.
وفي آخر أسفار التوراة العبرانية يتحدث النبي ملاخي في سفره القصير عن عصيان بني إسرائيل وعن إيليا أو إيلياء القادم الجديد، وهو غير إلياس الذي كان قد توفي منذ سبعة قرون، فيقول ملاخي بأن الله يقول: " هأنذا أرسل ملاكي، فيهيء الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله السيدُ الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به، هو ذا يأتي، قال رب الجنود.
من يحتمل يوم مجيئه، ومن يثبت عند ظهوره، لأنه مثل نار الممحص، ومثل أشنان القصار ... (ملاخي 3/1 - 2).
فالنص في سفر النبي ملاخي يتحدث عن اثنين، أحدهما الذي يهيئ الطريق أمام القادم من عند الرب.
ويعتبرون الأول إيليا لقول متى على لسان المسيح في سياق حديثه عن يوحنا المعمدان: " ماذا خرجتم لتنظروا. أنبياً؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي، فإن هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك. الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه ... لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبئوا. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع " (متى 11/9 - 15).
ويذكر متى أيضاً بأن المسيح قال: " إن إيليا يأتي أولاً ويرد كل شيء، ولكني أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه ... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان " (متى 17/10 - 13).
وهكذا يرى النصارى أن المبشِر الممهد للطريق هو يوحنا (إيليا)، والمبشَر به هو المسيح. والصحيح أن إيليا رمز للنبي القادم، وليس للنبي الممهد لطريقه.
وقبل أن نلج لفهم حقيقة هذه النبوءة نرى لزاماً أن ننبه ببعض ما تعرضت له هذه النصوص من تحريف، ففي ملاخي " ملاك العهد "، وهو في الترجمات القديمة: "رسول الختان"، وفي الترجمة الحديثة يقول: "أرسل ملاكي"، وفي القديمة: " أرسل رسولي "، وفي بعض الطبعات: " يأتي السيد " وفي بعضها: " الولي "، وفي أخرى: " إيليا ".
وفي نصوص الأناجيل تحريف للاقتباس من ملاخي الذي استعمل ضمير المتكلم " الطريق أمامي"، وفي الأناجيل أصبح الضمير راجعاً على المسيح " يهيئ طريقك قدامك ".
ويذكر متى أيضاً بأن المسيح قال: " إن إيليا يأتي أولاً ويرد كل شيء، ولكني أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه ... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان " (متى 17/10 - 13).
وهكذا يرى النصارى أن المبشِر الممهد للطريق هو يوحنا (إيليا)، والمبشَر به هو المسيح. والصحيح أن إيليا رمز للنبي القادم، وليس للنبي الممهد لطريقه.
وقبل أن نلج لفهم حقيقة هذه النبوءة نرى لزاماً أن ننبه ببعض ما تعرضت له هذه النصوص من تحريف، ففي ملاخي " ملاك العهد "، وهو في الترجمات القديمة: "رسول الختان"، وفي الترجمة الحديثة يقول: "أرسل ملاكي"، وفي القديمة: " أرسل رسولي "، وفي بعض الطبعات: " يأتي السيد " وفي بعضها: " الولي "، وفي أخرى: " إيليا ".
وفي نصوص الأناجيل تحريف للاقتباس من ملاخي الذي استعمل ضمير المتكلم " الطريق أمامي"، وفي الأناجيل أصبح الضمير راجعاً على المسيح " يهيئ طريقك قدامك ".
كما نرى يد التحريف قد طالت كلام المسيح والمعمدان حين زعم الإنجيليون أن المسيح اعتبر المعمدان هو الممهد لدعوته "هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك " (لوقا 7/26)، وأنه سماه إيليا المنتظر "ولكني أقول لكم: إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه ... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان " (متى 17/12 - 13).
ومن التحريف قولهم أن المعمدان أخبر أن القوي الذي بشر بقدومه بعده هو المسيح "ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه .. وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم، هذا هو الذي قلت عنه: يأتي بعدي رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي" (يوحنا 1/26-40).
ودعوانا التحريف ليس مردها عدم اتفاق هذه النصوص مع المسألة التي نحن بصدد إثباتها، بل مرده أن يوحنا المعمدان أنكر أن يكون هو النبي إيليا الممهد بين يدي السيد القادم، فقد نفى هو ذلك عن نفسه لما جاءه رسل اليهود من الكهنة واللاويين " ليسألوه من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، وأقر: إني لست أنا المسيح.
فسألوه إذاً ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا. النبي أنت؟ فأجاب: لا " (يوحنا 1/19 - 21)، فهذا نص صريح ينكر فيه يوحنا أنه إيليا الممهد للطريق ، كما هو ليس المسيح المنتظر أو النبي القادم.
ويلزم من قول المعمدان تكذيب المسيح في قوله بأن إيليا قد جاء أو أن يكون المعمدان كاذباً حين أنكر أنه إيليا، أو يلزم القول بأن التلاميذ لم يفهموا كلام المسيح، وهذا الأخير هو الأولى، فقد أخطأ متى حين قال: " حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان "، لقد ظنوا أنهم فهموا، بينما الحقيقة أنهم لم يفهموا، لقد كان يحدثهم عن نفسه، فهو النبي القادم الذي يهيئ الطريق للقادم المنتظر " هأنذا أرسل ملاكي، فيهيء الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله السيدُ الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به، هو ذا يأتي، قال رب الجنود".
ومن التحريف قولهم أن المعمدان أخبر أن القوي الذي بشر بقدومه بعده هو المسيح "ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه .. وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم، هذا هو الذي قلت عنه: يأتي بعدي رجل صار قدامي، لأنه كان قبلي" (يوحنا 1/26-40).
ودعوانا التحريف ليس مردها عدم اتفاق هذه النصوص مع المسألة التي نحن بصدد إثباتها، بل مرده أن يوحنا المعمدان أنكر أن يكون هو النبي إيليا الممهد بين يدي السيد القادم، فقد نفى هو ذلك عن نفسه لما جاءه رسل اليهود من الكهنة واللاويين " ليسألوه من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، وأقر: إني لست أنا المسيح.
فسألوه إذاً ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا. النبي أنت؟ فأجاب: لا " (يوحنا 1/19 - 21)، فهذا نص صريح ينكر فيه يوحنا أنه إيليا الممهد للطريق ، كما هو ليس المسيح المنتظر أو النبي القادم.
ويلزم من قول المعمدان تكذيب المسيح في قوله بأن إيليا قد جاء أو أن يكون المعمدان كاذباً حين أنكر أنه إيليا، أو يلزم القول بأن التلاميذ لم يفهموا كلام المسيح، وهذا الأخير هو الأولى، فقد أخطأ متى حين قال: " حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان "، لقد ظنوا أنهم فهموا، بينما الحقيقة أنهم لم يفهموا، لقد كان يحدثهم عن نفسه، فهو النبي القادم الذي يهيئ الطريق للقادم المنتظر " هأنذا أرسل ملاكي، فيهيء الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله السيدُ الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به، هو ذا يأتي، قال رب الجنود".
ثم إن صفات إيليا لا تنطبق على المعمدان، لأنه يأتي بعد المسيح، فقد قال المسيح عنه: " إيليا المزمع أن يأتي" والمسيح والمعمدان متعاصران.
وعندما يأتي إيليا فإنه " يرد كل شيء "، و " فيرد قلب الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم "، ومثل هذا لم ينقل عن المعمدان الذي عاش في الصحراء، طعامه الجراد والعسل، ولباسه وبر الإبل، وغاية ما صنعه تعميد من جاءه تائباً. (انظر متى 3/1 - 5).
ولا يمكن التسليم بأن المعمدان كان تمهيداً للمسيح، إذ كيف يقال ذلك، والمعمدان قبيل مقتله - حسب الأناجيل - لا يعرف حقيقة المسيح، ويرسل تلاميذه ليسألوا المسيح " أنت هو الآتي أم ننتظر غيرك؟ " (متى 11/3).
فكيف يقال بأنه أرسل بين يديه، وهو لم يعرف حقيقته؟ ثم ماذا صنع يوحنا بين يدي مقدم المسيح؟ هل صنع شيئاً يتعلق بالمهمة التي تزعمها الأناجيل له؟
لم يرد عنه سوى البشارة بالملكوت كما بشر به المسيح بعده. (انظر متى 3/1) كما كان يعمد الذين يأتونه معترفين بخطاياهم. (انظر متى 3/6)، وهذا الذي صنعه المسيح أيضاً، وهو ما يؤكد أن دعوتهما واحدة، ألا وهي البشارة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نبي الملكوت، كما قال: " فقال لهم: إنه ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر أيضاً بملكوت الله، لأني لهذا قد أرسلت" (لوقا 4/34)، فقد أرسل للبشارة بالملكوت القادم، فهو ممهد ومبشر بين يديه.
والحق أن المعمدان وعيسى صاحبا دعوة واحدة، أي كلاهما بعث مبشراً بالنبي الخاتم، فهما المبشِران بالنبي الخاتم، والذي أسماه متى بملكوت السماوات، فقد بشر باقتراب عصره النبي يوحنا المعمدان، " جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلاً: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات " (متى 3/1 - 2).
وعندما يأتي إيليا فإنه " يرد كل شيء "، و " فيرد قلب الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم "، ومثل هذا لم ينقل عن المعمدان الذي عاش في الصحراء، طعامه الجراد والعسل، ولباسه وبر الإبل، وغاية ما صنعه تعميد من جاءه تائباً. (انظر متى 3/1 - 5).
ولا يمكن التسليم بأن المعمدان كان تمهيداً للمسيح، إذ كيف يقال ذلك، والمعمدان قبيل مقتله - حسب الأناجيل - لا يعرف حقيقة المسيح، ويرسل تلاميذه ليسألوا المسيح " أنت هو الآتي أم ننتظر غيرك؟ " (متى 11/3).
فكيف يقال بأنه أرسل بين يديه، وهو لم يعرف حقيقته؟ ثم ماذا صنع يوحنا بين يدي مقدم المسيح؟ هل صنع شيئاً يتعلق بالمهمة التي تزعمها الأناجيل له؟
لم يرد عنه سوى البشارة بالملكوت كما بشر به المسيح بعده. (انظر متى 3/1) كما كان يعمد الذين يأتونه معترفين بخطاياهم. (انظر متى 3/6)، وهذا الذي صنعه المسيح أيضاً، وهو ما يؤكد أن دعوتهما واحدة، ألا وهي البشارة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نبي الملكوت، كما قال: " فقال لهم: إنه ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر أيضاً بملكوت الله، لأني لهذا قد أرسلت" (لوقا 4/34)، فقد أرسل للبشارة بالملكوت القادم، فهو ممهد ومبشر بين يديه.
والحق أن المعمدان وعيسى صاحبا دعوة واحدة، أي كلاهما بعث مبشراً بالنبي الخاتم، فهما المبشِران بالنبي الخاتم، والذي أسماه متى بملكوت السماوات، فقد بشر باقتراب عصره النبي يوحنا المعمدان، " جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية قائلاً: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات " (متى 3/1 - 2).
وبعد وفاة يوحنا المعمدان جدد يسوع البشارة بالملكوت، " ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات " (متى 4/17)، " وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت " (متى 4/23).
وأمر تلاميذه بأن يبشروا باقتراب الملكوت فقال: " اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات " (متى 10/7)، لقد كانت دعوتهما واحدة، وهي البشارة والتمهيد للنبي القادم.
وكما لم يتحقق في المعمدان صفات الممهد للنبي القادم، فإن الصفات التي ذكرها يوحنا المعمدان للآتي بعده لم تتحقق في المسيح، فقد قال المعمدان: " أنا أعمدكم بماء التوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، الذي رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ، حينئذٍ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه " (متى 3/11 - 13).
فقد وصف المعمدان النبي القادم بعده بأنه " أقوى مني"، وليس في دعوة المسيح أو حياته الشخصية ما يشير إلى هذه القوة، فكلاهما لم يبعث بشرع جديد، كما لم يملك على قومه، ولم يكن لأي منهما نفوذ أو سلطان، بل تزعم النصارى - باطلاً - أن كلاً منهما مات مقتولاً! فأين القوة التي ذكرها المعمدان؟
وذكر المعمدان أن الآتي بعده يعمد بالروح والنار، أي يملك سلطان الدين والدنيا لتغيير المنكر والحفز على التوبة، فهو لا يتوقف عن حدود الطهارة الظاهرية للجسد بالاغتسال بالماء، بل يهتم بطهارة الباطن، ووسيلته ما يأتي به روح القدس (جبريل) من وحي وبلاغ وبيان، كما قام بتطهير كثير من الأرض من الوثنية بالنار.
ومثل هذه المعمودية لم يفعلها المسيح الذي عمد تلاميذه بالماء، وكانت بشارته استمراراً لمعمودية المعمدان، وهي البشارة بالتوبة ومغفرة الخطايا فإن المسيح دعا - بعد حادثة الصلب والقيامة - كل واحد من تلاميذه "أن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا" (لوقا 24/47)، فلم تختلف معموديته - عليه السلام - عن معمودية المعمدان في شيء. (انظر يوحنا 3/22 - 23).
واستمر تلاميذه بعده يعمدون بالماء كما كان المعمدان يعمد، ولما جاء بولس إلى جاء إلى أفسس، فإذ وجد تلاميذ قال لهم: هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم. قالوا له: ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس. فقال لهم: فبماذا اعتمدتم؟ فقالوا: بمعمودية يوحنا. فقال بولس: إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلاً للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده، أي بالمسيح يسوع، فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" (أعمال 19/1-5)، ولو كان للمسيح - عليه السلام - تعميد يخالف ما عليه تعميد المعمدان - عليه السلام - لعرف بين التلاميذ وشاع.
كما لم يحقق المسيح قول المعمدان عن النبي الآتي: "رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ " وهذه كناية يفسرها الدكتور وليم أدي بقوله: " كناية عن نهاية العمل كله، ويمكن أن يكون القصد من هذا التشبيه: الإشارة إلى تأديب الله للناس وقصاصه لهم في هذه الحياة"، بل هو كناية أبعد من ذلك، إذ تبين سلطانه الذي ينقي الأصل الذي أنزله الله على أنبيائه مما علق فيه، فيحذف الترهات الدخيلة ويزيفها.
وعليه فالآتي المبشر به هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو فقط الذي أتى إلى أرض القدس والهيكل بغتة يوم أسري به إلى بيت المقدس، بينما نشأ المسيح ويوحنا في ربوع الهيكل.
وهو النبي الذي سمته بعض الترجمات برسول الختان، إذ كان قد دعا إليه ونبه إلى أنه من سنن الهدى، والتزمه المسلمون بعده.
وأمر تلاميذه بأن يبشروا باقتراب الملكوت فقال: " اكرزوا قائلين: إنه قد اقترب ملكوت السماوات " (متى 10/7)، لقد كانت دعوتهما واحدة، وهي البشارة والتمهيد للنبي القادم.
وكما لم يتحقق في المعمدان صفات الممهد للنبي القادم، فإن الصفات التي ذكرها يوحنا المعمدان للآتي بعده لم تتحقق في المسيح، فقد قال المعمدان: " أنا أعمدكم بماء التوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أحمل حذاءه، هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، الذي رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ، حينئذٍ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه " (متى 3/11 - 13).
فقد وصف المعمدان النبي القادم بعده بأنه " أقوى مني"، وليس في دعوة المسيح أو حياته الشخصية ما يشير إلى هذه القوة، فكلاهما لم يبعث بشرع جديد، كما لم يملك على قومه، ولم يكن لأي منهما نفوذ أو سلطان، بل تزعم النصارى - باطلاً - أن كلاً منهما مات مقتولاً! فأين القوة التي ذكرها المعمدان؟
وذكر المعمدان أن الآتي بعده يعمد بالروح والنار، أي يملك سلطان الدين والدنيا لتغيير المنكر والحفز على التوبة، فهو لا يتوقف عن حدود الطهارة الظاهرية للجسد بالاغتسال بالماء، بل يهتم بطهارة الباطن، ووسيلته ما يأتي به روح القدس (جبريل) من وحي وبلاغ وبيان، كما قام بتطهير كثير من الأرض من الوثنية بالنار.
ومثل هذه المعمودية لم يفعلها المسيح الذي عمد تلاميذه بالماء، وكانت بشارته استمراراً لمعمودية المعمدان، وهي البشارة بالتوبة ومغفرة الخطايا فإن المسيح دعا - بعد حادثة الصلب والقيامة - كل واحد من تلاميذه "أن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا" (لوقا 24/47)، فلم تختلف معموديته - عليه السلام - عن معمودية المعمدان في شيء. (انظر يوحنا 3/22 - 23).
واستمر تلاميذه بعده يعمدون بالماء كما كان المعمدان يعمد، ولما جاء بولس إلى جاء إلى أفسس، فإذ وجد تلاميذ قال لهم: هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم. قالوا له: ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس. فقال لهم: فبماذا اعتمدتم؟ فقالوا: بمعمودية يوحنا. فقال بولس: إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلاً للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده، أي بالمسيح يسوع، فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع" (أعمال 19/1-5)، ولو كان للمسيح - عليه السلام - تعميد يخالف ما عليه تعميد المعمدان - عليه السلام - لعرف بين التلاميذ وشاع.
كما لم يحقق المسيح قول المعمدان عن النبي الآتي: "رفشه في يده، وسينقي بيدره، ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيحرقه بنار لا تطفأ " وهذه كناية يفسرها الدكتور وليم أدي بقوله: " كناية عن نهاية العمل كله، ويمكن أن يكون القصد من هذا التشبيه: الإشارة إلى تأديب الله للناس وقصاصه لهم في هذه الحياة"، بل هو كناية أبعد من ذلك، إذ تبين سلطانه الذي ينقي الأصل الذي أنزله الله على أنبيائه مما علق فيه، فيحذف الترهات الدخيلة ويزيفها.
وعليه فالآتي المبشر به هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو فقط الذي أتى إلى أرض القدس والهيكل بغتة يوم أسري به إلى بيت المقدس، بينما نشأ المسيح ويوحنا في ربوع الهيكل.
وهو النبي الذي سمته بعض الترجمات برسول الختان، إذ كان قد دعا إليه ونبه إلى أنه من سنن الهدى، والتزمه المسلمون بعده.