يسوع الناصري ظهر له ملاك من السماء ليقويه
ان مما يستغرب ويعجب منه المسلم أن النصارى في صلواتهم وأدعيتهم يلجأون ويتضرعون إلى يسوع الناصري طالبين منه القوة والمعونة والمدد وفي المقابل نجد أن الانجيل يحكي أن يسوع الناصري لما نزل به الخوف والضعف ظهر له ملاك من السماء ليقويه ويشد من أزره !!!
هذا ما يقوله لوقا في إنجيله : (( ثُمَّ انْطَلَقَ وَذَهَبَ كَعَادَتِهِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ التَّلاَمِيذُ أَيْضاً. 40وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمَكَانِ، قَالَ لَهُمْ: صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ 41وَابْتَعَدَ عَنْهُمْ مَسَافَةً تُقَارِبُ رَمْيَةَ حَجَرٍ، وَرَكَعَ يُصَلِّي 42قَائِلاً : يَاأَبِي، إِنْ شِئْتَ أَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ، لِتَكُنْ لاَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَتُكَ. وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ ليقويه. وَإِذْ كَانَ فِي صِرَاعٍ، أَخَذَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ إِلْحَاحٍ؛ حَتَّى إِنَّ عَرَقَهُ صَارَ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. )) [ لوقا 22 : 43 ]
فلماذا هذا الكفر بالله سبحانه وتعالى يا معاشر النصارى ؟ تتركون دعاء الله سبحانه وتعالى وتتجهون للمسيح المخلوق الضعيف ؟
ألم يقل يسوع الناصري : (( أنا لا أقدر أن أفعل شيئاً من نفسي )) [ يوحنا 5 : 30 ] . إن اللاشيء هو اللاشيء . إن يسوع ليست لديه القدرة على أن يفعل شيئاً بقدرته الذاتية . وقد نسب اليه قوله : (( دُفِعَ إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض )) [ متى 28 : 18 ] أي ان القدرة على فعل المعجزة ليست نابعة من المسيح ، ولكنها مدفوعة له من الله العلي القدير ( الذي أرسل المسيح ) . ولا شك أن الدافع هو غير المدفوع له .
ويزعم النصارى ان المسيح عبارة عن لاهوت اتحد بناسوت فصارا بالاتحاد شيئاً واحداً ، وإذا كان كذلك فلمن كان ظهور الملاك من السماء ؟
فإن قالوا ان الملاك ظهر ليقوي الناسوت ، أبطلوا الاتحاد إذ لم يبق ناسوت متميز عن لاهوت حتى يفتقر إلى التقوية والنصرة ، ثم ظهور الملاك من السماء لتقوية الناسوت يشعر بضعف اللاهوت عن تقوية الناسوت المتحد به حتى احتاج إلى التقوية ، وكيف يحتاج الإله إلى عبد من عبيده ليقويه وكل عباد الله إنما قوتهم بالله وحده ؟!!
أليس يسوع المسيح هو ابن الله المتجسد على الأرض فما حاجته لملاك مخلوق من السماء ليقويه ؟! أليس الأولى ان يقوي الجزء اللاهوتي فيه الجزء الناسوتي ؟!
أليس المتجسد على الأرض هو رب الأرباب وملك الملوك المساوي للآب في الجوهر ولاهوته لم يفارق ناسوته طرفة عين كما يقول الأرثوذكس ؟! فما حاجته لملاك مخلوق من السماء ليقويه ؟!!
أم ان القول بأن المسيح هو الله المتجسد هو افتراء واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ؟!
ثم ان كان المسيح بهذا الاتحاد المزعوم تصيبه عوارض البشر من الجوع والعطش والنوم والبكاء والحزن والخوف وغير ذلك فلا معنى لهذا الاتحاد ، فقد صار الاتحاد المنسوب للمسيح مجرد تسمية ساذجة عن المعنى .
هذا ويقول الله سبحانه وتعالى عن المسيح عيسى عليه السلام : (( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) [ المائدة: 75 ]
َقَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله : " كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَام " إِنَّهُ كِنَايَة عَنْ الْغَائِط وَالْبَوْل لأنه من كان يأكل الطعام لا بد له ان يخرج الفضلات ويتبول وبالتالي لقد كان المسيح عليه السلام يدخل الي الاماكن القذرة كالحمام ليقوم بهذه العملية وهذا يلزم ان يكون الله جل جلاله في هذه الاماكن القذرة والعياذ بالله وهذا لازم من أبطل اللوازم ومعلوم ان بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم .
ثم لا يخفى عليك أيها القارىء الفطن ما في هذا القول من دلالة مفحمة ، فهل الذي يتناول الطعام والشراب ويتبول ويتغوط يكون في مستوى إله متحد معه !!؟
والآن طبقاً للكتاب المقدس هل الله العظيم يكون إنسان ؟
إليك - أيها القارىء الكريم - بعض النصوص الواردة في الكتاب المقدس الواضحة الدلالة بأن الله سبحانه وتعالى لا يكون إنساناً :
1 ) ورد في سفر أخبار الأيام الثاني 6 : 18 عن الله : (( لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقّاً مَعَ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ؟ إِنْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ بَلِ السَّمَاوَاتُ الْعُلَى لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَحْرَى هَذَا الْهَيْكَلُ الَّذِي بَنَيْتُ! ))
2 ) وورد في سفر الملوك الأول 8 : 28 عن الله أيضاً : (( هل يسكن الله حقاً على الأرض؟ هو ذا السموات وسماء السموات لا تسعك )) وفي العدد 39 نجد : (( فاسمع أنت من السماء مكان سكناك ))
3 ) و جاء في سفر العدد 23 : 19 : (( ليس الله انسانا ))
4 ) وفي سفر هوشع 11 : 9 نجد قول الرب : (( لأني الله لا إنسان ، أنا القدوس ))
5 ) وفي سفر الخروج 33 : 20 نجد قول الرب لموسى : (( لا تقدر أن ترى وجهي لأن الانسان لا يراني ويعيش )) فإذا كان الانسان لا يستطيع أن يرى الله ويعيش فكيف الحال إذا ادعى مدع ان الله حل بإنسان ؟
6 ) وجاء في سفر صموئيل الأول 15 : 29 قوله عن الله : (( لأنه ليس إنساناً ليندم ))
7 ) وورد في سفر أيوب 9 : 32 قوله عن الله : (( لأنه ليس هو إنساناً مثلي فأجاوبه ))
8 ) والمدهش أن كتاب النصارى المقدس يحكي أن الله لا يتغير [ ملاخي 3 : 6 ] ، فإذا كان الرب لا يتغير فكيف آمن النصارى بأنه صار انساناً وأخلى نفسه كما يقول مؤسس المسيحية بولس ؟!
9 ) ثم أن الرب نفسه وضح في الكتاب المقدس بأن الاعتراف بأن إنسانا هو الله يعتبر تجديفا وكفراً [ تثنية 13 : 6_10 ]
ونقول للنصارى جدلاً :
انكم تزعمون ان الله حل بالعليقة وهي الشجرة التي خاطب منها الله موسى [ خروج 3 : 4 ] . . فهل يلزم من هذا الحلول أن نعبد العليقة ؟ بالطبع لا . .
وتقولون ان الله حل في الجبل وهو مسكن الرب كما جاء في المزمور [ 68 : 16]. . . فهل يلزم من هذا ان نعبد الجبل ؟ بالطبع لا . .
وتقولون ان الله حل بالمسيح . . فهل يلزم من هذا ان نعبد المسيح ؟ بالطبع لا . .
اذن القضية محسومة معكم . . ولا يمكن ان يعبد المسيح وان يكون هو الله بأي وجه من الوجوه . .
ونستخلص من نص إنجيل لوقا السابق ذكره الآتي :
( أ ) إذا كان أقنوم الابن متحداً بالمسيح وحالاً فيه فأي حاجة بعد ذلك لنزول الملك لتقوية المسيح .
( ب ) إذا كان المسيح يحتاج إلى تقوية من ذلك الملك فكيف يكون إلهاً ، وهو يفتقر إلى هذه التقوية من الملك .
( ج ) إذا كان هناك حلول من الله في المسيح فكيف احتاج المسيح إلى تقوية من الملك? لأن القول بهذه القضية يعني أن الملك كان أقوى من الله الحال في المسيح ، ولذلك نجح الملك في تقوية المسيح .
والخلاصة :
يتضح عدم سلامة أو استقامة القول بحلول الرب في المسيح بل هو باطل من اساسه .
ملاحظة :
من المعلوم ان الله جل جلاله كامل منزه عن النقائص ومن المعلوم ان اللوازم الباطلة محالة في حق الله الكامل ، فالله مثلاً لا يكذب ولا يظلم ولا ينام ولا ينسى ولا يندم ولا يموت .. الخ والمسيحيون يقرون بأن قداسة الله مطلقة وغير محدوده و ان أي خطية لا يمكن أن تظهر في محضره باعتبار مقامه الالهي السامي وقداسته وجلاله . فكيف إذن آمن المسيحيون بتجسده وتعليقه على الصليب وتحمله الآم الصليب . فأي خطايا أعظم من هذه في حق مقام الاله السامي وقداسته وجلاله ؟ .
إبليس يتسلط على يسوع الناصري 40 يوما :
يذكر كاتب إنجيل متى في الاصحاح الرابع من إنجيله ابتداء من الفقرة الأولى حكاية تجربة إبليس للمسيح والتي جاء فيها : أن إبليس كان يقود المسيح إلي حيث شاء فينقاد له . فتارة يقوده إلي المدينة المقدسة و يوقفه على جناح الهيكل وتارة يأخذه إلي جبل عال جداً . . . الخ
ونحن نسأل :
كيف يقبل عاقل سلمت فطرته على اعتقاد أن رب السموات والأرض تبارك وتعالى كان في جسد المسيح وكان هذا الجسد بهذه الحاله مع ابليس ؟!!
لقد حكمتم يا نصارى بإيمانكم هذا بأن الإله الخالق الحال في الجسد قد سحبه الشيطان ، وردده وجرت عليه أحكامه !
وقد كتب متى في [ 4 : 8 ] : ان إبليس أخذ المسيح إلي قمة جبل عال جداً ، وأراه جميع ممالك العالم ، وقال له : (( أعطيك هذه كلها إن جثوت وسجدت لي ! ))
فكيف يطمع إبليس في أن يسجد له وأن يخضع له من فيه روح اللاهوت . . . ؟ !
ومن العجب أن الشيطان لا يبقى ويثبت مع وجود الملك ، فكيف يطمع ويثبت فيمن يعتقد ربوبيته و أنه صورة الله ؟
وقد كتب متى أيضاً في [ 12 : 14 ] ومرقس في [ 3 : 6 ] أن الفريسيين تشاوروا على المسيح لكي يقتلوه ، فلما علم يسوع انصرف من مكانه . . . وكتب يوحنا في [ 11 : 53 ] : أن اليهود لما قرروا قتل المسيح فمن ذلك اليوم لم يعد المسيح يتجول بينهم جهاراً ، بل ذهب إلى مدينة اسمها أفرايم . . .
ولا يخفى عليك أيها القارىء الكريم من خلال هذين النصين أن انصراف المسيح كان هرباً من اليهود ، وأن رب العالمين حسب اعتقاد المسيحيين كان في جسد المسيح . . . فكيف يليق بخالق السموات والارض أنه كان في جسد وكان هذا الجسد يتجنب اليهود من مدينة إلى مدينة هرباً منهم !!
كيف يقبل الناس في القرن الحادي والعشرين _ عصر الحضارة والتطور والعلم والمدنية كما يقولون _ أن رب الارباب كان بهذه الصورة وكانت هذه أحواله مع هذا الجسد ؟!!
هل ينزل رب العالمين من عليائه ويحل في جسد بشري و أن هذا الجسد يساق من قبل اليهود ليحاكم ويلاقي أشد أنواع الاهانة والتحقير من ضرب وجلد وبصق واستهزاء كل ذلك ورب العالمين مالك الملك في هذا الجسد حسبما يؤمن المسيحيون ؟!
ويح أمة اتخذت نبيها إلهاً ، ووصفته بأنه جبار السموات والارض ، ثم تصفه بالذل و الهوان والضعف والاستسلام لأضعف خلقه ، وهم اليهود ، فأصبح هذا الاله الذي خلق الكون بما فيه وخلق كل البشر أسيرا مع هذا الجسد وأي إهانة أعظم من جعل الإله اللامحدود في جسد محدود ؟!
ألم يقل الكتاب : (( هل يسكن الله حقاً على الأرض؟ هو ذا السموات وسماء السموات لا تسعك )) ملوك الأول 8 : 28
ألم يقل الكتاب عن الرب : (( فاسمع أنت من السماء مكان سكناك )) ملوك الأول 8 : 39
فهل ترضي يا مسيحي أن يكون لك رباً نزل إلى الارض ليعيش ويمتزج برحم إمرأة كانت تأكل ، وتشرب ، وتبول ، وتتغوط ثم خرج من فرجها في صورة طفل يبكي ويحبو ويرضع ويتبول على نفسه، وتمر عليه سائر أطوار ومستلزمات الطفولة ثم يعامل معاملة المجرمين الخارجين عن القانون على أيدي اليهود القذرين ؟!
سبحانك ربنا لا إله إلا أنت نستغفرك، ونتوب إليك، ونعتذر لك عن كل ما لا يليق بك . .
إننا نقول للمبشرين إذا كان المسيح إلهاً لقيامه بالمعجزات فكان الواجب أن ينسبها لنفسه ، أما وقد ذكرت اناجيلكم أن عيسى كان ينسبها إلى الله فهذا يبطل زعمكم بألوهيته فقد كان المسيح قبل أن يقوم بالمعجزه يتوجه ببصره نحو السماء ويطلب الله ويشكره طبقاً لما جاء في إنجيل يوحنا [ 11 : 41 ] وإليك النص : (( وَرَفَعَ يَسُوع عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : أَيُّهَا الآبُ ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ))
ان قيام المسيح بأن رفع نظره نحو السماء هو فعل منافي للألوهية لأن هذا الفعل يأتيه الإنسان عادة عندما يطلب الإمداد السماوي من الله وهذا لا يتفق أبداً مع كون المسيح صورة الله وان الاب متحد معه ، كما يزعم المسيحيون .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .