والعجيب أن التوراة لم تقل أبداً أن إسماعيل ابن غير شرعي لإبراهيم، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلاً، فآثرت أن تزوجه بهاجر: "ادخل على جاريتي لعلّي أرزق منها بنين، فسمع أبرام لقول ساراي" (التكوين 16/1-4)، "فولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الّذي ولدته هاجر إسماعيل" (التكوين 16/15-16).
ثم كيف يدعي المؤمنون بالكتاب المقدس أن الله أمر إبراهيم بذبح إسحاق، وقد وعده الله أن يريه ذرية ونسلاً من إسحاق ، وهو لم يولد بعد، فإبراهيم يعلم أن ابنه إسحاق لن يموت ولن يذبح، لأنه سيكبر، وستكون له ذرية كما وعده الله "في كلّ ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنّه بإسحاق يدعى لك نسلٌ" (التكوين 21/12-13).
فقوله: " خذ ابنك وحيدك " حق، وكلمة " إسحاق " زيادة ولبسٌ للحق بالباطل.
ويشهد للتبديل قوله: " لم تمسك ابنك وحيدك عني " ( التكوين 22/12، 16 )، ولم يذكر فيه اسم إسحاق.
ومن التحريف أيضاً استبدال المترجمين كلمة الوحيد بالمفضل في بعض التراجم، وهو تحريف ولا ريب لأن النص العبراي استخدم كلمة (يخيداخا) ومعناها: الوحيد، وليس المفضل.
تحريف المترجمين
ولمترجمي الكتاب المقدس نصيبهم من التحريف الذي أضحى سمة لكل أولئك المؤتمنين على الكتاب المقدس، حيث يتلاعب هؤلاء بالنصوص، وهم يقومون بترجمتها، من صور هذا النوع من التحريف الصور التي نعرضها والتي توضح مقدار الحرية التي تعامل بها المترجمون مع النصوص التوراتية، إذ النص العربي يذكر اشتقاقات عربية لا يصح أن تكون في كتاب أصل لغته العبرية. ومن ذلك:
يقول سفر التكوين: " وولدت له قايين، وقالت: اقتنيت رجلاً من عند الرب " ( التكوين 4/1)، فكلمة " قايين" كما في قاموس الكتاب المقدس معناها: " حداد "، فالمناسبة معدومة بين الاقتناء أو الشراء، واسم قايين الذي يعني: حداد.
ثم ها هي أسفار العهد القديم تتهم القوم بتحريف التوراة، فحين كان بنو إسرائيل في بابل بدأ عزرا الكاتب في كتابة الأسفار الضائعة، والتي غابت عن بني إسرائيل طويلاً ، لكن النبي إرميا ، - وهو أحد أعظم أنبياء ما قبل السبي - نعى كثيراً على أولئك الأنبياء الكذبة الذين سُبوا إلى بابل ، وأخبر بانحرافهم وكذبهم على الله فيما ينسبونه إلى وحي الله، وقد وقع ذلك منه في نصوص عديدة، منها قوله: " قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبؤوا باسمي بالكذب قائلين : حلُمتُ، حلُمتُ " (إرميا 23/25 ).
ويقول: " كيف تقولون : نحن حكماء، شريعة الرب معنا حقاً، إنه إلى الكذب، حوَّلها قلم الكتبة الكاذب " ( إرميا 8/8 )، فقد حرفت كلمة الله بيد الكتبة الكذبة.
ويؤكد وقوع التحريف، ويتهدد بالعقوبة أولئك الذين مازالوا يتحدثون عن كلام الرب الذي حرفوه، فيقول: " وإذا سألك هذا الشعب أو نبي أو كاهن قائلاً: ما وحي الرب؟ فقل لهم: أي وحي؟ إني أرفضكم هو قول الرب، فالنبي أو الكاهن أو الشعب الذي يقول: وحي الرب أعاقب ذلك الرجل وبيته. هكذا تقولون، الرجل لصاحبه، والرجل لأخيه، بماذا أجاب الرب وماذا تكلم به الرب: أما وحي الرب فلا تذكروه بعد، لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه، إذ قد حرّفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا" (إرمياء 23/33-36).
ومثله وقع التحريف في سفره " فأخذ إرمياء درجاً آخر، ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب، فكتب فيه عن فم إرميا كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار، وزيد عليه أيضاً كلام كثير مثله " ( إرميا 36/32)، ولم يذكر السفر من الذي زاد على قول إرمياء النبي.
كما تحدث إرميا عن أولئك الذين يدعون النبوة، والرب لم يرسلهم: "قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم وعرافوكم، ولا تسمعوا لأحلامهم التي يتحلمونها، لأنهم يتنبؤون لكم باسمي الكذب، أنا لم أرسلهم يقول الرب " (إرميا 29/8 - 9).
ويواصل إرميا الحديث عن أولئك الذين رآهم يكتبون الكتب وينسبونها إلى الله، فيقول: "وصار في الأرض دَهَش وقشعريرة، الأنبياء يتنبؤون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب " ( إرميا 5/30 - 31 ). لقد تمالأ الجميع على هذا التحريف، الأنبياء الكذبة والكهنة والشعب اليهودي.
ويقول النبي إشعيا: " ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم في الظلمة، ويقولون : من يبصرنا، ومن يعرفنا ؟ يالتحريفكم " ( إشعيا 29/15 - 16 ).
وفي حزقيال " القائلون : وحي الرب. والرب لم يرسلهم .. وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين: وحي الرب، وأنا لم أتكلم " ( حزقيال 13/6 - 7 ).
وهكذا تعرض التوراة نوعين من التحريف : تحريف الكتبة الذين يدعون الوحي، وتحريف بني إسرائيل وهم يحرفون كلام الله الذي جاء على لسان أنبيائه.
لقد حصل ما توقعه موسى عليه السلام حين قال : " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم .. لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق " ( التثنية 31/24 - 29 ).
اعترافات بوقوع التحريف
ويعترف كبار المراجع النصرانية بوقوع التحريف والزيادة المستمرة حيث تقول لجنة الكتاب المقدس البابوية في مدخلها سنة 1948م: " يوجد ازدياد تدريجي في الشرائع الموسوية سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية ".
ويقول كيرت: " الكتاب المقدس المتداول حالياً لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله، ولقد اعترف علماء باحثون باللمسات البشرية في إعداد هذا الكتاب المقدس ".
ويقول جيمس جيستنج: " ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين، مما يتحتم معه دراسة جادة لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوماً".
ونختم بنقل ما قاله الناقد اليهودي الشهير اسبينوزا عن تحريف الأسفار التوراتية، حيث يقول : "لا يسلِّم معظم المفسرين بوقوع أي تحريف في النص ، حتى في الأجزاء الأخرى، ويقررون أن الله بعناية فريدة قد حفظ التوراة كلها من أي ضياع".
ويضيف: "أما اختلاف القراءات فهو في نظرهم علامة على أسرار في غاية العمق ، ويتناقشون بشأن النجوم الثمانية والعشرين الموجودة وسط إحدى الفقرات ، بل تبدو أشكال الحروف ذاتها وكأنها تحتوي على أسرار كبيرة، ولست أدري إن كان ذلك ناجماً عن اختلال العقل، وعن نوع من تقوى العجائز المخرفين، أم أنهم قالوا ذلك بدافع الغرور والخبث، حتى نعتقد أنهم وحدهم هم الأمناء على أسرار الله، ولكني أعلم فقط أني لم أجد مطلقاً أي شيء عليه سيما السر في كتبهم، ولم أجد فيها إلا أعمالاً صبيانية ". (1)
ثم كيف يدعي المؤمنون بالكتاب المقدس أن الله أمر إبراهيم بذبح إسحاق، وقد وعده الله أن يريه ذرية ونسلاً من إسحاق ، وهو لم يولد بعد، فإبراهيم يعلم أن ابنه إسحاق لن يموت ولن يذبح، لأنه سيكبر، وستكون له ذرية كما وعده الله "في كلّ ما تقول لك سارة اسمع لقولها، لأنّه بإسحاق يدعى لك نسلٌ" (التكوين 21/12-13).
فقوله: " خذ ابنك وحيدك " حق، وكلمة " إسحاق " زيادة ولبسٌ للحق بالباطل.
ويشهد للتبديل قوله: " لم تمسك ابنك وحيدك عني " ( التكوين 22/12، 16 )، ولم يذكر فيه اسم إسحاق.
ومن التحريف أيضاً استبدال المترجمين كلمة الوحيد بالمفضل في بعض التراجم، وهو تحريف ولا ريب لأن النص العبراي استخدم كلمة (يخيداخا) ومعناها: الوحيد، وليس المفضل.
تحريف المترجمين
ولمترجمي الكتاب المقدس نصيبهم من التحريف الذي أضحى سمة لكل أولئك المؤتمنين على الكتاب المقدس، حيث يتلاعب هؤلاء بالنصوص، وهم يقومون بترجمتها، من صور هذا النوع من التحريف الصور التي نعرضها والتي توضح مقدار الحرية التي تعامل بها المترجمون مع النصوص التوراتية، إذ النص العربي يذكر اشتقاقات عربية لا يصح أن تكون في كتاب أصل لغته العبرية. ومن ذلك:
يقول سفر التكوين: " وولدت له قايين، وقالت: اقتنيت رجلاً من عند الرب " ( التكوين 4/1)، فكلمة " قايين" كما في قاموس الكتاب المقدس معناها: " حداد "، فالمناسبة معدومة بين الاقتناء أو الشراء، واسم قايين الذي يعني: حداد.
ثم ها هي أسفار العهد القديم تتهم القوم بتحريف التوراة، فحين كان بنو إسرائيل في بابل بدأ عزرا الكاتب في كتابة الأسفار الضائعة، والتي غابت عن بني إسرائيل طويلاً ، لكن النبي إرميا ، - وهو أحد أعظم أنبياء ما قبل السبي - نعى كثيراً على أولئك الأنبياء الكذبة الذين سُبوا إلى بابل ، وأخبر بانحرافهم وكذبهم على الله فيما ينسبونه إلى وحي الله، وقد وقع ذلك منه في نصوص عديدة، منها قوله: " قد سمعت ما قالته الأنبياء الذين تنبؤوا باسمي بالكذب قائلين : حلُمتُ، حلُمتُ " (إرميا 23/25 ).
ويقول: " كيف تقولون : نحن حكماء، شريعة الرب معنا حقاً، إنه إلى الكذب، حوَّلها قلم الكتبة الكاذب " ( إرميا 8/8 )، فقد حرفت كلمة الله بيد الكتبة الكذبة.
ويؤكد وقوع التحريف، ويتهدد بالعقوبة أولئك الذين مازالوا يتحدثون عن كلام الرب الذي حرفوه، فيقول: " وإذا سألك هذا الشعب أو نبي أو كاهن قائلاً: ما وحي الرب؟ فقل لهم: أي وحي؟ إني أرفضكم هو قول الرب، فالنبي أو الكاهن أو الشعب الذي يقول: وحي الرب أعاقب ذلك الرجل وبيته. هكذا تقولون، الرجل لصاحبه، والرجل لأخيه، بماذا أجاب الرب وماذا تكلم به الرب: أما وحي الرب فلا تذكروه بعد، لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه، إذ قد حرّفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا" (إرمياء 23/33-36).
ومثله وقع التحريف في سفره " فأخذ إرمياء درجاً آخر، ودفعه لباروخ بن نيريا الكاتب، فكتب فيه عن فم إرميا كل كلام السفر الذي أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا بالنار، وزيد عليه أيضاً كلام كثير مثله " ( إرميا 36/32)، ولم يذكر السفر من الذي زاد على قول إرمياء النبي.
كما تحدث إرميا عن أولئك الذين يدعون النبوة، والرب لم يرسلهم: "قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الذين في وسطكم وعرافوكم، ولا تسمعوا لأحلامهم التي يتحلمونها، لأنهم يتنبؤون لكم باسمي الكذب، أنا لم أرسلهم يقول الرب " (إرميا 29/8 - 9).
ويواصل إرميا الحديث عن أولئك الذين رآهم يكتبون الكتب وينسبونها إلى الله، فيقول: "وصار في الأرض دَهَش وقشعريرة، الأنبياء يتنبؤون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب " ( إرميا 5/30 - 31 ). لقد تمالأ الجميع على هذا التحريف، الأنبياء الكذبة والكهنة والشعب اليهودي.
ويقول النبي إشعيا: " ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم في الظلمة، ويقولون : من يبصرنا، ومن يعرفنا ؟ يالتحريفكم " ( إشعيا 29/15 - 16 ).
وفي حزقيال " القائلون : وحي الرب. والرب لم يرسلهم .. وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين: وحي الرب، وأنا لم أتكلم " ( حزقيال 13/6 - 7 ).
وهكذا تعرض التوراة نوعين من التحريف : تحريف الكتبة الذين يدعون الوحي، وتحريف بني إسرائيل وهم يحرفون كلام الله الذي جاء على لسان أنبيائه.
لقد حصل ما توقعه موسى عليه السلام حين قال : " خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب إلهكم .. لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون وتزيغون عن الطريق " ( التثنية 31/24 - 29 ).
اعترافات بوقوع التحريف
ويعترف كبار المراجع النصرانية بوقوع التحريف والزيادة المستمرة حيث تقول لجنة الكتاب المقدس البابوية في مدخلها سنة 1948م: " يوجد ازدياد تدريجي في الشرائع الموسوية سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية ".
ويقول كيرت: " الكتاب المقدس المتداول حالياً لا يحتوي على التوراة والإنجيل المنزلين من الله، ولقد اعترف علماء باحثون باللمسات البشرية في إعداد هذا الكتاب المقدس ".
ويقول جيمس جيستنج: " ومع هذا فإننا نتوقع أن نجد خلال صفحات الكتاب المقدس بعض الأجزاء من التوراة والإنجيل الأصليين، مما يتحتم معه دراسة جادة لكي تجعل مضمون الكتاب المقدس مفهوماً".
ونختم بنقل ما قاله الناقد اليهودي الشهير اسبينوزا عن تحريف الأسفار التوراتية، حيث يقول : "لا يسلِّم معظم المفسرين بوقوع أي تحريف في النص ، حتى في الأجزاء الأخرى، ويقررون أن الله بعناية فريدة قد حفظ التوراة كلها من أي ضياع".
ويضيف: "أما اختلاف القراءات فهو في نظرهم علامة على أسرار في غاية العمق ، ويتناقشون بشأن النجوم الثمانية والعشرين الموجودة وسط إحدى الفقرات ، بل تبدو أشكال الحروف ذاتها وكأنها تحتوي على أسرار كبيرة، ولست أدري إن كان ذلك ناجماً عن اختلال العقل، وعن نوع من تقوى العجائز المخرفين، أم أنهم قالوا ذلك بدافع الغرور والخبث، حتى نعتقد أنهم وحدهم هم الأمناء على أسرار الله، ولكني أعلم فقط أني لم أجد مطلقاً أي شيء عليه سيما السر في كتبهم، ولم أجد فيها إلا أعمالاً صبيانية ". (1)