هل لغير الإسرائيليين خلاص ؟
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل، وأنه نهى تلاميذه عن دعوة غيرهم، وعليه فالخلاص أيضاً يجب أن يكون خاصاً بهم، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له: « ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً، فلم يجبها بكلمة واحدة، فتقدم إليه تلاميذه، وطلبوا إليه قائلين: اصرفها لأنها تصيح وراءنا، فأجاب وقال: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، فأتت وسجدت له قائلة: يا سيد أعني، فأجاب وقال: ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب.
فقالت: نعم يا سيد، والكلاب تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها. حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة عظيم إيمانك، وليكن لك كما تريدين، فشفيت ابنتها من تلك الساعة » متى 15/22 - 28 فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية وهو قادر عليه، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
ويوضح عبد الأحد داود - في كتابه الإنجيل والصليب - هذا المعنى بقوله: فها أنذا أقول لهؤلاء المسيحيين الذين يبلغ عددهم الملايين وهم ليسوا من الإسرائيليين: انظروا، إن مسيحكم لم يعرفكم قطعاً ولم ينقل عنه أنه قال عنكم حرفاً واحداً، بل إنه سمى غير الإسرائيليين كلاباً …. أتعلمون ماذا أنتم حسب شريعة موسى ؟ إن الذين لم يختتنوا إنما يعدون ملوثين نجساً .
ويقول أيضاً في تعليقه على قصة المرأة: المسيح لم يكن ليفدي أحداً بحياته، بل لم يكن يسمح بتقديم قلامة من أظفاره هدية للعالم، فضلاً عن أنه لم يتعهد للروس والإنجليز والأمريكيين بالنجاة، لأنه لم يعرفهم....
فكما كانت رسالته خاصة في بني إسرائيل، فإن خلاصه خاص ببني إسرائيل بدليل اشتراطهم الإيمان به لحصول الخلاص، وهو أمر لا دليل عليه حيث أن صلب المسيح وموته لا علاقة له بإيمان هؤلاء أو كفرهم، فالصلب قد تم من أجل الخطايا برمتها كما ذكرت النصوص ذلك غير مرة. انظر يوحنا 3/16 - 17، ويوحنا 1- 2/2..
والإصرار على نجاة المؤمنين فقط يجعل تجسد الإله نوعاً من العبث، فهو لم يؤد الدور الذي بعث من أجله، إذ عدد المؤمنين بمسألة الفداء أقل بكثير من المنكرين.
ويرد هنا سؤال: ما معنى قول بولس وهو يخاطب نصارى أهل كورنثوس فيقول: « إنه يتضايق لأجل خلاصهم » كورنثوس 2- 1/6 ، والمفروض أنهم قد خلصوا ونجوا فمم يخاف بولس عليهم ؟.