الدم المسفوح سبيل الكفارة
وليست مسألة المخلص فقط هي التي نقلها بولس عن الوثنيات، فقد تحدث أيضاً عن دم المسيح المسفوح فقال « يسوع الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه » رومية 3/25 ، ويقول « ونحن الآن متبررون بدمه » رومية 5/9 « أليست هي شركة دم المسيح » كورنثوس 1- 10/16
ويقول « أنعم بها علينا في المحبوب الذي فيه لنا الفداء، بدمه غفران الخطايا » أفسس 1/7 .
وفي موضع آخر يتحدث عن ذبح المسيح « لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا » كورنثوس 1- 5/7 .
ومثل هذه النصوص تكثر في رسائل بولس وغيرها من الرسائل لكن النصارى يتغافلون عن مسألة هامة هي أن المسيح لم يذبح، فالأناجيل تتحدث عن موت المسيح صلباً لا ذبحاً، الموت صلباً لا يريق الدماء، ولم يرد في الأناجيل أن المسيح نزلت منه الدماء سوى ما قاله يوحنا، وجعله بعد وفاة المسيح حيث قال «.. وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء » يوحنا 19/23 - 24 . وهو ليس ذبحاً بكل حال.
يقول ولز: « إنه لزام علينا أن نتذكر أن الموت صلباً لا يكاد يهرق من الدم أكثر مما يريقه الشنق، فتصوير يسوع في صورة المراق دمه من أجل البشرية إنما هو في الحقيقة من أشد العبارات بعداً عن الدقة » .
والنظرة إلى الله بأنه لا يرضى إلا بأن يسيل الدم نظرة قديمة موجودة عند اليهود وعند الوثنيين قبلهم، ففي التوراة تجد ذلك واضحاً في مثل « بنى نوح مذبحاً لله.. وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان » تكوين 8/20 - 21
« وبنى داود هناك مذبحاً للرب، وأصعد محرقات وذبائح سلامة، ودعا الرب، فأجابه بنار من السماء على مذبحة المحرقة » الأيام 1- 21/26 .
وهكذا فإن التصور اليهودي للإله مشبع برائحة الدم يقول آرثر ويجال: « نحن لا نقدر أطول من ذلك قبول المبدأ اللاهوتي المفزع الذي من أجل بعض البواعث الغامضة وجوب تضحية استرضائية، إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة، وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة » .
ويرى كامل سعفان في كتابه القيم- دراسة عن التوراة والإنجيل: أن ادعاء إهراق دم المسيح مأخوذ من الديانة المثراسية حيث كانوا يذبحون العجل ويأخذون دمه، فيتلطخ به الآثم، ليولد من جديد بعد أن سال عليه دم العجل الفدية.