ويقول معتبراً نفسه صاحب التعاليم الصحيحة للمسيح الذي لم يلقه: "إن أحد يعلم تعليماً آخر، لا يوافق كلمات ربنا يسوع المسيح الصحيحة، والتعليم الذي هو حسب التقوى فقد تصلف، وهو لا يفهم شيئاً، بل هو متعلل بمباحثات وممحاكات الكلام التي منها يحصل الحسد والخصام والافتراء والظنون المروجة، ومنازعات أناس فاسدي الذهن عادمي الحق، يظنون أن التقوى تجارة تجذب مثل هؤلاء" (تيموثاوس (1) 6/3-5)، ويقول مندداً بمخالفيه: "انظروا الكلاب، انظروا فعلة الشر..." (فيلبي 3/2).
وعلى هذا المنوال تمتلئ رسائله بالهجوم على معارضيه من النصارى، فيتهمهم بسائر أنواع التهم من كفر ونفاق ... (انظر كولوسي 4/10-11، فيلبي 2/19-31، تيطس 1/9-13، تيموثاوس (1) 1/3-7، 2/23، 6/20-34 ) وغيرها.
ويقول عن تلاميذ المسيح: "لكن بسبب الإخوة الكذبة، المدخلين خفية، الذين دخلوا اختلاساً ليتجسسوا حريتنا التي لنا في المسيح كي يستعبدونا، الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة.." (غلاطية 2/4-5)، ومما يؤكد أن قصده التلاميذ، لا غيرهم، قوله: " الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة".
وينال بولس من بعض تلاميذ المسيح الذين يقول عنهم المسيح: "ليس أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتكم، لتذهبوا وتأتوا بثمر، ويدوم ثمركم" (يوحنا 15/16)، لكن بولس ومدرسته لم تبق لهم ثمراً، ولم تخلد لهم فكراً ولا كتباً، فيما سوى بعض الصفحات القليلة.
ويتهم بولس بطرس كبير الحواريين بالرياء فيقول: "لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة، لأنه كان ملوماً ... راءى معه باقي اليهود أيضا، حتى إن برنابا انقاد إلى ريائهم، لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل قلت لبطرس قدام الجميع: إن كنت وأنت يهودي تعيش أممياً لا يهودياً! فلماذا تلزم الأمم أن يتهوّدوا ..." (غلاطية 2/11-14).
ويقول مندداً ومحذراً من أولئك الذين تركوا دعوته: "وأما الأقوال الباطلة الدنسة فاجتنبها، الذين ينصرفون إلى أكثر فجور ... الذين منهم هيمينايس وفيليتس الذين زاغا عن الحق" (تيموثاوس (2) 2/16).
خامساً: موقف برنابا من بولس
وأما موقف برنابا من بولس فهو في غاية الأهمية، إذ لبرنابا علاقة متميزة ببولس، إذ هو الذي قدمه للتلاميذ المتشككين في توبة شاول الذي اضطهد الكنيسة ثم ادعى النصرانية. (انظر أعمال 9/ 26)، ثم صحبه ست سنوات في رحلته التبشيرية في قبرص وأنطاكية، ثم اختلفا بعد ذلك، وانفصل كل منهما عن الآخر فما سبب الاختلاف؟
يقول سفر أعمال الرسل: "قال بولس لبرنابا: لنرجع ولنفتقد إخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم!، فأشار برنابا أن يأخذ معهما أيضاً يوحنا الذي يدعى مرقس، وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما (مرقس) ... لا يأخذانه معهما، فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر، وبرنابا أخذ مرقس وسافر في بحر قبرس" (أعمال 15/ 36-39).
ولكن هل يعقل أن يكون هذا هو السبب في مشاجرة برنابا وبولس؟
يرفض المحققون هذا التبرير، ويرون أن الأمر أكبر من ذلك، فهو كما يقول برنابا يعود إلى ضلالات بولس التي ينشرها في تبشيره، فقد جاء في مقدمة إنجيله: "كانوا عديمي التقوى والإيمان الذين ضلوا بدعوى التبشير بتعاليم المسيح ببث تعاليم أخرى شديدة الكفر، داعين المسيح ابن الله، ورافضين الختان الذي أمر به الله، مجوزين كل لحم نجس، الذين ضل في عدادهم بولس" (برنابا، المقدمة/2-7).
ويرفض المحققون ما جاء في أعمال الرسل في تحرير سبب الخصام بين برنابا وبولس، ويرونه محاولة لإخفاء السبب الحقيقي، وهو الذي ذكره برنابا في إنجيله.
ويستدلون لرأيهم بأنه لا يعقل أن ينفصل الصديقان ويتشاجران بسبب اختلافهما فيمن يرافقهما، خاصة أن بولس رضي فيما بعد برفقة مرقس، فقد أرسل إلى تيموثاوس يقول له: "خذ مرقس، وأحضره معك، لأنه نافع لي للخدمة" (تيموثاوس (2) 3/10).
وهو يوصي أخيراً فيقول: "يسلم عليكم استرخس المأسور معي، ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا، وإن أتى إليكم فاقبلوه" (كولوسي 3/10).
ورغم تراجع بولس عن عدم اصطحاب مرقس إلا أننا لم نسمع بتاتاً عن تحسن العلاقة بين بولس وبرنابا.
وقد اعترف القس بتر سمث بأن الخلاف بين الرجلين كان خلافاً فكرياً. (1)
إذن نستطيع القول بأن تلاميذ المسيح قد عارضوا دعوة بولس وقفوا في وجهها، ودليل ذلك اختفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور بولس، فقد اختفت كتاباتهم وحوربت، ولم ينج منها إلا إنجيل برنابا وإنجيل بطرس وإنجيل توما، إضافة إلى رسالة يعقوب المضمنة في رسائل العهد الجديد، والتي تمتلئ بمخالفة بولس وخاصة في مسألة الفداء.
…كما اختفى ذكر الحواريين والتلاميذ من أعمال الرسل إلا قليلاً، فلا نكاد نعرف شيئاً عن هؤلاء الذين أرسلهم المسيح وعن دعوتهم سوى ما نقل إلينا لوقا عن مقاومة أهل أنطاكية لتبشير بطرس المخالف لبولس، وعن رحلة برنابا مع بولس، ثم اختفاء ذكرهما من رسائل العهد الجديد بعد مشاجرتهما مع بولس.
وهكذا فالعهد الجديد وضعه بولس وتلاميذه، وأبعدوا عنه كل ما يعترض نهجه وأفكاره، وطال هذا الإبعاد تلاميذ المسيح ورسله وحملة دينه إلى أمته.
ومما سبق نستطيع القول أن دعوة بولس لم تلق ترحيباً من التلاميذ وأتباعهم الذين واجهوا فكره المنحرف بصرامة لم تمنعه من نشر أفكاره في آسيا بعيداً عن تلاميذ المسيح وأصفيائه الذين كانوا بحق حملة دينه والمبشرين بتعاليمه.
…
وعلى هذا المنوال تمتلئ رسائله بالهجوم على معارضيه من النصارى، فيتهمهم بسائر أنواع التهم من كفر ونفاق ... (انظر كولوسي 4/10-11، فيلبي 2/19-31، تيطس 1/9-13، تيموثاوس (1) 1/3-7، 2/23، 6/20-34 ) وغيرها.
ويقول عن تلاميذ المسيح: "لكن بسبب الإخوة الكذبة، المدخلين خفية، الذين دخلوا اختلاساً ليتجسسوا حريتنا التي لنا في المسيح كي يستعبدونا، الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة.." (غلاطية 2/4-5)، ومما يؤكد أن قصده التلاميذ، لا غيرهم، قوله: " الذين لم نذعن لهم بالخضوع ولا ساعة".
وينال بولس من بعض تلاميذ المسيح الذين يقول عنهم المسيح: "ليس أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتكم، لتذهبوا وتأتوا بثمر، ويدوم ثمركم" (يوحنا 15/16)، لكن بولس ومدرسته لم تبق لهم ثمراً، ولم تخلد لهم فكراً ولا كتباً، فيما سوى بعض الصفحات القليلة.
ويتهم بولس بطرس كبير الحواريين بالرياء فيقول: "لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة، لأنه كان ملوماً ... راءى معه باقي اليهود أيضا، حتى إن برنابا انقاد إلى ريائهم، لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل قلت لبطرس قدام الجميع: إن كنت وأنت يهودي تعيش أممياً لا يهودياً! فلماذا تلزم الأمم أن يتهوّدوا ..." (غلاطية 2/11-14).
ويقول مندداً ومحذراً من أولئك الذين تركوا دعوته: "وأما الأقوال الباطلة الدنسة فاجتنبها، الذين ينصرفون إلى أكثر فجور ... الذين منهم هيمينايس وفيليتس الذين زاغا عن الحق" (تيموثاوس (2) 2/16).
خامساً: موقف برنابا من بولس
وأما موقف برنابا من بولس فهو في غاية الأهمية، إذ لبرنابا علاقة متميزة ببولس، إذ هو الذي قدمه للتلاميذ المتشككين في توبة شاول الذي اضطهد الكنيسة ثم ادعى النصرانية. (انظر أعمال 9/ 26)، ثم صحبه ست سنوات في رحلته التبشيرية في قبرص وأنطاكية، ثم اختلفا بعد ذلك، وانفصل كل منهما عن الآخر فما سبب الاختلاف؟
يقول سفر أعمال الرسل: "قال بولس لبرنابا: لنرجع ولنفتقد إخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم!، فأشار برنابا أن يأخذ معهما أيضاً يوحنا الذي يدعى مرقس، وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما (مرقس) ... لا يأخذانه معهما، فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر، وبرنابا أخذ مرقس وسافر في بحر قبرس" (أعمال 15/ 36-39).
ولكن هل يعقل أن يكون هذا هو السبب في مشاجرة برنابا وبولس؟
يرفض المحققون هذا التبرير، ويرون أن الأمر أكبر من ذلك، فهو كما يقول برنابا يعود إلى ضلالات بولس التي ينشرها في تبشيره، فقد جاء في مقدمة إنجيله: "كانوا عديمي التقوى والإيمان الذين ضلوا بدعوى التبشير بتعاليم المسيح ببث تعاليم أخرى شديدة الكفر، داعين المسيح ابن الله، ورافضين الختان الذي أمر به الله، مجوزين كل لحم نجس، الذين ضل في عدادهم بولس" (برنابا، المقدمة/2-7).
ويرفض المحققون ما جاء في أعمال الرسل في تحرير سبب الخصام بين برنابا وبولس، ويرونه محاولة لإخفاء السبب الحقيقي، وهو الذي ذكره برنابا في إنجيله.
ويستدلون لرأيهم بأنه لا يعقل أن ينفصل الصديقان ويتشاجران بسبب اختلافهما فيمن يرافقهما، خاصة أن بولس رضي فيما بعد برفقة مرقس، فقد أرسل إلى تيموثاوس يقول له: "خذ مرقس، وأحضره معك، لأنه نافع لي للخدمة" (تيموثاوس (2) 3/10).
وهو يوصي أخيراً فيقول: "يسلم عليكم استرخس المأسور معي، ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا، وإن أتى إليكم فاقبلوه" (كولوسي 3/10).
ورغم تراجع بولس عن عدم اصطحاب مرقس إلا أننا لم نسمع بتاتاً عن تحسن العلاقة بين بولس وبرنابا.
وقد اعترف القس بتر سمث بأن الخلاف بين الرجلين كان خلافاً فكرياً. (1)
إذن نستطيع القول بأن تلاميذ المسيح قد عارضوا دعوة بولس وقفوا في وجهها، ودليل ذلك اختفاء ذكرهم عن عالم المسيحية بعد ظهور بولس، فقد اختفت كتاباتهم وحوربت، ولم ينج منها إلا إنجيل برنابا وإنجيل بطرس وإنجيل توما، إضافة إلى رسالة يعقوب المضمنة في رسائل العهد الجديد، والتي تمتلئ بمخالفة بولس وخاصة في مسألة الفداء.
…كما اختفى ذكر الحواريين والتلاميذ من أعمال الرسل إلا قليلاً، فلا نكاد نعرف شيئاً عن هؤلاء الذين أرسلهم المسيح وعن دعوتهم سوى ما نقل إلينا لوقا عن مقاومة أهل أنطاكية لتبشير بطرس المخالف لبولس، وعن رحلة برنابا مع بولس، ثم اختفاء ذكرهما من رسائل العهد الجديد بعد مشاجرتهما مع بولس.
وهكذا فالعهد الجديد وضعه بولس وتلاميذه، وأبعدوا عنه كل ما يعترض نهجه وأفكاره، وطال هذا الإبعاد تلاميذ المسيح ورسله وحملة دينه إلى أمته.
ومما سبق نستطيع القول أن دعوة بولس لم تلق ترحيباً من التلاميذ وأتباعهم الذين واجهوا فكره المنحرف بصرامة لم تمنعه من نشر أفكاره في آسيا بعيداً عن تلاميذ المسيح وأصفيائه الذين كانوا بحق حملة دينه والمبشرين بتعاليمه.
…