لكن ذلك لم يفت في عضد إيلتون الذي ما زال يعتبر إنجيل يوحنا مقدساً، لأنه " مهما كانت النظريات حول كاتب هذا الإنجيل، فإن ما يتضح لنا جلياً بأن كاتبه كان لديه فكرة الرسول، فإذا كتبه أحد تلاميذه فإنه بلا مراء كان مشبعاً بروحه.. ".
كما ذهب بعض المحققين إلى وجود أكثر من كاتب للإنجيل، منهم كولمان حين قال : " إن كل شيء يدفع إلى الاعتقاد بأن النص المنشور حالياً ينتمي إلى أكثر من مؤلف واحد، فيحتمل أن الإنجيل بشكله الذي نملكه اليوم قد نشر بواسطة تلاميذ المؤلف، وأنهم قد أضافوا إليه "، ومثله يقول المدخل لإنجيل يوحنا. (1)
ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري، ولا يعرف كاتبه الحقيقي، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون.
وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها:
اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة رغم أن موضوع الأناجيل الأربعة هو تاريخ وسيرة المسيح عليه السلام.
إذ تتشابه قصة المسيح في الأناجيل الثلاثة، بينما يظهر الإنجيل الرابع غريباً بينها.
فمثلاً : هو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص تأليه المسيح، بل هو كتب لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: " إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها، والسبب : أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح ".
ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية ( انظر يوحنا 8/1 - 11 ) والتي يقول عنها مدخل الرهبانية اليسوعية إلى هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت في زمن لاحق". وقد حذفت هذه القصة من النسخة الإنجليزية القياسية المراجعة (R. S. V)لاعتبارها عبارة دخيلة على الإنجيل. (1)
كما أن كثيراً من المحققين يعتقدون بأن الإصحاح الأخير ليس من تأليف مؤلف الإنجيل ، يقول كرونيس : " إن هذا الإنجيل كان عشرين باباً فألحقت كنيسة أفسس الباب الحادي والعشرين بعد موت يوحنا ". (2)
وهذا ما يعترف به كاتبو مقدمة الرهبانية اليسوعية، إذ اعتبرت الإصحاح العشرين خاتمة للإنجيل، واعتبرت الإصحاح الأخير ملحقاً بالإنجيل، وعنه تقول: "يظهر هذا الفصل الأخير، الوارد بعد خاتمة 20/30-31 بمظهر الملحق، ولا تزال مسألة مصدره موضوع نقاش .. وقد يكون هذا الفصل تكملة أضافها بعض تلاميذ يوحنا".
خامساً : رسائل العهد الجديد
يلحق بالأناجيل الأربعة عدد من الرسائل وهي : ( سفر أعمال الرسل - رسائل بولس الأربع عشر - رسالة يعقوب - رسالتا بطرس - رسائل يوحنا الثلاث - رسالة يهوذا - رؤيا يوحنا اللاهوتي).
أولاً : أعمال الرسل
ويتكون هذا السفر من ثمان وعشرين إصحاحاً، تتحدث عن الأعمال التي قام بها الحواريون والرسل الذي نزل عليهم روح القدس يوم الخمسين (انظر 2/1 - 4 )، من دعوة ومعجزات، كما يتحدث بإسهاب عن شاول ودعوته ورحلاته وقصة تنصره وبعض معجزاته.
أما مدخل الرهبانية اليسوعية فيقول: "لا شك أن الأدلة التي تنقض صحة نسبة الرسالة إلى بولس هي كثيرة .. فللمرء أن يعتقد أن الرسالة من إنشاء واحد من أصحاب بولس ، أما الاهتداء إلى اسم الكاتب على نحو أفضل فلا سبيل إلى طلبه .. فلابد آخر الأمر من التسليم بأننا نجهل اسم الكاتب".
ثالثاً : الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا اللاهوتي
وهذه الرسائل سبع رسائل ثلاث منها ليوحنا، وثنتان لبطرس، وواحدة لكل من يهوذا ويعقوب، ثم رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وعرف المحققون بأصحاب هذه الرسائل وهم من التلاميذ الاثني عشر.
فبطرس هو صياد سمك في كفر ناحوم، ويعرف بسمعان، ويرجح محررو قاموس الكتاب المقدس أنه كان من تلاميذ يوحنا المعمدان قبل أن يصحب المسيح، ويتقدم على سائر تلاميذه، وقد دعا في أنطاكية وغيرها، ثم قتل في روما في منتصف القرن الميلادي الأول.
ويذكر بطرس قرماج في " مروج الأخبار " أن بطرس ومرقس ينكران ألوهية المسيح.
وأما يعقوب فهو ابن زبدي الصياد - أخو يوحنا الإنجيلي - من المقربين للمسيح، وقد تولى رئاسة مجمع أورشليم سنة 34م، وقد كانت وفاته قتلاً على يد أغريباس الأول عام 44م على الأرجح، وقال آخرون : قتله اليهود حين طرحوه من جناح الهيكل ورموه بالحجارة سنة 62م.
وأما يهوذا فلا تقدم المصادر عنه تعريفاً سوى أن تذكر أنه اختلف فيه هل هو يهوذا أخو يعقوب الصغير أي أنه ابن زبدي، أم أنه الحواري الذي يدعى لباوس الملقب تداوس ؟ (1)
وهذه الرسائل تعليمية في محتوياتها، شخصية في طريقة تدبيجها، تحوي في مقدمتها اسم مؤلفها غالباً.
ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة العبرانيين، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره.
إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح، وإثبات سلطانه في السماء، وخضوع الملائكة له، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض.
وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة !! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.
وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيراً في هذا السفر. يقول ( كيس برسبتر الروم ) 212م: " إن سفر المشاهدات ( الرؤيا ) من تصنيف سرنتهن الملحد "، ومثله قاله ديونسيش من القدماء.
يقول لوثر: "إن هذا السفر لا يعلّم عن المسيح، ولا يشير إليه بوضوح، ولا يتضح فيه أنه من وحي الروح القدس".
وأما خلفه المصلح زونجلي فقد قال: "ليس لنا شأن بسفر الرؤيا، لأنه ليس سفراً كتابياً، فليس فيه طعم كتابات يوحنا .. وفي وسعي أن أرفضه".
ويعقب المفسر باركلي فيكتب: "وقد اشترك مع لوثر وزونجلي كثيرون".
كما نقل عن بعض المفسرين قولهم: "إن عدد الألغاز الموجودة في سفر الرؤيا يساوي عدد كلماته، وقال آخر: إن دراسة الرؤيا تصيب الإنسان بالخبل، أو إن الذي يحاول القيام بها مخبول".(1)
ويقول أوسابيوس: "قبل الجميع دون جدال أسفارنا المعروفة الآن ما خلا الرسالة إلى العبرانيين ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية وسفر الرؤيا ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة، فقد قبلها الجمهور، ولكن البعض شكّ فيها .. وأما رسالتا يوحنا فهما خطابان شخصيان يصعب برهنة صدق قانونيتهما".(1)
ونقل راجوس تكذيب علماء البروتستانت صحة نسبتها إلى الحواريين، ويقول جيمس ميك: إن الدلائل تثبت أن كاتب هذه الرسالة (رسالة يعقوب) ليس يعقوب.
وقال المؤرخ يوسي بيس في تاريخه: " ظُن أن هذه الرسالة جعلية، لكن كثيراً من القدماء ذكروها، وكذا ظُن في حق رسالة يهوذا، لكنها تستعمل في كثير من الكنائس".
وعن رسالة يهوذا يقول المحقق كروتيس في كتابه " تاريخ البيبل " : " هذه الرسالة رسالة يهوذا الأسقف الذي كان خامس عشر من أساقفة أورشليم في عهد سلطنة أيد دين "، فجعل هذا المحقق رسالة يهوذا من عمل أسقف عاش في القرن الثاني الميلادي.
كما لا تسلم الكنيسة السريانية حتى الآن بصحة الرسالة الثانية لبطرس، والثانية والثالثة ليوحنا، ويقول اسكالجر : من كتب الرسالة الثانية لبطرس فقد ضيع وقته. (2)
وعن كاتب رسالة بطرس الثانية تقول مقدمة الرسالة في نسخة الرهبانية اليسوعية: "لا يزال الرأي القائل أن كاتب الرسالة هو سمعان بطرس موضوعاً للنقاش، يثير كثيراً من المتاعب، فلا يحسن من جهة أن يُجعل شأن كبير للإشارات التي أخبر فيها الكاتب عن حياته ، والتي قال فيها أنه الرسول بطرس [أي كان المؤلف المجهول يكذب وهو يزعم أنه بطرس الرسول]، فإنها تعود إلى الفن الأدبي المعروف بالوصايا ... لا يبدو أن الكاتب ينتمي إلى الجيل المسيحي الأول ... ولما كان لا يسوغ الإفراط في تأخير تاريخ رسالة مشبعة على هذا النحو بالتقاليد اليهودية المسيحية يسوغ اقتراح نحو السنة 125م تاريخاً لإنشاء الرسالة، وهو تاريخ ينفي عنها نسبتها المباشرة إلى بطرس".
ويقول التفسير التطبيقي عنها : "لسنا على يقين من تاريخ كتابة هذه الرسالة أو لمن كتبت، كما أن كاتبها محل جدل كثير، وبسبب ذلك كانت [رسالة] بطرس الثانية آخر سفر يضم إلى الأسفار القانونية للعهد الجديد".
وعن قانونيتها تقول مقدمة الرسالة في نسخة الرهبانية اليسوعية: "إن كلاً من هذه الرسالة وسفر الرؤيا كان في العهد الجديد، السفر الذي لقي أكثر المصاعب ليُعترف به، فقد دخلت دخولاً بطيئاً إلى مجمل الكنائس .. ولم يعترف بها في معظم الكنائس إلا في القرن الخامس، واعترف بها في سورية في القرن السادس".
ونختم بقول المفسر الدكتور وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة كلاسكو: "أما مارتن لوثر فقد رفض أن يعطي هذا السفر [الرؤيا] مكاناً في العهد الجديد، وأضافه إلى أسفار أخرى هي رسائل يعقوب ويهوذا وبطرس الثانية والعبرانيين، واقترح أن يضيف هذه في نهاية العهد الجديد".(1)
كما ذهب بعض المحققين إلى وجود أكثر من كاتب للإنجيل، منهم كولمان حين قال : " إن كل شيء يدفع إلى الاعتقاد بأن النص المنشور حالياً ينتمي إلى أكثر من مؤلف واحد، فيحتمل أن الإنجيل بشكله الذي نملكه اليوم قد نشر بواسطة تلاميذ المؤلف، وأنهم قد أضافوا إليه "، ومثله يقول المدخل لإنجيل يوحنا. (1)
ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري، ولا يعرف كاتبه الحقيقي، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون.
وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها:
اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة رغم أن موضوع الأناجيل الأربعة هو تاريخ وسيرة المسيح عليه السلام.
إذ تتشابه قصة المسيح في الأناجيل الثلاثة، بينما يظهر الإنجيل الرابع غريباً بينها.
فمثلاً : هو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص تأليه المسيح، بل هو كتب لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: " إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها، والسبب : أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح ".
ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية ( انظر يوحنا 8/1 - 11 ) والتي يقول عنها مدخل الرهبانية اليسوعية إلى هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت في زمن لاحق". وقد حذفت هذه القصة من النسخة الإنجليزية القياسية المراجعة (R. S. V)لاعتبارها عبارة دخيلة على الإنجيل. (1)
كما أن كثيراً من المحققين يعتقدون بأن الإصحاح الأخير ليس من تأليف مؤلف الإنجيل ، يقول كرونيس : " إن هذا الإنجيل كان عشرين باباً فألحقت كنيسة أفسس الباب الحادي والعشرين بعد موت يوحنا ". (2)
وهذا ما يعترف به كاتبو مقدمة الرهبانية اليسوعية، إذ اعتبرت الإصحاح العشرين خاتمة للإنجيل، واعتبرت الإصحاح الأخير ملحقاً بالإنجيل، وعنه تقول: "يظهر هذا الفصل الأخير، الوارد بعد خاتمة 20/30-31 بمظهر الملحق، ولا تزال مسألة مصدره موضوع نقاش .. وقد يكون هذا الفصل تكملة أضافها بعض تلاميذ يوحنا".
خامساً : رسائل العهد الجديد
يلحق بالأناجيل الأربعة عدد من الرسائل وهي : ( سفر أعمال الرسل - رسائل بولس الأربع عشر - رسالة يعقوب - رسالتا بطرس - رسائل يوحنا الثلاث - رسالة يهوذا - رؤيا يوحنا اللاهوتي).
أولاً : أعمال الرسل
ويتكون هذا السفر من ثمان وعشرين إصحاحاً، تتحدث عن الأعمال التي قام بها الحواريون والرسل الذي نزل عليهم روح القدس يوم الخمسين (انظر 2/1 - 4 )، من دعوة ومعجزات، كما يتحدث بإسهاب عن شاول ودعوته ورحلاته وقصة تنصره وبعض معجزاته.
أما مدخل الرهبانية اليسوعية فيقول: "لا شك أن الأدلة التي تنقض صحة نسبة الرسالة إلى بولس هي كثيرة .. فللمرء أن يعتقد أن الرسالة من إنشاء واحد من أصحاب بولس ، أما الاهتداء إلى اسم الكاتب على نحو أفضل فلا سبيل إلى طلبه .. فلابد آخر الأمر من التسليم بأننا نجهل اسم الكاتب".
ثالثاً : الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا اللاهوتي
وهذه الرسائل سبع رسائل ثلاث منها ليوحنا، وثنتان لبطرس، وواحدة لكل من يهوذا ويعقوب، ثم رؤيا يوحنا اللاهوتي.
وعرف المحققون بأصحاب هذه الرسائل وهم من التلاميذ الاثني عشر.
فبطرس هو صياد سمك في كفر ناحوم، ويعرف بسمعان، ويرجح محررو قاموس الكتاب المقدس أنه كان من تلاميذ يوحنا المعمدان قبل أن يصحب المسيح، ويتقدم على سائر تلاميذه، وقد دعا في أنطاكية وغيرها، ثم قتل في روما في منتصف القرن الميلادي الأول.
ويذكر بطرس قرماج في " مروج الأخبار " أن بطرس ومرقس ينكران ألوهية المسيح.
وأما يعقوب فهو ابن زبدي الصياد - أخو يوحنا الإنجيلي - من المقربين للمسيح، وقد تولى رئاسة مجمع أورشليم سنة 34م، وقد كانت وفاته قتلاً على يد أغريباس الأول عام 44م على الأرجح، وقال آخرون : قتله اليهود حين طرحوه من جناح الهيكل ورموه بالحجارة سنة 62م.
وأما يهوذا فلا تقدم المصادر عنه تعريفاً سوى أن تذكر أنه اختلف فيه هل هو يهوذا أخو يعقوب الصغير أي أنه ابن زبدي، أم أنه الحواري الذي يدعى لباوس الملقب تداوس ؟ (1)
وهذه الرسائل تعليمية في محتوياتها، شخصية في طريقة تدبيجها، تحوي في مقدمتها اسم مؤلفها غالباً.
ورغم ذلك فإن نسبة هذه الرسائل كانت محل جدل طويل في قرون النصرانية الأولى، وينطبق على أكثرها ما ذكرناه في رسالة العبرانيين، حيث تأخر الاعتراف إلى أواسط القرن الرابع الميلادي برسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة ورسالتي يعقوب ويهوذا، ورؤيا يوحنا اللاهوتي الذي كان موضع جدل كبير قبل إقراره.
إذ يحوي هذا السفر رؤيا منامية غريبة هدفها تقرير ألوهية المسيح، وإثبات سلطانه في السماء، وخضوع الملائكة له، إضافة إلى بعض التنبؤات المستقبلية التي صيغت بشكل رمزي وغامض.
وهذه الرؤيا رآها يوحنا في منامه وهي مسطرة في سبعة وعشرين صفحة !! ومثل هذا يستغرب في المنامات ولا يعهد.
وقد شكك آباء الكنيسة الأوائل كثيراً في هذا السفر. يقول ( كيس برسبتر الروم ) 212م: " إن سفر المشاهدات ( الرؤيا ) من تصنيف سرنتهن الملحد "، ومثله قاله ديونسيش من القدماء.
يقول لوثر: "إن هذا السفر لا يعلّم عن المسيح، ولا يشير إليه بوضوح، ولا يتضح فيه أنه من وحي الروح القدس".
وأما خلفه المصلح زونجلي فقد قال: "ليس لنا شأن بسفر الرؤيا، لأنه ليس سفراً كتابياً، فليس فيه طعم كتابات يوحنا .. وفي وسعي أن أرفضه".
ويعقب المفسر باركلي فيكتب: "وقد اشترك مع لوثر وزونجلي كثيرون".
كما نقل عن بعض المفسرين قولهم: "إن عدد الألغاز الموجودة في سفر الرؤيا يساوي عدد كلماته، وقال آخر: إن دراسة الرؤيا تصيب الإنسان بالخبل، أو إن الذي يحاول القيام بها مخبول".(1)
ويقول أوسابيوس: "قبل الجميع دون جدال أسفارنا المعروفة الآن ما خلا الرسالة إلى العبرانيين ورسالة يعقوب ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية وسفر الرؤيا ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة، فقد قبلها الجمهور، ولكن البعض شكّ فيها .. وأما رسالتا يوحنا فهما خطابان شخصيان يصعب برهنة صدق قانونيتهما".(1)
ونقل راجوس تكذيب علماء البروتستانت صحة نسبتها إلى الحواريين، ويقول جيمس ميك: إن الدلائل تثبت أن كاتب هذه الرسالة (رسالة يعقوب) ليس يعقوب.
وقال المؤرخ يوسي بيس في تاريخه: " ظُن أن هذه الرسالة جعلية، لكن كثيراً من القدماء ذكروها، وكذا ظُن في حق رسالة يهوذا، لكنها تستعمل في كثير من الكنائس".
وعن رسالة يهوذا يقول المحقق كروتيس في كتابه " تاريخ البيبل " : " هذه الرسالة رسالة يهوذا الأسقف الذي كان خامس عشر من أساقفة أورشليم في عهد سلطنة أيد دين "، فجعل هذا المحقق رسالة يهوذا من عمل أسقف عاش في القرن الثاني الميلادي.
كما لا تسلم الكنيسة السريانية حتى الآن بصحة الرسالة الثانية لبطرس، والثانية والثالثة ليوحنا، ويقول اسكالجر : من كتب الرسالة الثانية لبطرس فقد ضيع وقته. (2)
وعن كاتب رسالة بطرس الثانية تقول مقدمة الرسالة في نسخة الرهبانية اليسوعية: "لا يزال الرأي القائل أن كاتب الرسالة هو سمعان بطرس موضوعاً للنقاش، يثير كثيراً من المتاعب، فلا يحسن من جهة أن يُجعل شأن كبير للإشارات التي أخبر فيها الكاتب عن حياته ، والتي قال فيها أنه الرسول بطرس [أي كان المؤلف المجهول يكذب وهو يزعم أنه بطرس الرسول]، فإنها تعود إلى الفن الأدبي المعروف بالوصايا ... لا يبدو أن الكاتب ينتمي إلى الجيل المسيحي الأول ... ولما كان لا يسوغ الإفراط في تأخير تاريخ رسالة مشبعة على هذا النحو بالتقاليد اليهودية المسيحية يسوغ اقتراح نحو السنة 125م تاريخاً لإنشاء الرسالة، وهو تاريخ ينفي عنها نسبتها المباشرة إلى بطرس".
ويقول التفسير التطبيقي عنها : "لسنا على يقين من تاريخ كتابة هذه الرسالة أو لمن كتبت، كما أن كاتبها محل جدل كثير، وبسبب ذلك كانت [رسالة] بطرس الثانية آخر سفر يضم إلى الأسفار القانونية للعهد الجديد".
وعن قانونيتها تقول مقدمة الرسالة في نسخة الرهبانية اليسوعية: "إن كلاً من هذه الرسالة وسفر الرؤيا كان في العهد الجديد، السفر الذي لقي أكثر المصاعب ليُعترف به، فقد دخلت دخولاً بطيئاً إلى مجمل الكنائس .. ولم يعترف بها في معظم الكنائس إلا في القرن الخامس، واعترف بها في سورية في القرن السادس".
ونختم بقول المفسر الدكتور وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة كلاسكو: "أما مارتن لوثر فقد رفض أن يعطي هذا السفر [الرؤيا] مكاناً في العهد الجديد، وأضافه إلى أسفار أخرى هي رسائل يعقوب ويهوذا وبطرس الثانية والعبرانيين، واقترح أن يضيف هذه في نهاية العهد الجديد".(1)